كيف تدافع عن نفسك عندما تواجه تهديداً مباشراً؟

هل سبق لك أن وجدت نفسك متجمداً تماماً في لحظة تريد فيها الدفاع عن نفسك؟ وبعد ذلك، تفكر في كل الأشياء التي كان من الممكن قَولها؟ يوجد في الواقع تفسير علمي لسبب حدوث ذلك. هذا المقال مأخوذ عن المدونة إليسا وينزيمر (Elissa Weinzimmer)، والذي تحدثنا فيه عن كيفية الدفاع عن نفسك.

عندما نواجه تهديداً مباشراً، يصبح جهازنا العصبي غير منظم، حيث يمكن أن يكون ذلك التهديد ببساطة تحدث مديرنا إلينا بحزم بشأن تفويت الموعد النهائي للعمل، لكن من الناحية التطورية، سيتعامل جهازنا العصبي مع هذا الحدث كما لو أنَّ حيواناً مفترساً يتأهب للهجوم علينا.

وفقاً للدكتور ستيفن بورجيس (Stephen Porges)، مؤلف نظرية بولي فيغال (polyvagal) -وهي نظرية ترتبط بعلم الأعصاب، وتتمحور حول دور السلوك اللاإرادي في تنظيم الحالات العاطفية والسلوكات الاجتماعية- يمكن أن يؤدي اضطراب الجهاز العصبي هذا إلى طريقين؛ ففي جميع الحالات، عندما نواجه تهديداً، سنحفِّز أولاً استجابة الكَر أو الفَر، وسيخفق قلبنا بسرعة، وتنشط غددنا العرقية، ويضيق مجال رؤيتنا.

وإذا كان التهديد شديداً أو استمر لفترة طويلة، فقد نتعرض لمزيد من الانهيار ونسقط في حالة من الجمود.

في كلتا الحالتين، سواء أكُنَّا في حالة الكر أو الفر أم الجمود والانهيار، فإنَّ عقولنا لديها قدرة قليلة جداً على التماسك والتواصل، هذا لأنَّ جسدنا يهتم بسلامتنا.

إليك معلومة هامة يجب معرفتها أيضاً، حالات الاضطراب هذه ليست شيئاً سيئاً؛ في الواقع، لقد تطورت لمساعدتنا على البقاء على قيد الحياة، ولكن عندما نشعر بالقلق، لا يمكننا الدفاع عن أنفسنا بسهولة.

تأكد من سلامتك أولاً:

بعد معرفة كل شيء ناقشناه للتو، أولاً وقبل كل شيء، يرجى مسامحة نفسك إذا مرت لحظات لم تدافع فيها عن نفسك، واسأل نفسك: هل كنت أحاول البقاء على قيد الحياة أو البقاء آمناً في تلك اللحظة؟

إذا كانت الإجابة بنعم، فلا عجب إذا تعرضت للجمود بدلاً من الدفاع عن نفسك؛ لذا سامح نفسك، فلديك جهاز عصبي يعمل بشكل جيد.

لنتحدث بصدق، يجب أن نشعر بالأمان، فإذا لم تكن تشعر بالأمان مع مديرك أو صديقك أو شريك حياتك أو أحد أفراد الأسرة، وما إلى ذلك، فسوف تواجه صعوبة في الدفاع عن نفسك.

ولكن لحسن الحظ، هناك أمران إيجابيان في ذلك:

  • أفضل طريقة لممارسة هذه المهارة، خاصة في البداية، هي بعد وقوع الحادثة.
  • كلما مارست هذه المهارة أكثر، زادت قدرتك على استخدامها في اللحظة التي تقع فيها المشكلة مع مرور الوقت.

لذا، يمكنك الذَّهاب إلى بيئة آمنة لتتدرَّب فيها، وتتعلم كيف تدافع عن نفسك.

عملية ارتباط الجسد بالصوت:

بصفتي كوتش للصوت والحركة، فقد درَّستُ الصوت والممارسات الجسدية لأكثر من عقد؛ فلمساعدتك على الدفاع عن نفسك في أي موقف، سأقدم لك ما أسميه “عملية ارتباط الجسد بالصوت”.

أنشأتُ هذه العملية على مر السنين من خلال الجمع بين المعرفة والأساليب والمسرح والتربية الغنائية ونظرية التواصل وعلم الكلام وممارسة اليوجا والفلسفة وعلم النفس، وخاصة كتاب بوني بينبريدج كوهين (Bonnie Bainbridge Cohen) “تمركز العقل والجسد” (Body-Mind Centering).

إليك ما يجب فعله: ركِّز في لحظة معينة تريد فهمها بعمق أكبر، يمكن أن تكون هذه اللحظة الآن أو لحظة تتذكرها من الماضي. (إذا كانت من الماضي، تخيل الأسئلة التالية بصيغة الماضي).

الخطوة 1 “الإحساس”:

ما هو أقوى إحساس تشعر به في جسدك الآن؟

نبدأ بهذا السؤال الأول والأساسي؛ فكما يُعلِّمُنا البحث الذي أجراه المؤلف بيسيل فان دير كولك (Bessel van der Kolk)، تحافظ أجسامنا على النتيجة؛ وقبل أن تتمكن من الدفاع عن نفسك، عليك معرفة ما تشعر به بالفعل، ولفهم ما تشعر به، ابدأ بجسدك؛ إذ يمكنك أن تقول مثلاً: “في الوقت الحالي، قلبي ينبض بسرعة كبيرة”.

تأكد من إبقاء إجابتك مركَّزة على جسدك.

الخطوة 2 “الحافز”:

ما هو في اعتقادك الحافز الذي قادك إلى الشعور بهذا الإحساس؟

من المحتمل أن يكون هذا جملة بسيطة للغاية حول ما حدث؛ إذ يجب عليك أن تبقيه بسيطاً، وإلا قد تضيع بين أفكارك.

مثال: “أعتقد أن السبب وراء إحساسي هو أن مديري وبَّخني لعدم التقيُّد بالموعد النهائي”.

الخطوة 3 “المشاعر”:

ما هو شعورك حيال ملاحظة كل ذلك؟

الخطوة التالية هي الاستفادة من مشاعرك؛ وإذا لم تكن متأكداً من شعورك، فإليك بعض المشاعر الأساسية: الغضب والخوف والحزن والسعادة والإثارة والاشمئزاز والحنان، وضع في حسبانك أنَّه من الطبيعي المرور بمجموعة من المشاعر، ويمكنك تضمينها جميعاً.

مثال: “جعلني ذلك أشعر بالغضب والخوف”.

الخطوة 4 “الرغبات”:

هل لديك أي رغبات تتعلق بكل ما لاحظته للتو؟

بعد ذلك، يمكنك ملاحظة أي رغبات قد تظهر من كل هذا؛ ففي بعض الأحيان، قد تخفي الرغبات السطحية رغبات أعمق لذا إذا كنت مرتبكاً، فضع في حسبانك أنَّ رغبات البشر تنبع من الحاجة إلى الأمان والراحة والحب والتقدم.

مثال: “ما أريده حقاً هو بعض الدعم لإنجاز كل عملي ومعرفة أنَّني ما زلت أحتفظ بوظيفتي”.

الخطوة 5 “الحضور”:

الخطوة الانتقالية التي ستساعدك على الشعور بالراحة في الدفاع عن نفسك.

جزء من سبب عدم قدرتنا على الدفاع عن أنفسنا في اللحظة التي يحدث فيها أمر ما هو أنَّنا لسنا حاضرين حقاً، هذه في الأساس طريقة أخرى للقول أنَّ نظامنا العصبي غير منظم؛ فإذا كان التفكير في كل هذا قد جعلك مضطرباً بأي شكل من الأشكال مرة أخرى، فخذ بضع لحظات للتنفس.

واحدة من أفضل الطرائق للتأكد من أنَّك حاضر هي إغماض عينيك والتركيز على الألوان والأشكال من حولك، وكلما تحسَّنت أكثر، ستتمكن من تنفيذ هذه العملية بسرعة عند حدوث أي أمر.

الخطوة 6 “التعبير”:

مشاركة صوتك.

الشيء المدهش في كل ما فعلته حتى الآن هو أنَّك سمحت لنفسك بالتعبير عن ذاتك، فإذا جمعنا جميع الأمثلة السابقة، سنحصل على النص الآتي:

“في الوقت الحالي، قلبي ينبض بسرعة كبيرة، وأعتقد أن السبب وراء إحساسي هو أنَّ مديري وبَّخني لعدم التقيُّد بالموعد النهائي، مما جعلني أشعر بالغضب والخوف، وما أريده حقاً هو بعض الدعم لإنجاز كل عملي ومعرفة أنَّني ما زلت أحتفظ بوظيفتي”.

لكن أنت لن تقول ذلك بالضبط لمديرك في العمل، فكل ذلك ليس ضرورياً، لكن ربما تقول له في وقت لاحق شيئاً مثل:

“عندما تحدثت معي سابقاً بخصوص عدم تقيدي بالموعد النهائي، شعرت بالضيق، وأريد إخبارك أنَّه كان لدي الكثير من العمل لإنجازه، وأحتاج إلى مزيد من الدعم لألتزم بالمواعيد النهائية الحالية، وأريد التَّفوُّق في هذه الوظيفة حتى نشعر أنا وأنت بالأمان”.

فهذا عظيم حقاً وسليمٌ للغاية، فأنت لا تغضب من مديرك في العمل بسبب فورة غضب، بل أنت ببساطة تتحدث بصدق.

الخطوة 7 “التواصل”:

إجراء محادثة حقيقية.

بعد أن تعبِّر عن نفسك، من الهام ترك مساحة لترى التأثير الذي أحدثته على الشخص أو الأشخاص الذين تتواصل معهم؛ فهنا تبدأ بمحادثة حقيقية، ويؤتي الدفاع عن نفسك ثماره.

ضع في حسبانك أنَّ هذه العملية التي مررنا بها للتو قد تستمر إلى ما لا نهاية، وقد تحتاج باستمرار إلى العودة إلى أحاسيسك الجسدية؛ لمعرفة ما تشعر به وما تريد قوله بعد ذلك، فافعل ذلك حتى تتمكن من الدفاع عن نفسك، وليس التحدث نيابة عن أي شخص آخر.

كيف سيغير ذلك حياتك؟

قد تلاحظ أنَّه عندما نستخدم كلمة “مشاعر”، يمكن أن نشير إلى عدة أشياء: أحاسيسنا الجسدية وأفكارنا وعواطفنا وحتى رغباتنا.

تفصل عملية ارتباط الجسد بالصوت هذه الجوانب المختلفة لمشاعرنا لتكون واضحة أمامنا؛ وعندما نستخدم هذه العملية للتدرب على الشعور بالأمان وتوضيح مشاعرنا، سنكون أفضل في الدفاع عن أنفسنا؛ وكلما مارست هذه العملية أكثر، عرفت ما ستقوله بأكثر الطرائق لطفاً وأكثرها فاعلية.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!