لماذا لا تعد آراء الآخرين هامة؟

لا طائل من خوض المناقشات لمعرفة ما إذا كانت وجهات النظر جيدة أم سيئة. ففي الواقع، إذا بحثت عن وجهات النظر، وسألت شخصاً ما عن وجهة نظره أو رأيه فيك، يمكن أن يتسبب ذلك بحدوث خلافٍ وسوء فهمٍ ومناقشاتٍ طويلة؛ لا سيَّما إن كنت مشوَّش العواطف والمشاعر، ولا تهتم كثيراً بما يقوله الآخرون عنك، فقد تجد نفسك وعلاقاتك مع الآخرين تنهار.

Share your love

غالباً ما يُسيء الناس تفسير وجهات النظر على أنَّها مجرد حقائق، بسبب الطريقة التي تُعرض بها. على سبيل المثال، لاحظ أنَّك ترفع نبرة صوتك في أثناء الإدلاء بآرائك، كما لو أنَّ هناك حاجة إلى إبرازها بسبب افتقارها إلى المصداقية؛ كما تُعدُّ الآراء ضعيفة جداً لأنَّها تركز على ما يعتقده الفرد، متجاهلةً مبدأي الاتفاق والإجماع، وهذا هو السبب في أنَّنا غالباً ما نبدأ أقوالنا بمصطلحات مثل “أظن” أو “أعتقد”، والتي تشير إلى الشك الذاتي أو إطلاق الأحكام الشخصية. ولكن كيف يمكننا التمييز بين الحقائق والآراء؟

من الواضح أنَّ الحقائق هي ادعاءات قابلة للقياس، ويمكن تصنيفها على أنَّها صحيحة أو غير صحيحة؛ لذا تُذكَر الحقائق بصورة إيجابية، وبثقة متواضعة وبوضوح، وذلك لأنَّ الحقائق غالباً ما تُستنتج من الأدلة أو الخبرات الشخصية أو الأبحاث ذات الصلة.

من ناحية أخرى، الرأي هو طرح شخصي لأفكار أو مشاعر شخص ما، قد تكون واقعية وقد لا تكون كذلك. وعادةً ما يتشكل الرأي على أساس الإدراك، أي كيف يرى شخص ما أمراً ما؛ لذلك فهو ليس أمراً ثابتاً مثل الحقائق الواقعية. في حالات نادرة، قد تكون الآراء مبنية على حقائق، لكنَّها غالباً ما تهدف إلى تضليل الآخرين عن قصد. وبسبب ذلك، يجب أن يكون المرء مدركاً نيَّته واللغة المستخدمة ونبرة الصوت في أثناء التعبير عن آرائه، حيث قد يختلف تفسيرها من شخص لآخر.

إنَّ نبرة صوت المرء أمر مهم جداً في أثناء إلقاء أيِّ خطاب، وغالباً ما يُتغاضى عنها في المناقشات، لأنَّ الجميع يقضي وقتاً رائعاً في تبادل الحكايات والقصص. ومع ذلك، كما يقول المثل: كل الأمور ممتعة ومسلية حتى يتأذى أو يهان أحدهم. في معظم التفاعلات اللفظية، لا يكفي إعداد ما سنقوله بعناية فحسب، بل يجب إعداد طريقة تقديمه والانطباع الذي سيتركه في المتلقِّي. وإذا شعرت أنَّك مضطر إلى التعبير عن رأيك في أيِّ موقف، فتأكد ابتداءً من أنَّ الظروف تستحق ذلك.

شاهد بالفديو: 20 نصيحة لإتقان فن الحديث والحوار مع الآخرين

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/zZoUm-z46gI?rel=0&hd=0″]

لا تُعدُّ الآراء ذات أهمية؛ إذ لو نظرت إليها من الناحية الثقافية، ستجد أنَّ الأشخاص من حولك سيطلقون تقييماتهم عليك مهما فعلت وأينما ذهبت، وحتى إذا بنيت نفسك لتكون الشخص الذي يريده المجتمع، فستبقى موضع تقييم خلال كل خطوة وابتسامة وفعل تقوم به.

على سبيل المثال، إذا حصلت على درجات عالية في الجامعة، ستُصنَّف على أنَّك ناجح، وإذا حصلت على درجات ضعيفة، فستُصنَّف على أنَّك شخص فاشل. وقد يصفك بعضهم بأنَّك شخص زائف إذا كنت مهذباً جداً مع الآخرين، ومغرور إذا كنت تحب قضاء الوقت بمفردك. تحدث هذه المعضلة التقليدية يومياً، ولسوء الحظ، بسبب الآراء المنتشرة في كل مكان، فقد يبدو الأمر كما لو أنَّ الحقائق لا تهم معظم الناس.

تتطلب المناقشات الحقيقية الاحترام المتبادل، وتبادل الأدوار، والموافقة على الاختلافات، ويجب أن تلتزم بمعايير مبدأ التهذيب الذي وضعته العالمة اللغوية روبن لاكوف (Robin Lakoff)، والتي حددت 3 مبادئ يجب أن تحكم كل مناقشة من أجل منع الخلافات والسلبية. ومن هذه المبادئ:

  • عدم فرض الرأي.
  • توفير خيارات للمتلقي.
  • جعل المتلقي يشعر بالرضا.

تُعدُّ هذه الأمور بالغة الأهمية لتطوير العلاقات الإيجابية في أيامنا هذه، خصوصاً وأنَّ أسلوب التواصل قد يكون مزعجاً، ويمكن التحدث بسهولة من دون تفكير. وتذكَّر أنَّ وجهات النظر ليست وحدها ما قد يقاطع المناقشات، وإنَّما قد تقاطعها أجوبتك أيضاً. فيما يلي بعض النصائح لتجنب المشادات الكلامية في أثناء المناقشات:

1. استخدم بعض عبارات التحوُّط:

وهي عبارات موجزة يمكنك تضمينها في خطابك أو جملك للحديث بنبرة ودية، مثل “يبدو أنَّه” أو “ربما” أو “قد أكون مخطئاً، ولكن…”.

2. استخدم كلمات مهذبة للغاية:

استخدم العبارات التالية لتبدو المناقشات صادقة ولطيفة: “آمل أنَّك لا تمانع” أو “إن لم يضايقك طلبي هذا…” أو “هل تسمح لي أن…”.

3. استخدم عبارات الاعتذار والتبرير:

يُعدُّ الاعتذار مؤشراً على السلوك المهذب؛ لذا يمكنك استخدام العبارات الآتية: “أنا آسف ولكن…” أو “أنا أعتذر إن كنَّا مختلفين بشأن هذه المسألة” أو “أخشى أنَّ…”.

4. قلِّل وتيرة التواصل:

إنَّ تطوير القدرة على الاحتفاظ بآرائك لنفسك يتطلب التسامح مع وجهات نظر الآخرين.

هذه مجرد أمثلة قليلة، ولكن يمكنك ملاحظة كيف يمكن للكلمات الواعية والمدروسة، أن تقلِّل من التأثير الضار الذي يمكن أن تحدثه عبارة واحدة. وعلى الرغم من أنَّ لكل فرد الحق في التعبير عن وجهات نظره الخاصة، والتي هي بالتالي حقك وامتيازك، إلا أنَّه يجب عليك أيضاً التفكير فيما إذا كان التعبير عن رأيك يستحق وقتك وجهدك.

عموماً، الحقيقة هي أنَّ بعض الناس سيختلفون معك ومع ما ستقوله، ولن يوافقوا أبداً على ما تفعله، لكنَّ هذه الاختلافات لا أهمية لها على الأمد الطويل. لا أحد يريد أن يعيش من أجل شخص آخر، وأعظم نصيحة يمكن أن تقدمها لنفسك هي السعي وراء كل ما يحقق لك الفرح والسعادة والرضا.

في النهاية، أنت من سيتخذ الأحكام والاختيارات التي تعتقد أنَّها تحتاج إلى آراء الآخرين. وإذا واجهت لاحقاً تداعيات أو نتائج سلبية، فهذه مشكلتك لا مشكلتهم؛ لذا واجه الأمور من دون خوف، وامنح نفسك حرية التصرف بأمانة وصدق، لأنَّ نواياك هي ما تجعلك شخصاً طيباً ولطيفاً. وإذا علمت أنَّك صادق مع نفسك ولا تتأثر بالآخرين، ستجد نفسك تنام وأنت تشعر بالصفاء الداخلي وبالمزيد من الحب.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!