ما هو الخوف من الاختلاط بالناس (FOMU)؟

الإنسان كائن اجتماعي بطبعه فهو يحب مخالطة الناس، وقد نجد العديد الأشخاص يمتلكون مهارة خاصة في جذب الناس لهم، وبالمقابل هناك أشخاص لا يمتلكون هذه المهارات فيعتبرون أقل اجتماعية من غيرهم. فما الخوف من الاختلاط بالناس، هذا محتوى مقالتنا فتابعوا معنا.

Share your love

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة فرانسيس دودز (Frances Dodds)، والتي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها مع الخوف من مقابلة الناس.

ففي النوبة الأولى، تلقيت رسالة من صديق عزيز أنجبَت زوجته طفلاً وكانت آخر مرة رأيتهما فيها قبل الجائحة؛ حيث أرادني أن آتي مع خطيبي كي نرى طفلهما، كانوا يسكنون على مسافة بعيدة عنا تقريباً، لكنَّها مسافة تستحق العناء لرؤية شخصين أنجبا إنساناً لهذا العالم؛ ومع هذا شعرتُ بتلك التشنجات.

وأما النوبة الثانية، فكانت خلال مقابلة فيديو لي مع مديري في العمل؛ حيث قال إنَّ هناك بعض المستجدات فيما يتعلق بالعودة إلى العمل في المكتب، ثم قال إنَّنا لن نعود قبل بضعة شهور، لكن في اللحظة الكامنة بين فتح الموضوع وبين إخباري بأنَّنا لن نعود فوراً إلى العمل في مكاتبنا، شعرتُ بتلك التشنجات أيضاً.

أنا أعلم أنَّني لست الوحيدة التي يراودني شعور بانعدام الراحة تجاه فكرة وضع خطط للقاء مع الناس أو استئناف العمل في المكاتب، والذي يعني مغادرة المنزل والتنقل والوجود حول أشخاص آخرين طوال اليوم، لقد حصد فيروس كورونا مئات الآلاف من الأرواح، وكان الإحساس بالذنب من أنَّك من الممكن أن تنقل العدوى لمن لديه مناعة أضعف من مناعتك كفيلاً بأن يكون سبباً في تجنب التفاعلات الاجتماعية، ثم عليك أن تقرر الطريقة المناسبة للتفاعل اجتماعياً مراعياً الدرجات المختلفة لراحة الناس والقلق من الأحكام التي ستُطلَق، فمن منا لم يرَ شخصاً لامبالياً للغاية وآخرَ مصاباً بجنون الارتياب، فكما أخبرني أحد الأصدقاء مؤخراً: “أقلق بشأن ما سيقوله الناس أكثر من قلقي من إصابتي بالفيروس”.

تقول ريانون ستيبلز (Rhiannon Staples)، مديرة التسويق في منصة هيبوب (Hibob)، والتي تشجع نمو الموظفين وتعزيز المشاركة: “اعتدنا أن نسمع عن مصطلح “الخوف من تفويت أمر ما” (FOMO)؛ حيث يخشى الناس تفويت الأحداث والتجمعات والتجارب خوفاً من ألا يكونوا جزءاً من الحدث”، لكن منذ بدء الجائحة، فإنَّ العكس هو ما حدث؛ حيث يتجنب الناس التجمعات بسبب الخوف من الاختلاط بالناس (FOMU)، لا ينطبق هذا على اللقاءات الاجتماعية فقط؛ بل على مكان العمل أيضاً، في دراسة حديثة أجريناها في منصة هيبوب، وجدنا أنَّ 45% من العمال الأمريكيين غير مرتاحين لفكرة العودة إلى العمل في المكاتب”.

وحتى بعيداً عن الخوف من المرض أو من احتمال نقل العدوى إلى الآخرين، فهناك بُعْدٌ نفسيٌّ وراء الأمر، فبصفتي أعمل من المنزل لسنواتٍ، أُدرك بأنَّه كلَّما ازداد المرء بُعداً عن الناس، ستصبح التفاعلات الاجتماعية أكثر صعوبة، أَضِف إلى ذلك الاختلاف في تحديد الطريقة المقبولة للاختلاط.

تقول ستيبلز: “من المعقول أنَّ الخوف من الاختلاط بالناس يمكن أن تُعزَى أسبابه إلى الخوف والقلق الاجتماعي؛ حيث إنَّ الاختلاط بالآخرين أصبح مقَيَّداً بقواعد وحدود جديدة تجعل الناس قلقين عندما يحاولون فهمها ووضع قواعد وحدود أخرى لأنفسهم، إن لم يثق الناس بمن حولهم، فسيثير ذلك القلق الاجتماعي بداخلهم، ويدفعهم إلى البقاء في المنزل.

وأخيراً، هناك أمر آخر يثير حالة الخوف من مخالطة الناس عندما يتعلق الأمر بالعمل؛ حيث أَعتَقد أنَّ معظم الناس لا يريدون للأمور أن تعود كسابق عهدها، فبالطبع يشتاقون إلى الحياة قبل الجائحة؛ كذهاب الأطفال إلى المدرسة، والقدرة على الاجتماع مع العائلة والأصدقاء بحرية، والأكل في المطاعم، والذهاب إلى حفلات الزفاف والمناسبات، لكنَّهم لا يريدون العودة إلى العمل في المكتب خمسة أيام في الأسبوع؛ حيث هذا ما كانت عليه حياة معظمهم قبل الجائحة.

ولأؤكد الأمر فإنَّ معظم الموظفين مستاؤون اليوم؛ وذلك لأنَّ شركاتهم لم تأخذ ثقافة العمل عن بعدٍ على محمل الجد، فالشفافية مهمة للغاية، والموظفون بحاجةٍ إلى الدعم والمرونة في التعامل كي يشعروا بالثقة.

لقد كان الموظفون عالقين في نظام عمل صارم في السابق، ومع قضاء كل هذا الوقت في العمل من المنزل، أصبح من الصعب عليهم تقبُّل حياة العمل بدوام كامل، تعتقد ستيبلز أنَّ الجائحة ستغير من ثقافة العمل إلى غير رجعة، فعلى الشركات أن تتبنى حلولاً وسطاً، فتقول: “يمكن لنموذج العمل الهجين أي يعمل قسم من الموظفين في المكاتب والقسم الآخر في المنزل – أن يكون حلاً مُرضِياً لكِلا المشكلتين: الشعور بالاستياء من الاختلاط بالناس يومياً والشعور بالحصار في المنزل في حال العمل عن بعد، يمكن للشركات أن تجرب الجداول المتعاقبة؛ حيث تأتي بعض الفِرق في نصف الأسبوع وتعمل فِرقٌ أخرى من المكتب في الأيام الأخرى، أو أن تمنح الموظفين حق اختيار عدد المرات التي يعملون فيها من المكتب، أنشأنا في منصة هيبوب طلب “العمل من المكتب” في نظامنا الأساسي؛ حتى تتمكن الشركات من إدارة من يأتي إلى المكتب ومتى”.

يوماً ما سيتلاشى الخوف من الاختلاط بالناس لدينا وكل ما يصحبه من تشنجات في المعدة، ولكنَّنا نأمل ألا تتلاشى ثقافة العمل التي نشأت؛ وهي أن يرى أرباب العمل الموظفين كأشخاص لهم احتياجات مختلفة.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!