هل تعيش حياة مُستعجلة، أم حياة ذات أهمية؟

تراودنا جميعاً لحظاتٌ في حياتنا نُفكِّر فيها بما هو مُقدَّرٌ لنا، أو بما نرغب أن نصبحَ عليه مع الوقت؛ وقد يأتينا الإلهام فجأةً بأشكالٍ مُتعدِّدة، فقد نشعر بالإلهام لبدء الكتاب الذي لطالما أردنا تأليفه، أو نتوقُ إلى التخلُّص من الوزن الزائد نهائيَّاً؛ كما يمكن أن نشعرَ بعدم الرضا عن أعمالنا، وقد تعترينا رغبةٌ شديدةٌ في تأسيس شيءٍ لأنفسنا في هذه الحياة.

Share your love

نملك جميعنا رغباتٍ هامَّةً تنادينا طوال الوقت؛ لكن قبل أن نلبِّي نداءها، تدفعنا مطالب الحياة المُلحَّة إلى الحيلولة دون تلبيتها، فمثلاً: قد يرنُّ الهاتف، أو ينفدُ الوقود من السيارة، أو يضع المدير على عاتقنا أداء أعمالٍ في موعدٍ نهائيٍّ صارم؛ ممَّا يدفعنا إلى تأجيل إيقادِ أحلامنا يوماً تلو آخر، بغية إخماد نيرانٍ أخرى.

كيف نتجاوز وضعاً كهذا؟ وكيف نبدأ عيش حياةٍ ذات أهميةٍ عوضاً عن الاستجابة لمثل تلك الحالات الطارئة كلَّ يوم؟

السنوات العشر القادمة في حياتك:

فكِّر في هذا الأمر: ستقضي السنوات العشر القادمةَ من حياتك وأنت تُنجِز شيئاً ما، وغالباً ما ستُلبِّي الأمور الطارئة بدلاً من السعي وراء الأمور الهامَّة فعلاً. على سبيل المثال: تتغلَّبُ الحاجة إلى المال (حاجةٌ مُلحَّة)، على الرغبة في تأسيس شيءٍ نفخرُ به حقاً (أمرٌ هام)؛ وتتغلَّبُ الرغبة الشديدة في إيجاد طريقةٍ سريعةٍ لفقدان الوزن في غضون ستَّة أسابيع (حاجة ملحَّة)، على أمل أن تصبحَ من الأشخاص الذين لا يفوِّتون التمرينات (أمرٌ هام)؛ ويتغلَّب توقنا إلى أن نكون محطَّ انتباهٍ أو تقديرٍ من قبلِ الآخرين (حاجةٌ ملحة)، على غايتنا في إثبات وجودنا والشعور بالرضا عن أنفسنا (أمرٌ هام).

إنَّه لمن المؤكَّد أنَّنا جميعاً نحتاج إلى المال، وأنَّ هناك أوقاتٌ تتطلَّب منَّا وضع الأمور الهامَّة قيد الانتظار لنُنجز الأمور العاجلةَ في هذا الحياة، فتحمُّل المسؤوليات جزءٌ من حياتنا لا يُمكن نكرانه؛ لكن إلى متى ستؤجِّل الأشياء التي تهمُّكَ كي تتعامل مع الأمورِ الطارئةِ التي تواجهها؟ وإلى متى ستؤجِّل ما عليكَ فعلهُ حقاً لإنجاز ما تقوم به حالياً فقط؟ وهل ستنتظر سنةً أخرى؟ أم خمس سنوات؟ أم سننتظر مدى الحياة؟

غالباً ما نعيش كبشرٍ حياتنا على أساس تلبيةِ ما هو طارئ، وليس ما يهمُّنا فعلاً؛ فمن السهل قضاءُ سنواتٍ ونحن نسعى باستمرارٍ خلف الحاجة الملحة التالية، دون تخصيص بعض الوقت لفعل ما نُدركُ أنَّه يتوجَّب علينا فعله.

كيف نتغلَّب على الحاجات الملحة في حياتنا اليومية؟

إذا كنت ترغب أن تعيشَ حياةً ذات أهمية، عليكَ أن تختار طريقاً واضحاً لنفسك؛ وعندما تملك الشجاعة لتقول: “هذا الأمر يهمُّني وسأمضي قدماً نحوه”، فلن تقع في شراكِ حياةٍ يتوقَّع الآخرون منك أن تعيشها.

على سبيل المثال: إذا علمتَ أنَّ هدفكَ الثابت إنهاء كتابة مقالةٍ ما، فسيمنحك هذا الهدف توجُّهاً وهدفاً؛ وعندما تخطر في بالك فكرةٌ جديدة، ستفكرُّ تلقائياً بارتباطها بإنجاز هدفك. لذا عليكَ أن تنظّمَ حياتك كي تتمحورَ حول إنجاز هذه المهمَّة المحدَّدة والهامَّة.

لدى الجميع مهام عاجلةٌ تظهرُ كلَّ يوم، مثل: مكالمةٍ هاتفية يتوجَّبُ الرد عليها، أو بريدٍ إلكتروني، أو صديقٍ يجب أن نُقدِّمَ له يد العون؛ لكنَّ امتلاك هدفٍ محدَّدٍ وواضحٍ يتيح لك العودة إلى الأمور الهامَّة بعد تلبية الحالات الطارئة كلَّ يوم، حيثُ يرشدك إلى الطريق، ويمنعك من الوقوع في دوَّامة المهام عديمةِ الأهمية التي تستهلك الكثير من وقتك.

يختلف وجود الهدفِ المحدَّد عن الرغبة، وتعدُّ هذه مسألةً جوهريةً يجب على المرء فهمها، فمثلاً: تعدُّ رغبتك في استعادة رشاقتك أُمنية، لكن تُعدُّ ممارسة مئة تمرينٍ في اليوم تباعاً هدفاً مُحدداً؛ كذلك، تعدُّ الرغبة في تأسيس عملك الخاص أُمنية، لكن يعدُّ الحصولَ على موافقة ثلاثة عملاء هدفاً محدداً؛ كما تعدُّ الرغبة في تأليف كتابٍ مُجرَّدُ أمنية، لكن يعدُّ إنهاء الفصل الأول من الكتاب في غضون أسبوعين هدفاً محدداً.

عِش حياةً ذات أهميّة:

لن تبدو الأمور الهامَّة على أنَّها أمورٌ مُلحةٌ للقيامِ بها، وهذه هي طبيعة الأهداف الهامَّة، حيثُ لا تتطلَّب هذه الأهداف التركيز في الوقت الحالي؛ بل تتطلَّب إدراك الغاية والطريقَ الواضح، والثبات والالتزامَ على المدى الطويل.

يجب أن نعي هُنا أنَّنا لا يجبُ أن نتخلَّى عن بذور العظمةِ في داخلنا، بل علينا أن نتخلَّى عن سعينا المحمومِ إلى تلبيةِ الأمورِ الطارئة، كي نسير بخطىً ثابتةٍ نحو المستقبلِ الذي نُريد.

لذا اختَر شيئاً ذا أهمية، وحدِّد لنفسك هدفاً مُحدَّداً، وابدأ منذ اللحظة، ولا تتخلَّ عن أحلامك أبداً.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!