هل تنطبق نتائج الدراسات عليك حقاً؟ وهل تخبرك كيف يجب أن تعيش؟

نُشِر منشور على منصة "فيسبوك" (Facebook) يعرِض نتائج دراسة متضمِّناً ما يلي: "متى يكون تفكيرك في أفضل حالاته؟ إذا كنتَ مثل معظم الناس، فلن يكون هذا في الثالثة صباحاً، إليك ما اكتشفناه". هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة "بيلا دي باولو" (Bella DePaulo)، والذي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها في مجال الدراسات والأبحاث.

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة “بيلا دي باولو” (Bella DePaulo)، والذي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها في مجال الدراسات والأبحاث.

لا تخبرنا الدراسات كيف يتصرَّف الجميع حقاً؛ فهناك دائماً بعض الاستثناءات:

فكَّرَت على الفور قائلةً: “أعتقد أنَّني لستُ مثل معظم الناس”؛ لقد كنتُ شخصاً يحب العمل في وقت متأخر من الليل طوال حياتي، حتى في مرحلة الطفولة، كما يقول والداي اللذان أنجبا طفلةً تبكي طوال الليل، وبعد مرور كل هذه السنوات، لا زلتُ أبقى مستيقظةً حتى الثالثة صباحاً، ولكن دون أن أبكي بالطبع، وأعتقد أنَّني أُفكر كثيراً وبشكل أفضل في ذلك الوقت، ويبقى عدد قليل من الناس مستيقظين عند منتصف الليل؛ لذلك هناك عدد أقل من رسائل البريد الإلكتروني وأنواع التشتيت كلها؛ لذلك أستقر في الثالثة صباحاً في مكتبي، وأُركِّز على عملي وأُفكر.

أكتب الكثير عن الدراسات التي تُظهر أنَّ الأشخاص غير المتزوجين من المفترض أن يكون أداؤهم أفضل أو أسوأ من المتزوجين من نواحٍ مختلفة، وأنتقد الدراسات عندما أعتقد أنَّ المنهجية معيبة، أو أنَّ الباحثين قد خلصوا إلى استنتاجات غير متناسبة من النتائج.

هناك أمر آخر عليَّ أن أذكره عندما أصف نتائج الدراسات في علم النفس، وهو أنَّ النتائج تستند دائماً إلى المتوسطات؛ فقد تنطبق على بعض الناس بحذافيرها، بينما لا تصفُ بعضهم الآخر على الإطلاق.

لنأخذ على سبيل المثال الدراسات التي تُبيِّن أنَّ الأشخاص غير المتزوجين لديهم أصدقاء أكثر من المتزوجين؛ فهي تعتمد على معدل وسطي أيضاً، مما يعني أنَّه لدى الناس غير المتزوجين أصدقاء أكثر من المتزوجين، ولا يعني هذا أنَّ كل عازب لديه أصدقاء أكثر من كل شخص متزوج.

كما لاحظتُ مرات عدَّة، النوع الأفضل من الدراسات هو الذي يتَّبع الأشخاص نفسهم مع مرور الزمن، وهل يولي الناس الذين يتزوجون اهتماماً أقل لأصدقائهم مما كانوا يفعلون عندما كانوا عازبين؟ تشير البحوث إلى أنَّهم يفعلون ذلك فعلاً؛ فعندما ينتقل الأزواج للعيش معاً أو عندما يتزوجون، يصبحون أكثر انعزالاً، وهو أمر صحيح بشكل عام حتى لو لم يكن لديهم أطفال.

إلا أنَّ النتائج تستند إلى المتوسطات أيضاً، فهذا ما يَحدث عادةً، ولكن سيكون هناك دائماً استثناءات، حيث يتزوج بعض الناس ويبدؤون في قضاء المزيد من الوقت مع الأصدقاء، ربما لأنَّهم الأكثر انطوائية بين الزوجين، ويدفعهم شركاؤهم إلى أن يكونوا أكثر اجتماعية.

لا تخبرنا الدراسات كيف يجب أن نعيش حياتنا:

في بعض الأحيان، يبدو ما تقوم به مجموعة ما أفضل مما تقوم به مجموعة أخرى. وأود أن أُسلِّط الضوء على الدراسات التي تُظهر الجوانب جميعها التي يكون فيها الأشخاص غير المتزوجين أكثر سخاءً ورعايةً من المتزوجين، لأنَّ هذا ما يقوله البحث حقاً، ولأنَّني أريد أن أتراجع عن الصور النمطية التي تصر على أنَّ الأشخاص غير المتزوجين أنانيون.

وحتى في هذه الأمثلة، أعتقد أنَّ الرسالة المفترضة – أي التلميح بأنَّك يجب أن تتصرف بطريقة معينة – تحتاج إلى أن تكون مشروطةً، فقضاء الكثير من الوقت في العمل التطوعي، على سبيل المثال، لن يكون مناسباً للجميع، وإذا حاولتَ أن تجبر نفسك على القيام بأشياء لا تناسبك، فربما لن تقوم بعمل جيد، ولن تكون لطيفاً.

مثال آخر عن هذا هو البحث الذي يُظهر أنَّ الأشخاص غير المتزوجين هم أكثر قابليةً من المتزوجين ليكونوا بجانب والديهم مع تقدُّمهم في السن، وعندما يحتاجون إلى مزيد من المساعدة، فعندما تكون تلك المساعدة طوعيةً تماماً ونابعةً من القلب، فمن المحتمل أن تكون لصالح الجميع، (وأقول “في الغالب”؛ لأنَّ تقديم المساعدة وتلقِّيها هما تجربتان معقدتان نفسياً)، ولكن إذا شعر العازبون بأنَّهم مجبورون على القيام بالمزيد من العمل بدافع الذنب الذي يزرعه الآخرون في قلوبهم لمجرد أنَّهم عازبون، فإنَّ القدر الأكبر من المساعدة التي يقدِّمونها قد لا يكون أمراً جيداً بعد كل شيء.

أنا لا أقول هذا في محاولة لدفعك إلى عدم الثقة بالعلم؛ فأنا أحب الأبحاث العلمية، وعندما تُجرَى الدراسات وتُفسَّر بطريقة صارمة علمياً، يمكِننا جميعاً أن نتعلم الكثير منها، ولكن حتى في أفضل الدراسات، فإنَّ النتائج لا تنطبق على الجميع، ولا تخبرك كيف يجب أن تعيش حياتك، فهذا يقع على عاتقك.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!