5 خطوات لتحديد معتقداتك الداخلية

من الخطأ الاعتقاد الشائع بأنَّ الشركات الناشئة هي المسؤولة عن الإبداع؛ حيث إنَّ موظفي الشركات العاديين هم المصدر الرئيس للأفكار الخلاقة، ولكن قبل أن تقوم بعرض هذه الأفكار، عليك أن تعلم المعوقات التي تعترض طريقك، وإليك الطريقة لفعل ذلك.

Share your love

هل تعتقد أنَّ الشركات الناشئة ذات الرؤية المستقبلية هي المسؤول الرئيس عن الابتكار في العالم؟ إنَّه اعتقاد خاطئ، يقول الكاتب “كايهان كريبندورف” (Kaihan Krippendorff): “لو تركنا روَّاد الأعمال يديرون العالم، فلن يكون لدينا هواتف محمولة أو أجهزة كمبيوتر شخصية أو بريد إلكتروني، صحيح أنَّ من يتصدر عناوين الأخبار هم روَّاد الأعمال، ولكنَّ الموظفين هم المسؤولون الأساسيون عن الابتكار في المجتمع”.

أمضى “كريبندورف” ثلاث سنوات في إجراء مقابلات مع 150 من روَّاد الأعمال الداخليين – وهم أشخاص يعملون داخل الشركات – والخبراء للتوصل إلى دليل عن كيفية إزالة الحواجز التي تعوق الجهود من أجل التغيير، وستجد نصيحته في كتابه الجديد “قيادة الابتكار من الداخل: دليل لرجال الأعمال الداخليين” (Driving Innovation from Within: A Guide for Internal Entrepreneurs): “إن كانت لديك فكرة رائعة لمنظمتك، فعليك البدء من هنا”.

ربما لم تسمع من قبل عن “جان فيويل” (Jean Feiwel)، ولكن إذا كنت أنت أو أصدقاؤك أو أطفالك شاهدت فيلم “غوسبمب” (Goosebumps)، أو استمتعت ببرنامج “نادي جليسة الأطفال” (The Baby-Sitters Club)، أو قضيت وقتاً ممتعاً بمتابعة مسلسل “آنيمورف” (Animorphs)، فأنت مدين لها بالشكر؛ حيث تعمل حالياً كنائب رئيس أول في “دار نشر ماكميلان” (Macmillan Publishers)، وهي مَن ابتكرت المنصات التي جلبت هذه السلسلة إلى العالم.

إنَّ أحدث مشروع لـ “جان” يسمى “سوون ريدز” (Swoon Reads)، وهو النظام الأساسي الرائد لمساعدة الكتاب الرومانسيين المغمورين على تنقيح كتاباتهم والعثور على جمهور لهم، ولقد أشادت به مؤسسة “سيليكون فالي” (Silicon Valley) كمثال لشركة نشر تقدِّم النوع الذي نتوقعه من الابتكار.

وقد أطلقت عليه شركة “ببليشر ويكلي” (Publishers Weekly) اسم “نموذج النشر الرائد”، وتقول صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times): إنَّها “تعمل على تغيير طرائق الاكتشاف التقليدية”.

تمثل قصتها الاستراتيجية التي يتبعها المبدعون الداخليون: فهي لم تأتِ من مخابر البحث والتطوير أو شركة ممولة؛ بل تولَّدت من شغف شخص شعر بالحاجة ووجد طريقة لإيجاد حل على الرغم من البيروقراطية الضاربة جذورها في شركة كبيرة.

يبدأ درب الابتكار عندما يرى شخص ما فرصة ويقتنصها: العثور على الفرص ليس بالأمر الصعب، فهي حولنا باستمرار؛ إنَّما تكمن الصعوبة في أنَّ معظم الناس يفشلون في التعرف إليها، وإن فعلوا، فإنَّهم يختارون عدم استغلالها، وقد يكون هناك العديد من الأسباب، لكنَّ السبب الأكثر شيوعاً هو: عدم اتخاذهم لأول خطوة على الإطلاق.

شاهد بالفيديو: 10 معتقدات إيجابية يجب أن تتبناها

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/3ZZDGVNtY6s?rel=0&hd=0″]

الضرورة الأولى: أول خطوة على الطريق، وهي ما يسمى “النية”: تشير هذه الكلمة إلى “نية ريادة الأعمال”، وهو مفهوم راسخ في نظرية ريادة الأعمال، ولكن يمكن أن يُطلَق عليه أيضاً “الالتزام” أو “التصميم” أو “المثابرة” أو “العزم” أو “الإصرار”.

درسَ عالم النفس “ريتشارد وايزمان” (Richard Wiseman) من جامعة “هيرتفوردشاير” (Hertfordshire) في دراسة مثيرة للإعجاب، مجموعتين من الأشخاص؛ أولئك الذين يعدُّون أنفسهم أصحاب حظ جيد، وأولئك الذين يعدُّون حظهم سيئاً؛ حيث طُلِب من كلٍّ منهم الاطلاع على إحدى الصحف والإبلاغ عن عدد الصور الموجودة بداخلها، وفي المتوسط، استغرق الأشخاص غير المحظوظين دقيقتين للعد، بينما استغرق المحظوظون ثوانٍ، فما هو الفارق؟

الفارق أنَّه على الصفحة الثانية من الصحيفة ظهرت عبارة: “توقفوا عن العد، هناك 43 صورة في هذه الصحيفة”، وشغلت تلك العبارة نصف الصفحة وكانت مكتوبة بخط كبير، بحيث لا ينبغي لأحد أن يفوتها، ومع ذلك، فإنَّ الأشخاص غير المحظوظين قد فضَّلوا تجاهلها.

وخلص في بحثه إلى أنَّ “الأشخاص المحظوظين يخلقون حظهم عبر أربعة مبادئ أساسية، كما إنَّهم ماهرون في خلق الفرص وملاحظتها، واتخاذ قرارات محظوظة من خلال الاستماع لحدسهم، وخلق تنبؤات تحقق ذاتها عبر التوقعات الإيجابية، وتبنِّي موقف مرن يحول الحظ السيئ إلى جيد”.

يظهر الأمر تقريباً كما لو أنَّ الأشخاص المحظوظين يدخلون في الموقف بنيَّة العثور على الحظ؛ ولهذا السبب يجدونه، لكنَّ الذين ليست لديهم مثل هذه النية يفشلون في رؤية الفرصة حتى عندما تكون واضحةً وضوح الشمس.

ما الذي يمنع المرء من اتخاذ الخطوة الأولية في طريق الابتكار من داخل مؤسسته؟ وما الذي يمنعه من رؤية الفرص من حوله والانطلاق منها؟ يشير البحث إلى إجابة واضحة.

“آلان كارسرود” (Alan Carsrud) و”مالين برينباك” (Malin Brännback)، هما خبيران بارزان في نية ريادة الأعمال؛ حيث إنَّ النية تسبق التعرف إلى الفرص واتخاذ الإجراءات لمتابعتها، فالنية تأتي أولاً، ثم يأتي كل شيء آخر تباعاً.

إن سبق وفاتتك فرصة كان ينبغي لك التعرف إليها أو امتنعت عن اتخاذ إجراء عندما كان ينبغي لك ذلك، فمن المحتمل أنَّ ذلك قد حصل لأنَّ حوارك الداخلي كان يمر في واحدة من ثلاث محادثات: لن ينجح الأمر، لا يمكنك فعل ذلك، أو أنَّ الناس سيفكرون بك تفكيراً سلبياً.

ولكن يستخدم الأكاديميون مصطلحات أكثر رسمية لوصف الأفكار التي تعوق الناس:

  • المعتقدات السلوكية: باعتقادك أنَّ هذا الإجراء سيأتي بالنتائج المرغوبة أم لا؛ حيث تسأل نفسك: “هل سينجح الأمر؟”.
  • معتقدات السيطرة: تفكيرك فيما إذا كنت قادراً على تحقيق النتيجة المطلوبة، أنَّه يمكنك إنجاز المهمة وأنَّ لديك الكفاءة الذاتية المطلوبة، فأنت تسأل نفسك “هل أنا قادر؟”.
  • المعتقدات القياسية: تفكيرك بكيفية تلقِّي الآخرين للإجراء الذي ستتخذه ودرجة تأثير ذلك فيك، فأنت تسأل “ماذا سيقول زملائي / أصدقائي / شريكي / أمي؟”.

فيما يأتي 5 خطوات يجب اتخاذها لتحديد معتقداتك الداخلية:

1. تحديد ما الذي يمنعك من التصرف:

للقيام بذلك، تخيَّل نفسك داخل فيلم، وتخيَّل أنَّ أمامك فرصة للابتكار، ربما تمَّت دعوتك للانضمام إلى فريق يعمل على مبادرة جديدة، أو ربما اكتشفت حاجة عميل لم تُلَبَّ، أو ربما توصلت إلى طريقة جديدة لتحسين استراتيجية في مؤسستك، مهما كان السيناريو، فسوف تشعر في فيلمك بلحظة من الإثارة، ولكن بعد ذلك تختار عدم متابعة تلك الفرصة.

فكر الآن فيما كنت تقوله لنفسك عندما قررت النجاح، أيٌّ من العبارات الآتية تبدو أقرب إلى حوارك الداخلي؟

  • المعتقدات السلوكية “هذا لن ينجح”
  • لن ينصتوا لي أبداً.
  • لا يمكنك الابتكار في الشركة.
  • نحن متمسكون بالأساليب المتبعة.
  • نحن نتحرك ببطءٍ شديدٍ.
  • الأمر صعبٌ للغاية.
  • من غير المرجح أن تنجح.
  • لا يمكنني التأكد من أنَّها ستنجح.
  • معتقدات السيطرة “أنا لستُ قادراً”
  • ليست لدي المقومات.
  • أنا لستُ رائد أعمال، أنا لست مبتكراً.
  • أنا لست خبيراً، أنا أفتقر إلى المعرفة الفنية.
  • أنا لست الشخص المناسب.
  • من أنا كي أعتقدَ أنَّني أستطيع أن أفعل هذا؟
  • ليست لدي العقلية المناسبة.
  • أنا لست من النوع الذي يرغب في المخاطرة.
  • المعتقدات القياسية “لن يتقبَّلني الناس”
  • ماذا سيقول الناس؟
  • سأبدو غريباً.
  • سيضحك زملائي أو أصدقائي.
  • هذا يمكن أن يُضِر بحياتي المهنية.
  • ماذا سيحدث لو فشلت؟
  • قد يكون ذلك محرجاً.
  • ليس هذا ما يفعله شخص مثلي.

2. الاستعداد لاختيار معتقداتك:

عند إدراكك للمعتقدات السلبية، ابدأ باستبدالها، ففي البداية عليك أن تدرك أنَّ هذه المعتقدات ليست صحيحة بالضرورة، فهي قواعد يتخذها البشر للمساعدة على تفسير ما حدث في الماضي ولمنح الأمان بشأن المستقبل.

تعمل مدرِّبة الأداء “أماندا فوريلاند” (Amanda Foo-Ryland) مع المديرين التنفيذيين لتفكيك المعتقدات غير المفيدة أو المقيِّدة؛ حيث إنَّ المعتقدات المقيدة هي الأفكار التي تأخذها عن نفسك وتقيِّد قدراتك، وتقول: “أول شيءٍ يجب أن نفهمه هو أنَّ الحقيقة شيء، ومعتقداتنا – سواء كانت تقيد أو تقوي – شيء آخر، فهي مجرد أشياء نعتقدها، ونشعر بأنَّها حقيقية بالنسبة إلينا، ولكن لدى الأشخاص الآخرين معتقدات مختلفة، ويشعرون أيضاً أنَّها حقيقية، ولكن لا شيء من هذه المعتقدات صحيح من الناحية الموضوعية”.

كن على استعدادٍ لأن يكون المعتقد الذي حددتَه في الخطوة الأولى المذكورة آنفاً قد لا يكون صحيحاً؛ وذلك لتخفيف إحكام سيطرة تلك المعتقدات غير المفيدة، فهل يمكنك العثور على أيِّ أمثلةٍ لشخص أثبت عدم صحة هذا الاعتقاد؟ وهل سبق لأي شخص أن فعل شيئاً مخالفاً للاعتقاد؟ نادراً ما تكون معتقداتنا صحيحة بنسبة 100% من الوقت.

3. مراقبة التكلفة:

ابتكرت الطبيبة “أماندا فوريلاند” (Amanda Joo-Ryland) طريقة تمكِّن الناس من توضيح الاعتقاد المُقيِّد والبدء أيضاً بهدم ذلك النمط المدمر من التفكير، أسمتها “تقنية شيرلوك هولمز” (Sherlock Holmes Technique)؛ وذلك لأنَّها تضمن مراقبة نفسك عن كثب مثل “شيرلوك”، وبشكل موضوعي؛ لذا جرِّب هذه الطريقة لمدة 48 ساعة، وستلاحظ تغيُّر سلوكك ونتائجك للأفضل، وكل ما تحتاجه هو دفتر ملاحظات وعقل منفتح.

في كل مرة تفكر فيها في اتخاذ إجراء مبتكر، اسأل نفسك: “ما الذي أعتقده عن نفسي والذي جعلني أفكر في ذلك؟” لاحظ أفكارك واكتبها في دفتر ملاحظاتك، وفي كل مرة تشعر فيها بالاستياء، اسأل نفسك: “ما الذي أؤمن به عن نفسي والذي جعلني أشعر بذلك؟” لاحظ أفكارك، ودوِّن ذلك.

في كل مرة تفعل فيها أياً من الأمرين، غيِّر مكان جلوسك أو وقوفك، وفي الموقع الجديد، اطرح السؤال مرة أخرى: “ما الذي أؤمن به عن نفسي والذي جعلني أفكر في ذلك؟” أو “ما الذي أؤمن به عن نفسي والذي جعلني أشعر بذلك؟”، واطرح السؤال بطريقة مرحة، كما لو كنت قد فاجأت ذلك الاعتقاد المُقيِّد.

وفي نهاية الـ 48 ساعة الخاصة بك، انظر إلى قائمتك، واسأل نفسك سؤالين عن كل عنصر فيها:

  1. ما هي تكلفة اعتناق مثل هذا الاعتقاد؟
  2. ما هي تكلفة اعتناق هذا الاعتقاد للسنوات الخمس القادمة؟

عند حساب “التكلفة”، فكر في القيمة النقدية لوقتك وطاقتك، وضَع قيمة بالعملة الحقيقية عليها، وفكر أيضاً في التكلفة العاطفية لعلاقاتك، وشعورك بالرضا، ومهنتك، والقدرة على التأثير في العالم.

4. تقييم النتائج:

يتضمَّن التقييم الدقيق لاعتقاد ما النتائج والأضرار؛ لذا اسأل نفسك: “ما فائدة التمسك بهذا الاعتقاد؟” هل سيقلل من المخاطر الخاصة بك؟ وهل سيساعدك على تجنُّب الإحراج؟

غالباً ما تكون هذه النتيجة شيئاً قد لا تشعر بالراحة في الاعتراف به لنفسك، على سبيل المثال: إذا كنت مقيَّداً بالمعتقدات السلوكية “هذا لن ينجح”، فقد تكون النتيجة هي أنَّك خائف من المحاولة، وهذا شعور شائع، وإذا كنت مقيَّداً بمعتقدات التحكم “أنا غير قادر”، فربما تتجنَّب تحمُّل المسؤولية الكاملة، وإذا كنت مقيداً بالمعتقدات المعيارية “الناس لن يتقبلوا”، فقد يكون السبب أنَّك تتجنَّب غيرة الآخرين الذين يرونك تنجح في شيء لم يجربوه بأنفسهم.

5. اختيار معتقد جديد:

فكر في اعتقاد جديد قد تستفيد منه بدلاً من ذلك، فلا تختر شيئاً يبدو وكأنَّه اعتقاد مضاد، على سبيل المثال: إذا كان اعتقادك المقيد هو “لا أملك المقومات”، فلا تختر “لدي المقومات”؛ بل فكر في شيءٍ مثل “أنا أستمتع بالابتكار” أو “أنا شخص شغوف” أو “أنا متحمس لأحدِث تأثيراً في العالم”.

تخيَّل كيف ستكون حياتك بعد 5 سنوات من الآن، ثم بعد 10 سنوات، وإذا اعتنقتَ هذا الاعتقاد الجديد، فكيف ستكون حياتك المهنية ومستوى رضاك عن نفسك، وتأثير ذلك في الأشخاص من حولك، والقدوة التي حددتَها لأطفالك، وعملائك، ومستوى طاقتك وصحتك، وغير ذلك؟

لا يدخل المبتكرون الداخليون العظماء مواقف جديدة من أجل الاستمرار في فعل الأشياء بشكل تقليدي؛ بل لأنَّ لديهم نية لفعل الأشياء بشكل مختلف وأفضل، وتأتي ابتكاراتهم من دافعٍ مستمرٍ للبحث عن فرص جديدة ومتابعتها، ودون دافع الابتكار، يميل الناس إلى التغاضي عن الفرص وتجنُّب اتخاذ خطواتٍ للمضي بها، وإذا تمكنتَ من تحديد المعتقد الذي يعوقك، ثم تحليله واستبداله، فسوف تبدأ برؤية الفرص الجديدة والتصرف بناءً عليها.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!