إذا أردت أن تكون سعيداً، حاول أن تسعد شخصاً آخر

عندما كتب توماس جفرسون (Thomas Jefferson) إعلان استقلال أمريكا، أكد من خلاله حق الأمريكيين في الحياة والحرية والسعي من أجل تحقيق السعادة. وعلى ما يبدو أنَّ هذه الفكرة قد دفعت العديد من الأمريكيين للسعي وراء الأجهزة المبتكرة الجديدة والرغبات الذاتية، ولكن ماذا فيما لو كان هذا الأسلوب خاطئ؟ وأنَّ تحقيق السعادة يكون من خلال إسعاد الآخرين، عوضاً عن فعل ما يسعدنا؟

وعلى ما يبدو أنَّ هذه الفكرة قد دفعت العديد من الأمريكيين للسعي وراء الأجهزة المبتكرة الجديدة والرغبات الذاتية، ولكن ماذا فيما لو كان هذا الأسلوب خاطئ؟ وأنَّ تحقيق السعادة يكون من خلال إسعاد الآخرين، عوضاً عن فعل ما يسعدنا؟

إليك ما توصَّلتْ إليه إحدى التجارب الحديثة:

عبَّر بعض طلاب الجامعات في التجربة عن الأمور التي تجعلهم سعيدين وتعزز إحساسهم بالاستقلالية والكفاءة وتزيد من قدرتهم على التواصل مع الآخرين؛ أي كل الأمور التي يعدُّها الباحثون من “الاحتياجات النفسية الأساسية” لتحقيق السعادة، ثم كُلِّفوا تكليفاً عشوائياً إما بالقيام بأشياء تزيد من سعادتهم أو حتى سعادة الآخرين، أو بأن يتواصلوا مع بعضهم بعضاً؛ حيث ساعد تعيين مجموعة من الأشخاص للتواصل فيما بينهم على تحديد ما إذا كان السعي وراء سعادة مجموعة أخرى من الأشخاص له تأثير يتجاوز فكرة أنَّهم سعيدون فقط لمجرد وجودهم بجانبهم.

وبعد قيام المشاركين بمهامهم في وقت لاحق من ذلك اليوم، وإفصاحهم عنها، أعادوا ملء استبيانات تتعلق بما يحقق لهم السعادة وما يلبي احتياجاتهم، أولئك الموجودون في تلك المجموعة والذين قاموا بأشياء لإسعاد غيرهم، كانوا حقيقةَ أكثر سعادة بما فعلوه من الأشخاص الموجودين في المجموعة الأخرى؛ حيث إنَّ هذا التواصل مع الشخص الذي أسعدوه ولَّد شعوراً قوياً كان مصدراً لهذه السعادة الكبيرة.

شاهد بالفيديو: 6 أمور تسرق منك السعادة إياك والقيام بها

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/2X2XH5O2ecE?rel=0&hd=0″]

لم يكن هذا الاستنتاج مفاجئاً جداً بالنسبة إلى الباحثة ميلا تيتوفا (Milla Titova)، التي تقول إنَّ الدراسة تتفق مع دراسة أخرى أُجريت سابقاً عن السعادة، والتي توصلت بدورها إلى أنَّ العطاء للآخرين يحقق لك السعادة أكثر من عطائك لنفسك، وأنَّه في بعض الأحيان يكون السعي المباشر وراء سعادتك الخاصة له نتائج عكسية.

تقول الباحثة تيتوفا (Titova): “بالنسبة إلى الناس، فإنَّ إسعادهم له مغزى أكبر من مجرد التواصل معهم أو القيام بأشياء تحقق السعادة لأنفسنا”، وتضيف: “عندما يكون هدفنا هو إسعاد الآخرين، نشعر بأنَّنا مترابطون معهم؛ حيث إنَّ حاجتنا للترابط مع غيرنا قد لُبِّيت، وهو في الواقع أمر هام بالنسبة إلينا”.

وبالإشارة إلى جانب آخر من هذه التجربة، حاولت الباحثة تيتوفا (Titova) برفقة زميلها استبعاد فكرة إمكان الشعور بسعادةٍ أكبر عند إسعاد الآخرين؛ بسبب كيفية تبادل المشاعر بين الناس، وهو ما يعرف باسم “تأثير العدوى” (contagion effect)، ولتطبيق هذه الفكرة كرروا التجربة السابقة، ولكن هذه المرة طُلب من كل شخص مشارك بأن يفصح عن الشخص الآخر المتلقي لهذا العطاء ومن ثم وصف كمية السعادة التي أبداها، وفيما بعد تواصلوا مع هؤلاء الأشخاص لتحديد مقدار سعادتهم بالفعل.

لقد توصل الباحثون إلى أنَّه ليس هناك علاقة بين مقدار سعادة الشخص المتلقِّي للعطاء وازدياد سعادة الشخص الآخر المانح للعطاء، والذي بدوره يوحي إلى شيء ما بعيداً عن فكرة “تأثير العدوى”؛ وعلى الرغم من ذلك، غمرت المشاركين سعادة كبيرة عند إدراكهم أنَّ جهودهم كان لها دور كبير في إسعاد الآخرين.

تقول الباحثة تيتوفا (Titova): “يكفينا الاعتقاد بأنَّ شخصاً ما يشعر بأنَّه على ما يرام لكي نشعر أنَّنا أيضاً على ما يرام، فنحن ببساطة لسنا دقيقين على الدوام في تقييم مشاعر الآخرين”.

لقد تعاونت الباحثة تيتوفا (Titova) مع زميلها للبحث في كيفية حدوث هذا التأثير بين الغريبين، فكانت التجربة عن طريق التواصل مع بعض الناس الغريبين الذين يركنون سيَّاراتهم في أحد شوارع المدينة، وإعطاء كلٍّ منهم ربعي دولار لملء استبيانات عن السعادة، وفي بعض الحالات، أُعطوا قطعاً نقديةً ببساطة للاحتفاظ بها أو ليدفعوها في عدَّاد موقف سياراتهم المأجور قبل ملء الاستبيانات، وفي حالات أخرى قيل لهم أن يتركوا ملاحظة على الزجاج الأمامي لسيارة ذلك الشخص تفسِّر سبب تصرفهم هذا.

فيما بعد، قارن الباحثون مدى سعادة المجموعات الأربع ومدى تحقق رغباتهم؛ فأولئك الذين وضعوا القطع النقديَّة في عدادات غيرهم كانوا أكثر سعادة من أولئك الذين وضعوها في عدَّاداتهم أو الذين احتفظوا بها، وحتى تركهم للملاحظة جعلهم أكثر سعادة.

تعتقد تيتوفا (Titova) بأنَّه أمر منطقي أن نكون سعيدين أكثر بجعل الآخرين أكثر سعادة عن طريق زيادة ارتباطنا بهم، ولكن من الممكن أيضاً أن يفضِّل الناس نيل الفضل لقيامهم بعمل صالح، أو أنَّ تلك الملاحظة التي تركوها هي في الواقع نوع من تقديم المعروف، مما يزيد ارتباطهم بهم زيادة أكبر.

على أي حال، تبيَّن أنَّ القيام بفعل لطيف لشخصٍ ما يجعلنا أكثر سعادة من حصولنا عليه لأنفسنا.

تقول الباحثة تيتوفا (Titova): “لا يتطلب منك الأمر أن تكون على معرفة بالشخص الذي تحاول إسعاده، ولا يتطلب تفاعلاً جسدياً حقيقياً معه؛ فالأمر سيان، حتى لو كان مع شخص غريب”.

هذه دراسة تمهيدية، وأُجريت غالباً على عدد محدود من السكان، وتُحذِّر الباحثة تيتوفا (Titova) من تطبيق هذه النتائج في سياقات ثقافية أخرى، ويُعد ذلك تصرفاً حكيماً؛ حيث وجدت الدراسات أنَّه ليست كل ممارسات السعادة قابلة للتطبيق على ثقافات أخرى.

ومع ذلك، يقترحون أنَّ التركيز على إسعاد الآخرين قد يكون مفتاحاً للسعادة يستحق أن يؤخذ في الحسبان.

تقول الباحثة تيتوفا (Titova): “قد يعدُّه بعض الأشخاص أمراً منافياً للمنطق، ولكن إن كنتَ تمر بيومٍ عصيب، فيجب أن تفكر في القيام بشيء لطيف لشريكك أو لزملائك في السكن بدلاً من التركيز على نفسك، قد لا يكون ذلك ما يخطر في بالك بشكل طبيعي، لكنَّه ربما أكثر فاعلية”.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!