إذا فشلت في الإصغاء، فإليك سبب ذلك

لا يمكن لأيِّ قائد أن يعمل بمعزل عن الآخرين؛ فسواءً أكنت تقود فريقك عن بعد أم وجهاً لوجه أم مزيجاً من الاثنين، يبدأ مفتاح الإنتاجية العالية بمهارة أساسية واحدة. ونحن لا نتحدث عن مهارة الإصغاء؛ وإنِّما الفضول.

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن كوتش الذكاء العاطفي “سوزان كلارين” (Suzan Clarain)، وتخبرنا فيه عن أهمية الفضول في تحسين العلاقات.

لماذا الفضول؟

  1. الفضول هو أساس العلاقات الناجحة.
  2. تضفي العلاقات الناجحة على العمل الطاقة والمعنى والهدف.
  3. تنبع الطاقة والمعنى والهدف من الفضول.

كيف يتصرف القادة؟

تعتمد العلاقات المثمرة على الأخذ والعطاء من خلال التواصل المفتوح؛ إذ يؤثر القادة في الآخرين من خلال كيفية المشاركة والتحدث والاستماع، وغالباً ما يكون جزء الاستماع ضمن هذه المهارات هو الذي يسبب التحديات.

أنا لا أتبنَّى النصيحة المعروفة التي تدعم “الإنصات الفعَّال”؛ حيث يمكن أن يؤدي الإنصات الفعَّال أحياناً إلى أن يُنظَر إليك على أنَّك لا تفهم ما يُقال.

مشكلة الإنصات الفعَّال:

ربما تعتقد أنَّ هذا الأمر غريب، ومن المحتمل أن يتناقض مع كل تدريب على القيادة تلقَّيته، أو كل نصيحة توجيه تلقَّيتها؛ إذ إنَّني كنت قد قدتُ بعضاً من تلك التدريبات أو جلسات التدريب بنفسي، وبعد أكثر من 20 عاماً ناهيك عن آلاف العملاء، وجدت أنَّ هذا الأسلوب لا يعمل مع الكثيرين. سيحاول القادة بشدة ممارسة الإنصات، وقد ينجحون على الأمد القصير؛ لكنَّهم قد يكرهون ذلك.

شاهد بالفديو: 7 أسرار للإصغاء الفعال

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/fVx-GAj8n-s?rel=0&hd=0″]

إليك المشكلة:

بصفتك قائداً، أنت قادر على حل المشكلات، وتحفيز الأشخاص على العمل، واتخاذ القرارات والتغلب على التحديات؛ لذلك عندما تكون في وضع “الإنصات”، ينتقل عقلك تلقائياً إلى العمل على فهم المشكلة حتى يتمكن من حلها، ثم يتنبأ دماغك لا شعورياً باستجابتك؛ لأنَّ هذا هو ما تفعله العقول. إنَّ إخبار نفسك بالإنصات الفعَّال أمرٌ زائد من وجهة نظر عقلك.

مهما بذلت من جهد في محاولة ترك هاتفك، والقيام بتواصل بصري، والإصغاء بحق؛ في داخل عقلك، أنت تقوم بالفعل بربط المعلومات، وإجراء مقارنات مع التجارب السابقة، وتكوين الآراء، والاستجابة. لماذا يحدث هذا؟

الدماغ آلة تنبؤ:

يقوم دماغك طوال اليوم، وكل يوم، بمسح البيئة واستيعاب البيانات حتى يتمكن من معرفة ما يجب فعله بعد ذلك. يسمي عالم النفس “دانيال كانيمان” (Daniel Kahneman) هذا الأمر “نظام التفكير 1″؛ لذا حينما تخبر نفسك بالإنصات الفعَّال، فإنَّك من الناحية العصبية توجه عقلك لإدراك ما تسمعه والتفكير فيه وفهمه؛ أي تفعيل كل التنبيهات الضرورية لحل المشكلات، لكن ليس من الجيد أن تحاول تكوين اتصال ذي مغزى والتواصل حتى يشعر الشخص بأنَّه مسموع ومفهوم.

العِلم:

يكشف أحدث ما في علم الأعصاب أنَّ دماغ الإنسان ليس مصمماً للتفكير؛ هذا جنون، أليس كذلك؟ إنَّه مصمم للتنبؤ. عندما تواجه شخصاً أو مشكلة (أو شخصاً لديه مشكلة!) يبدأ دماغك مباشرةً بالبحث عن الذكريات، والتجارب السابقة، وتجارب الآخرين التي تعرفها، والعلاقات، والكتب، والأفلام، والتحيزات، والمشاعر، والتصورات، والافتراضات، والنجاحات، والفشل، والأذواق، والروائح؛ في الأساس، كل شيء واجهته منذ الولادة وحتى هذه اللحظة بالذات.

عندما تركز على “الإنصات الفعَّال” فأنت توجه عقلك لفعل ما هو أفضل؛ التوقع والعمل. سوف يسأل عقلك ويجيب عن سلسلة من الأسئلة: “متى كانت آخر مرة واجهت شيئاً كهذا؟ وكيف شعرت؟ وماذا لاحظت؟ وماذا فعلت؟”، ثم تدرك وتفهم ما يُعرَض أمامك، وتبدأ بالتصرف، وتقديم المشورة، والحل!

كل هذه الاستجابات العصبية تحدث تحت إدراكك الواعي؛ وهذا هو السبب في أنَّ محاولة “فهم” شخص ما يمكن أن ترسلنا إلى الطريق الخطأ. يكشف البحث النفسي أنَّ البشر يصدرون أحكاماً في عُشر ثانية؛ إذ يتم التوصل إلى القرارات والاستنتاجات في غضون ثانية تقريباً، و”يفهم الدماغ” بناءً على الارتباطات والذكريات والخبرات الداخلية.

فوائد الفضول:

وجد علماء النفس أنَّ الإنصات بفضول يمكن أن يؤدي إلى اهتمام حقيقي؛ لذا يمكننا تطوير رؤية جديدة عندما نسعى وراء الفضول والسماح بممارسة الشك، كما يمكن أن يمنع الفضول الدماغ من تكوين استنتاجات قبل نضجها.

يجعلنا الشك نتساءل عمَّا نعتقد أنَّنا نعرفه ونعيد صياغة كيفية رؤيتنا للشخص أو المشكلة، كما يؤكد الكاتب “آدم غرانت” (Adam Gran) في كتابه “فكِّر مرة أخرى: قوة معرفة ما لا تعرفه” (Think Again: the power of knowing what you don’t know): “من المؤكد أنَّه يهيئنا لطرح الأسئلة واستيعاب الأفكار الجديدة”.

يعمل الفضول والشك معاً على تحفيز عقلية حل المشكلات وجعلها حاضرة. عندما نستمع بفضول، نستمع لما هو جديد، ونستمع للاكتشاف، والتعلم.

كيفية الإنصات بفضول:

الفضول يسبق التعاطف؛ إذ إنَّنا نقاوم أحياناً إظهار التعاطف؛ وذلك لأنَّنا لا نستطيع التفاعل ولا نتفق ولا نفهم. وعندما تقول لنفسك: “يجب أن أُظهِر بعض التعاطف؛ لكنَّني في الحقيقة لا أتفق مع هذا الشخص”، تدرَّب على الفضول، بدلاً من ذلك. لماذا يفكر هذا الشخص ويشعر بهذه الطريقة؟ وما الذي يحفز رد فعلهم؟ وما الذي لا أعرفه؟ وما الذي يمكن أن أفتقده؟ وهل أستمع للجديد الذي سيقوله أم أقفز إلى الاستنتاج؟

تدرب على طرح أسئلة مفتوحة لمعرفة المزيد ولتحدِّي تفكيرك. واستعمل الأسئلة التي تبدأ بـ “كيف، وماذا، وأين، ومتى” وأخبرني المزيد. يمكنك حتى بدء سؤال بقول: “من باب الفضول … كم مرة حدث هذا؟”.

يأتي التعاطف بشكل طبيعي عندما نتعامل مع الآخرين بفضول حقيقي، وأن تكون متعاطفاً يعني أن تستمع من دون حل مشكلة؛ إذ لا يتطلب التعاطف فهماً أو توافقاً. التعاطف هو الاستماع من دون حكم، وما عليك سوى الإقرار بما يطرحه الشخص، والمشاعر التي أعرب عنها، سواء كنت توافق أم لا.

يمكنك القيام بذلك عبر التعبير عن وجهة نظرهم؛ إذ تُظهر الأبحاث أنَّ الإنصات بفضول وتعاطف يجعل الناس أقل قلقاً ودفاعاً. عندما نستعمل الفضول، يمكننا إيقاف “دماغ النظام 1” عن التنبؤ والتفاعل؛ إذ وجد “بول إيكمان” (Paul Ekman)، وهو باحث عاطفي مشهور، أنَّ الأشخاص الفضوليين الذين يتقبلون التجارب الجديدة أكثر مهارة في القراءة والتكيف مع مشاعر الآخرين المتغيرة.

الإصغاء للتواصل:

إنَّ تحويل نيتك من الإنصات بغرض الفهم إلى الاستماع بغرض التواصل، يمكن أن يؤدي إلى إعادة صياغة فعل الاستماع من حل المشكلات إلى بناء الثقة.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!