اكتساب وترسيخ العادات الجديدة باستخدام “قاعدة الدقيقتين”

في الآونة الأخيرة، اتبع جيمس كلير "James Clear" كاتب كتاب "العادات الذرية" قاعدةً بسيطةً تساعده في التوقُّف عن المماطلة، وتُسهِّل عليه اكتساب عاداتٍ جديدة؛ لذا يشاركنا الكاتب هذه القاعدة كي نتمكَّن من تجربتها ومعرفة كيفية عملها في حياتنا. ما هو الجزء الأفضل في هذه العادة؟ هو أنَّها استراتيجيةٌ بسيطةٌ من السهل جداً استخدامها. إليكَ ما تحتاج إلى معرفته حولها.

Share your love

ملاحظة: هذا المقال مقتبسٌ من كتاب “عادات ذرية”، وهو واحدٌ من قائمة كتب نيويورك تايمز الأكثر مبيعاً.

ما هي “قاعدة الدقيقتين”؟

تنصُّ قاعدة الدقيقتين على أنَّه: “عندما تبدأ عادةً جديدة، يجب أن يستغرق القيام بها أقلَّ من دقيقتين”. ستجد أنَّه يمكن اختصار أيّ عادة تقريباً إلى نسخةٍ معدَّلةٍ مدَّتها دقيقتين:

  • إنَّ “المطالعة قبل النوم كلَّ ليلة” يمكن أن تصبح “مطالعة صفحةٍ واحدة”.
  • إنَّ “ممارسة ثلاثين دقيقة من اليوغا” يمكن أن تصبح “إخراج حصيرة اليوغا”.
  • إنَّ “الدراسة” يمكن أن تصبح “فتح دفتر الملاحظات”.
  • إنَّ “طي الغسيل” يمكن أن يصبح “طي زوجٍ واحدٍ من الجوارب”.
  • إنَّ “الركض لثلاثة أميال” يمكن أن يصبح “ربط حذاء الركض”.

الفكرة هي جعل بدء عاداتك سهلاً قدر الإمكان، إذ يمكن لأيِّ شخصٍ التأمُّلَ لمدة دقيقةٍ واحدة، أو قراءة صفحةٍ واحدة، أو ترتيب قطعة ملابسٍ واحدة. وكما قلنا للتو، فإنَّ هذه الاستراتيجية قويَّةٌ وفعَّالة؛ ذلك لأنَّه وبمجرد أن تبدأ الشيء الصحيح، فسيكون من الأسهل الاستمرار في فعله.

لا ينبغي أن تشعر بأنَّ العادة الجديدة تشكِّل تحدياً، ولكن يمكن أن تشكِّل الإجراءات التي تليها تحدياً؛ لهذا ينبغي للدقيقتين الأوّليتين أن تكونا سهلتين. ما تريده عادةً هو مدخلٌ يقودك بشكلٍ طبيعيٍّ إلى مسيرةٍ أكثر إنتاجية، ويمكنك عادةً معرفة عاداتٍ تؤدِّي إلى النتيجة المرجوة عن طريق رسم خططٍ لتحقيق أهدافك على مقياسٍ يتراوح بين “سهل جداً” و”صعب جداً”.

فمثلاً: الجري في سباق الماراثون هو أمرٌ صعبٌ للغاية، أمَّا الجري في سباق 5 كلم هو أمرٌ صعب، بينما مشي عشرة آلاف خطوةٍ هو أمرٌ متوسط الصعوبة، ويُعدُّ المشي لمدة عشر دقائق أمراً سهلاً، أمَّا ارتداء حذاء الركض فهو أمرٌ غايةٌ في السهولة. قد يكون هدفك هو الجري في سباق ماراثون، ولكن عادتك “المَدْخَل” هي ارتداء حذاء الجري. هذه هي الطريقة التي تتبع بها قاعدة الدقيقتين.

لماذا تنجح قاعدة الدقيقتين؟

غالباً ما يعتقد الناس أنَّه من الغريب أن تتحمَّس لقراءة صفحةٍ واحدةٍ أو التأُّمل لمدة دقيقةٍ واحدة أو إجراء اتصال مبيعاتٍ واحد، لكنَّ الهدف ليس القيام بشيءٍ واحد؛ بل هو إتقان عادة التمهيد. في الحقيقة، يجب ترسيخ عادةٍ ما قبل أن نستطيع تحسينها، فإذا كنت لا تستطيع تعلُّم مهارة التمهيد الأساسية، فسيكون أملك في إتقان التفاصيل الدقيقة ضئيلاً؛ وبدلاً من محاولة التخطيط لعادةٍ مثاليةٍ منذ البداية، افعل الشيء السهل الذي يؤمِّن الاستمرارية، وهو: وضع المعايير قبل التمكُّن من القيام بالأمر بالشكل الأمثل.

وبينما تتقن فنَّ التمهيد، تصبح الدقيقتان الأوّليتان طقوساً تمارسها عندما تبدأ ممارسة عادةٍ أوسع نطاقاً. هذه ليست مجرَّد طريقةٍ لتسهيل العادات، ولكنَّها في الواقع الطريقة المثالية لإتقان مهارةٍ صعبة، وكلَّما جعلت من بداية العملية طقساً، زادت احتمالية دخولك حالة التركيز العميق المطلوبة لإنجاز أشياء عظيمة. يمكنك أن تجعل من عملية الوصول إلى حالة الذروة في الأداء مهمَّةً أسهل، وذلك من خلال القيام بتمارين الإحماء نفسها التي تقوم بها قبل كلِّ تمرين؛ كما أنَّك تجعل الانخراط في العمل الإبداعي الشاق أسهل، من خلال اتباع الطقوس الإبداعية نفسها.

لعلَّكَ تتمكَّن من جعل العملية تلقائيّةً برمَّتها، ولكن يمكنك القيام بالإجراء الأول بدون تفكير، اجعل البداية سهلة والباقي سيتبعها. قد تبدو قاعدة الدقيقتين خدعةً لبعض الناس، لكنَّك تعلم أنَّ الهدف الحقيقي هو التوصّل إلى القيام بشيءٍ لأكثر من دقيقتين، لذلك قد تشعر وكأنَّك تحاول خداع نفسك؛ لأنَّه في الواقع، لا أحد يطمح في قراءة صفحةٍ واحدةٍ أو القيام بتمرين ضغطٍ واحد أو فتح دفتر ملاحظاته فحسب.

وإذا كنت تعرف أنَّها خدعةٌ عقلية، فلماذا ستنخدع بها؟ إذا شعرت أنَّ قاعدة الدقيقتين كاذبة، فجرِّب هذا: قم بها لمدة دقيقتين ثمَّ توقَّف، اذهب للركض ولكن يجب أن تتوقَّف بعد دقيقتين، ابدأ التأمُّل ولكن يجب أن تتوقَّف بعد دقيقتين، ادرس لغةً ما ولكن توقَّف بعد دقيقتين.

هذه ليست استراتيجية للبدء، بل هي الأمر برمَّته؛ حيث يمكن لعادتك أن تستغرق مئةً وعشرين ثانيةً فقط.

استخدمَ أحد القرَّاء هذه الاستراتيجية من أجل فقدان أكثر من مئة باوند. في البداية، ذهب إلى صالة الألعاب الرياضية كلَّ يوم، لكنَّه أخبر نفسه بأنَّه من غير المسموح له أن يبقى لأكثر من خمس دقائق، فكان يذهب إلى صالة الألعاب الرياضية ويتمرَّن لمدة خمس دقائق ثمَّ يغادر بمجرد انتهاء وقته، بعد بضعة أسابيع، نظر حوله وفكَّر: “حسناً، أنا -وعلى أيّ حال- آتي إلى هنا دائماً، وربَّما علي البدء بالبقاء لفترةٍ أطول قليلاً”، وبعد بضع سنوات، كان قد خسر الوزن الذي يريد.

تنجح استراتيجياتٌ كهذه لسببٍ آخر أيضاً: إنَّها تعزِّز الشخصية التي تريد بناءها، فإذا حضرت إلى صالة الألعاب الرياضية لخمسة أيامٍ متتالية -حتَّى لو كان ذلك لمدة دقيقتين فقط- فأنت بذلك تبدأ اختيار هويتك الجديدة. أنت لست قلقاً بشأن تحسين الشكل، أنت تركِّز على أن تصبح من النوع الذي لا يفوِّت التدريبات؛ لذلك تقوم بأصغر إجراءٍ يؤكِّد نوع الشخص الذي تريد أن تكون عليه.

نادراً ما نفكِّر في التغيير بهذه الطريقة؛ ذلك لأنَّ الجميع منشغلون بالهدف النهائي، لكنَّ القيام بتمرين ضغطٍ واحدٍ أفضل من عدم ممارسة التمرينات، كما أنَّ ممارسة العزف على الغيتار لدقيقةٍ واحدةٍ أفضل من عدم العزف إطلاقاً، ودقيقةٌ واحدةٌ من القراءة أفضل من عدم إحضار كتاب.

إنَّه لمن الأفضل بكثيرٍ أن تفعل أقلَّ ممَّا كنت تأمل، بالمقارنة مع عدم القيام بأيِّ شيءٍ على الإطلاق؛ كما يمكنك استخدام قاعدة الدقيقتين عندما تعاني من أجل الالتزام بعادة، فهي طريقةٌ بسيطةٌ لجعل عاداتك سهلة.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!