امتلاك الشغف ومواجهة الشدائد سببان للنجاح

إنَّ الممارسة وبذل الجهود التي تؤدي إلى النجاح والسعادة على الأمد الطويل، تعززها الرغبة الأساسية في ذلك، هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة كريستين كارتر (CHRISTINE CARTER)، والتي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها الشخصية في تحقيق النجاح.

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة كريستين كارتر (CHRISTINE CARTER)، والتي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها الشخصية في تحقيق النجاح.

لقد حصلت على وظيفة مرموقة وذات أجر مرتفع في إدارة التسويق، وللأسف، لم أحبها حيث لم أشعر سوى أنَّني أسجِّل توقيت حضوري، وأتحقق من المهام المنجزة، وأسجل توقيت خروجي؛ ولذلك، بدأت بالعلاج للتخلص من شعور القلق؛ حيث لم أكن أعرف من أنا أو ما الذي أريده في الحياة.

عندما بدأت دراسة علم اجتماع السعادة بعد ست سنوات، بدأت أشعر بالشغف، ولم يعتقد أي شخص آخر بصورة خاصة أنَّ ما كنت أفعله كان يمثل فكرةً رائعةً، وقد أخبرني أحد الأساتذة أن أتوقف عن وصفها بالسعادة ما دمت أدرس كيفية المحافظة على عافيتي؛ وذلك لاعتقاد الناس أنَّني لست ذكيةً بما فيه الكفاية.

بعد صراعي مع مشاعر القلق في الشركات الأمريكية، كان من الممكن أن ينخفض اهتمامي بما يعتقده الآخرون عني؛ حيث لم أُعر أي اهتمام لنوع البحث الذي سيساعدني على الحصول على وظيفة ضمن المجال المناسب، وكنت أشعر بسعادة كبيرة بكل ما كنت أتعلَّمه؛ أعتقد أنَّ الأمر قد نجح نجاحاً جيداً معي.

في أول مقال لي في السلسلة التي تتحدث عن الأداء عالي المستوى والعزيمة، كنت أؤكد أنَّ النجاح يتطلب قدراً كبيراً من الممارسة، وغالباً ما تكون غير ممتعة، ومع ذلك، فإنَّ الممارسة المستمرة والمتعمدة لأصحاب الأداء العالي دائماً ما يعززها الاهتمام الفطري بما يفعلونه؛ بمعنىً آخر، الشغف هو عنصر أساسي للعزيمة.

تُظهِر الأبحاث بصورة مقنعة أنَّه عندما ندرك أنَّ الطفل موهوب بالفطرة، أو يُظهِرُ مهارة تُنبئ بمستقبل واعد في مجال معين؛ فإنَّ ما ندركه بالفعل هو الاهتمام وليس الموهبة؛ حيث إنَّ الطفل البالغ من العمر أربع سنوات والذي يُظهِر اهتماماً بالعزف على الكمان أو اهتماماً غير عادي بالموسيقى الكلاسيكية يبدو أنَّه سيكون عازف كمان يوماً ما، ومع ذلك، قد لا يظهر أنَّه موهوب، وقد يحفز اهتمامه بالموسيقى في مثل هذه السن المبكرة الكثير من الأمور التي تقوده إلى البراعة في هذا المجال، مثل تعلُّم الموسيقى مبكراً، وتشجيع الآباء لأطفالهم على التدرب تدرُّباً متعمداً ومستمراً، لكنَّ الاهتمام المبكر ليس كالإنجاز المبكر؛ حيث يتطلب الإنجاز جهداً ومهارةً، ولا يملك الطفل البالغ من العمر أربع سنوات الوقت الكافي لتطويرهما.ال

خلاصة القول: إنَّ الممارسة وبذل الجهود التي تؤدي إلى النجاح والسعادة على الأمد الطويل، تعززها الرغبة الأساسية في ذلك، وليس الآباء أو التوقعات الاجتماعية، وفي الواقع، ربما تطوَّر شغفي بعلم السعادة تطوُّراً أفضل، وزادت فرص نجاحي؛ وذلك لأنَّه لم يكن هناك من يحفزني لتحقيق ذلك.

السقوط والفشل:

الشغف أمر آخر – إضافة إلى الممارسة الصارمة والراحة الاستراتيجية – يتسم به أصحاب الأداء العالي؛ حيث إنَّ كل هذا الشغف يكون مفيداً تحديداً عندما نفكر في عنصر هام آخر للنجاح وهو الفشل.

يُحوِّل الأشخاص أصحاب الأداء العالي والمتميزون الشدائد إلى نجاح، ومعظم الأشخاص العظيمين لا يحققون إنجازاً تلو الآخر؛ حيث يعد الفشل جزءاً أساسياً من التطور، فلقد رُفِضَت سلسلة هاري بوتر (Harry Potter) للروائية جي كي رولينغ (J.K. Rowling) من قِبل 12 ناشراً، وحتى قبل أن تؤلف تلك السلسلة، عانت من مجموعة من الإخفاقات الشخصية المدمرة.

كما فُصِلَ مايكل جوردن (Michael Jordon) من فريق كرة السلة في المدرسة الثانوية، وعانى أبراهام لينكولن (Abraham Lincoln) – الذي يعدُّ أشهر مثال عن الفشل الذي يسهم في تحقيق النجاح – من سلسلة من الانتخابات الخاسرة – إلى جانب بعض النجاحات الملحوظة – قبل أن يصبح أحد أعظم الرؤساء.

ضع في حسبانك أنَّ 75% من الناس يعانون من صدمة ما في الحياة، وأنَّ حوالي 20% من المحتمل أن يتعرضوا لحدث مؤلم في حياتهم في سنة معينة؛ لذلك فإنَّ الاحتمالات تؤكد أنَّ حياتنا لن تكون خالية من الألم والمعاناة، بغض النظر عن أوضاعنا، ومع ذلك، فإنَّ الوضع الاجتماعي والاقتصادي هام، ففي حين أنَّ الثروة لا تحمينا من الشدائد، إلا أنَّها تحد من الصدمات.

ونظراً لأنَّ الشدائد في الحياة أمر لا بد منه، فإنَّ نجاحنا وسعادتنا يعتمدان على قدرتنا على التعامل معها، وعلى التطور والنمو بسببها أيضاً، ومن الناحية المهنية، نحن نمتلك أكبر إمكانات للنمو عندما نتحدى أنفسنا في مجالنا خارج منطقة الراحة الخاصة بنا؛ وهذا يعني المخاطرة بالخوف أو الإحراج أو الأخطاء أو حتى الفشل الكامل؛ ممَّا يعني اكتساب مهارات وقدرات جديدة تساهم في تفوُّقنا ونجاحنا في المستقبل.

ولأنَّ العزيمة هي خليط من المثابرة والشغف؛ فإنَّ الشدائد تلعب دوراً هاماً في مساعدتنا على تطوير هاتين الصفتين، ومن المثير للاهتمام، أنَّ معظم الأبحاث العلمية تُظهِر أنَّ التوتر المرتبط بالشدائد وطريقة الاستجابة له، يميل إلى التنبؤ بمدى استفادتنا منه، والأشخاص الذين أعلنوا عن نمو كبير بعد مواجهة المصاعب ليسوا أولئك الذين يقاومون التوتر تماماً في مواجهة الشدائد؛ بل هم أولئك الأشخاص الذين يعانون من التوتر وحتى من إجهاد ما بعد الصدمة؛ لذلك إذا لم نشعر ببعض التوتر في مواجهة موقف صعب، فمن المحتمل أنَّنا لن نتغلَّب عليه ولن نتمكن من النمو والتطور.

إذاً، الفشل والشدائد عموماً هما أساس الحياة، وعلى الرغم من أنَّه لا يوجد أي أمر جيد في المصائب، إلا أنَّه من الممكن الاستفادة منها بطريقة ما، فنحن نعلم أنَّ الأحداث السلبية والمصائب، مثل تحطُّم طائرة أو الإصابة ببعض الأمراض العضال، يمكن أن تحفز الشعور بالاكتئاب والقلق أو حالة التوتر ما بعد الصدمة، ولكن ما لا يدركه معظمنا هو أنَّ النمو بعد الصدمة – كما يسميه الباحثون – يمكن أن يرشدنا إلى نقاط قوتنا ويعلمنا الحكمة؛ حيث إنَّ المصائب وحتى الكوارث لديها القدرة على منح حياتنا معنىً جديداً وإحساساً بالهدف، وبهذه الطريقة تساهم الشدائد في الجزء العاطفي المتعلق بالعزيمة.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!