كيف توائم بين حياتك المهنية ومفهومك الشخصي للنجاح؟

بمجرد إدراكي أنَّ مقاييس النجاح خاصتي كانت السعادة وتقدير الذات، أساعد الآن الموظفين ورجال الأعمال الآخرين على اكتشاف ما يحدد نجاحهم بصرف النظر عن المال من خلال هذه الاستراتيجيات الثلاثة، هذا المقال مأخوذ عن "كولن داريتا" (Colin Darretta) مؤسس شركة "ويل باث" (well path) ومؤلف ومؤسس مشارك في عدة منصات متخصصة بالتسويق.

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن “كولن داريتا” (Colin Darretta) مؤسس شركة “ويل باث” (well path) ومؤلف ومؤسس مشارك في عدة منصات متخصصة بالتسويق.

زعمت الحكمة الشعبية منذ أمد بعيد أنَّ المال غير قادر على شراء السعادة، ولكنَّ الأمر أكثر تعقيداً من ذلك؛ حيث تؤكد الأبحاث الحديثة أنَّه في حين يرتبط ارتفاع الدخل بارتفاع متوسط العمر المتوقع وارتفاع مستوى الرضا، يشتمل الأمر على نقطة تحول؛ فبمجرد تلبية احتياجاتنا المادية المباشرة ورغباتنا المالية، لا يؤدي جمع مزيد من المال إلى مزيد من الفرح.

لقد وصلت إلى النقطة التي أردت فيها إنشاء شيء ملموس يجمع بين حبي للرفاه ورغبتي في تحسين حياة الناس، وقد نجحت أولى مساعيَّ كرجل أعمال في تحقيق هذه الغاية من خلال تقديم المكملات التي من شأنها أن تفي بهذا الغرض؛ مع امتلاك الوقت لرؤية عائلتي والسفر حول العالم بضع مرات في العام والقيام بالأشياء التي تسهم في سعادتي حتى بعد بضع نجاحات تجارية أخرى.

لقد بدأ كل ذلك باكتشافٍ بسيط: لقد كنت أكذب على نفسي بشأن مدى النجاح الذي حققته، فأصبحت أقل اهتماماً بمقدار المال الذي يمكنني أن أجمعه وأكثر اهتماماً بمدى التأثير والوقت والسعادة التي يمكنني صنعها بهذه الأموال.

لا تدفع السعادة ثمناً للنجاح:

بمجرد إدراكي أنَّ مقاييس النجاح خاصتي كانت السعادة وتقدير الذات، عرفت مقدار الوقت الذي أهدرته في مطاردة الأهداف الخاطئة، لذا أساعد الآن الموظفين ورجال الأعمال الآخرين على اكتشاف ما يحدد نجاحهم بصرف النظر عن المال من خلال هذه الاستراتيجيات الثلاثة:

1. ربط المسار الحالي مع هدف حياتك:

نحن نسعى جميعاً في نهاية المطاف إلى إيجاد المغزى من حياتنا، وهو مختلف تمام الاختلاف بالنسبة إلينا جميعاً؛ فبالنسبة إلى بعضنا، قد تعني الحياة تربية الأطفال أو رد الجميل للمجتمع؛ وبالنسبة إلى آخرين، قد تعني الحصول على أحدث ابتكار تكنولوجي في العالم.

لا توجد إجابة صحيحة أو خاطئة للجميع، ولكن توجد إجابة صحيحة وغير صحيحة تخصُّك وحدك؛ ولهذا السبب فإنَّ خطوتك الأولى لا بد أن تكون تحديد ما يضفي على حياتك المغزى، وتقييم ما إذا كان مسارك الحالي يسمح لك بتحقيق هذه النتائج.

إذا لم يكن هدف حياتك أن تكون في قمة مجالك الحالي، يتعارض هذا مع أهم شيءٍ بالنسبة إليك مهما كان؛ فعندما قيَّمت حياتي، سألت نفسي عمَّا إذا كان الجلوس على كرسي رئيس في العمل بعد 10 أو 20 عاماً من الآن سيجعلني سعيداً، فأتى الجواب بالنفي.

لا يعني هذا أنَّني قد لا أعود إلى عملي في التمويل أبداً، فمن المستحيل معرفة الهدف الذي سيحدد حياتي على مدى الثلاثين عاماً القادمة، فقد كان التمويل غير متوافقٍ مع هدفي الفردي في تلك المرحلة من حياتي؛ ولكن قد يُعاد تنظيمه في المرحلة التالية؛ وتحقيقاً لهذه الغاية، حاول التفكير في تقسيم حياتك إلى فترات زمنية تبلغ مدة كلٍّ منها 5 سنوات؛ ذلك لأنَّ أهدافك وتطلعاتك قد تتغير  مع مرور الوقت.

كانت رغبتي الحقيقية هي رؤية أنَّني أؤثِّر إيجابياً في حياة الناس، والشعور بالإنجاز من خلال بناء عمل مربح ذاتي الاستدامة، والشعور بالرضا النابع من بناء فريق يستمتع بعمله ويؤدي عملاً جديراً بالاهتمام؛ ومن الواضح أنَّني كنت أخطئ في تنظيم المشاريع، ولكنَّ عدم إيجاد حل لهذا الأمر كاد ليتركني أتساءل: “ماذا لو؟” لبقية حياتي.

2. وضع قيمة اقتصادية لقيمك:

إنَّ قيمك هي التي توجه سلسلة القرارات التي تتخذها لتحقيق التوازن بين حياتك ومسيرتك المهنية، وتتلخص أفضل طريقة لتقرير ما يستحق العمل من أجله في تعيين قيمة اقتصادية لكل قرار؛ فإذا كانت الراحة وقضاء الوقت في المنزل تعملان على إضفاء معنى لحياتك، فقد يكون من المفيد العمل عن بعد.

اسأل نفسك: “هل من الهام أن أكون على استعداد لخسارة بضعة آلاف من الدولارات من العائدات السنوية للحفاظ على هذه الأشياء؟”، وأعطِ تلك الفوائد قيمة بحيث يمكنك تحديد ما إذا كان العمل عن بعد هو الراحة القصوى أو أنَّه واحد من أشياء قد تضحي بها للحصول على راتب أعلى يمكن أن يوفر لك مزيداً من وسائل الراحة المنزلية؛ فعندما تقارن بين النقود والفوائد، امنح الفوائد قيمة مماثلة.

حدد في الوقت نفسه القيم غير القابلة للتفاوض، بمعنى أنَّ أي مبلغ من المال لا يستحق منك التضحية بها من أجله؛ وبالنسبة إلى أغلب القرارات الرئيسة والعديد من القرارات الثانوية، فأنا أصنع قوائم مقارنة.

عندما قررت العمل في مجال التمويل أول مرة، كنت في نيويورك؛ حيث شعرت أنَّني موجود في مكاني الصحيح، وكان المشي إلى العمل يستحق مني أكثر من راتب أعلى في مدينة مختلفة؛ وعندما أدركت أنَّني أستطيع أن أفعل ذلك ولا زالت لدي وظيفة ذات معنى، كان الاختيار واضحاً.

3. إجراء تغييرات معتدلة أولاً:

بمجرد وضع قائمة تتضمَّن قيمك وربطها بقيمة اقتصادية نسبية، رتِّبها، واطلب فرصاً لزيادة الوقت الذي تقضيه في ممارسة أبرزها؛ وقبل أن تقوم بأي تغييرات جذرية، اعلم ما إذا كانت التحولات الطفيفة ستؤدي الغرض منها.

إذا كنت تريد العمل عن بُعد، فاسأل رئيسك إذا كان ذلك ممكناً؛ وإذا لم يحدث هذا، فلنتأمل ما إذا كان البحث عن وظيفة عن بعد يستحق الحصول على تخفيض في الأجور.

قد تطرح بعض القيم بلا ضرورة، وقد تكون السعادة والنجاح في هذه الحالة أقرب مما نتصور؛ وسيوضح لك تصنيف قيمك التغييرات التي تحتاج إلى إجرائها لتتماشى معه.

قد تتمكن من تحقيق أهم الأهداف وأكثرها قيمة على قائمتك في مسيرتك المهنية الحالية، وهو أمر يستحق الاستكشاف قبل الانطلاق إلى مسار وظيفي جديد؛ كما ستضع هذه الاكتشافات أيضاً الأساس لتنقلاتك التالية، فعلى سبيل المثال: كنت أقدم الاستشارات لشركةٍ ناشئةٍ يمتلكها أحد أصدقائي، في الوقت الذي كنت فيه كنت لا أزال أتولى منصبي في صندوق أسهم خاص، فكان الحصول على فكرة مسبقة عن مسار ريادة الأعمال في أثناء بناء الخبرات في مجال جديد بمثابة حجر الأساس للمشاريع التي أملك شغفاً نحوها.

لا يتقاطع النجاح (وفقاً لأغلب معايير المجتمع) والشعور بالنجاح (مقاييسك الخاصة) دائماً، ولكن يمكنك اختيار مغامرتك الخاصة ورسم مسارك الخاص.

إنَّ الشيء الوحيد الذي أعرف أنَّه لا ينفع هو الكذب على نفسك؛ وإذا كانت مقاييس النجاح لا تتضمن القيم الهامة وذات المغزى بالنسبة إليك، سيكون النجاح الحقيقي دوماً بعيداً عن متناول أيدينا، بصرف النظر عن المبلغ الذي تجنيه من المال؛ ولكنَّ الأمر مضحك: عندما تقوم بعمل تحبه، يميل النجاح المالي إلى المتابعة، وقد ينتهي بك الأمر إلى زيادة حسابك المصرفي إلى جانب سعادتك.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!