لماذا يعد الفشل أمراً جيداً لتحقيق النجاح؟

أجمل انتصار تحققه هو ذاك الذي تواجه فيه الكثير من الصعوبات والتحديات، فالمجتمع من حولك لا يكافئ الهزيمة، ولن تجد الكثير من الإخفاقات الموثقة في كتب التاريخ. إليك طريقتين لاعتياد عقلية الشجاعة.

Share your love

ثم إنَّ الاستثناءات ما هي إلا تلك الإخفاقات التي أصبحت نقاط انطلاق لتحقيق النجاح فيما بعد. وهذا هو الحال مع توماس إديسون (Thomas Edison)، صاحب أهم اختراع لا يُنسى في التاريخ وهو المصباح الكهربائي. والذي زُعِمَ أنَّه استغرق 1000 محاولة قبل أن يتمكن من تطوير نموذج أولي ناجح منه. سأله صحفي ذات مرة: “كيف كان شعورك عندما فشلت 1000 مرة؟”، أجاب إديسون: “أنا لم أفشل 1000 مرة؛ وإنَّما كان المصباح اختراعاً مكوناً من 1000 خطوة”.

على عكس إديسون، يتجنب معظمنا احتمال الفشل. في الواقع، نحن نركز كثيراً على عدم الفشل، لدرجة أنَّنا لا نهدف إلى النجاح، بل نكتفي بعيش حياة عادية بدلاً من ذلك. وعندما نرتكب أخطاء، فإنَّنا نتجاهلها ونعدل تلك الأخطاء في سيرتنا الذاتية.

وَرَدَ أنَّ جيري سي بوستيك (Jerry C. Bostick)، المسؤول عن قسم التحكم بالطيران في وكالة ناسا (NASA)، صرَّح خلال مهمة إعادة مركبة أبولو 13 المتضررة إلى الأرض بعبارة: “الفشل ليس خياراً”، وهذه العبارة محفورة في ذاكرة الجميع منذ ذلك الحين.

في مجتمعنا القائم على النجاح، لا يُعدُّ الفشل مجرد خيار غير متاح؛ وإنَّما يُعدُّ نقصاً، كما تؤكد الصحفية كاثرين شولتز (Kathryn Schulz)، مؤلفة كتاب “أن تكون مخطئاً: مغامرات على هامش الخطأ” (Being Wrong: Adventures in the Margin of Error)؛ حيث تقول شولتز: “من بين كل الأمور التي نخطئ فيها، فإنَّ أهمها هو نظرتنا إلى الخطأ؛ ذلك لأنَّنا مخطئون بشأن ما يعنيه أن نكون مخطئين فعلاً، فالخطأ لا يشير إلى الدونية الفكرية على الإطلاق، بل إنَّ ارتكاب الأخطاء أمر مهم للمعرفة البشرية”.

الفشل أعظم مُعلِّم في الحياة:

عندما نُلقي نظرةً فاحصةً على المفكرين العظماء عبر التاريخ، فإنَّ الرغبة في تحمُّل الفشل ليست فكرة جديدة أو غير عادية أبداً. من أمثال أوغسطينوس (Augustine) وداروين (Darwin) وفرويد (Freud) إلى رجال الأعمال المستقلين والمشاهير في الرياضة اليوم، يُعدُّ الفشل أداةً فعَّالةً مثل أي أداة للوصول إلى نجاح كبير.

يقول المؤلف رالف هيث (Ralph Heath)، الشريك في إدارة شركة سينيرجي ليدرشيب غروب (Synergy Leadership Group)، ومؤلف كتاب “الاحتفاء بالفشل: قوة المجازفة وارتكاب الأخطاء والأفكار الطموحة” (Celebrating Failure: The Power of Taking Risks, Making Mistakes and Thinking Big): “يختار أرباب العمل عدم المجازفة، وعدم لفت الانتباه، وتكرار الخيارات الآمنة نفسها مراراً وتكراراً، ويعتقدون أنَّهم إن لم يُحدثوا أيَّ أثر، فلن يلفتوا الانتباه إليهم ولن يلومهم أحد على فشلهم، لأنَّهم لا يحاولون أصلاً إنجاز أيِّ أمر عظيم يمكن أن يفشل أو ينجح”، ومع ذلك، في اقتصاد اليوم في مرحلة ما بعد الركود، لم يَعُد بعض أرباب العمل يبتعدون عن الفشل؛ وإنَّما يتقبلونه.

ووفقاً لمقال نُشِرَ مؤخراً في مجلة بلومبيرغ بيزنس ويك (BusinessWeek)، تسعى معظم الشركات إلى البحث عن الأشخاص الذين لديهم سجلات إنجازات تعكس فشلهم ونجاحهم، معتقدين أنَّ الأشخاص الذين مرُّوا بظروف صعبة وتمكَّنوا من تجاوزها بنجاح، لديهم خبرة ومثابرة لا يمكن تعويضهما.

إنَّ النجاح الكبير ينطوي على مخاطرة كبيرة، والفشل ببساطة، هو نتيجة ثانوية شائعة؛ لذا لا يشعر القادة المتميزون للشركات الكبرى بالأسف على أخطائهم، ولكن بدلاً من ذلك يستغلونها في تحقيق مكاسب مستقبلية. يقول هيث: “إنَّ أسرع طريق للنجاح هو امتلاك موقف عدم الخوف من الفشل. ولأداء العمل بصورة جيدة، وتحقيق النجاح والحفاظ على قدرة الشركات على المنافسة، يحتاج القادة والموظفون إلى المخاطرة قليلاً يومياً”.

كما يتعين عليهم تقديم أفكار محفوفة بالمخاطر، فضلاً عن الخطط والعروض التقديمية والنصائح والتقنيات والمنتجات والقيادة والفواتير وغير ذلك الكثير، وعليهم أن يقدموا كل ذلك من دون أي خوف من الفشل أو الرفض أو العقوبة.

شاهد بالفيديو: 6 دروس يجب أن تتعلمها من الفشل

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/bPjqLVbxXuM?rel=0&hd=0″]

الوصول إلى إمكاناتك:

ينطبق الأمر نفسه على المهام الشخصية، سواء في التغلب على بعض التحديات المحددة، أم الوصول إلى إمكاناتك الكاملة في جميع جوانب الحياة. لتحقيق أفضل ما لديك، والوصول إلى مستويات لا مثيل لها، وجعل كل الأمور المستحيلة ممكنة، يجب عليك ألَّا تخاف من الفشل، وأن تكون طموحاً، وأن تعمل بجد لتحقيق شيء ما.

عندما نفكر في الأشخاص الذين لديهم هذه العقلية، نتخيل الأشخاص الجريئين والروَّاد والمخترعين والمستكشفين، فهم يتبنُّون الفشل كخطوة ضرورية لتحقيق نجاح لم يسبق له مثيل. ولكنَّ هذا لا يعني أنَّه يجب عليك المشي على حبل مشدود، أو تسلُّق جبل إيفرست، أو علاج شلل الأطفال، لتوظيف هذه العقلية في حياتك الخاصة.

عندما تكون مكافآت النجاح عظيمة، فإنَّ تقبُّل الفشل المحتمل هو مفتاح لمواجهة مجموعة متنوعة من التحديات، سواء كنت تعيد اكتشاف نفسك من خلال بدء عمل تجاري جديد، أم السماح لنفسك بالثقة بشخص آخر لبناء علاقة عميقة.

يقول الكاتب والمتحدث جون سي ماكسويل (John C. Maxwell): “لتحقيق أيِّ هدف نبيل، يجب أن تخاطر”، وفي كتابه “الفشل نحو الأمام: تحويل الأخطاء إلى نقاط انطلاق لتحقيق النجاح” (Failing Forward: Turning Mistakes into Stepping Stones for Success)، يشير إلى مثال الطيارة الأسطورية أميليا إيرهارت (Amelia Earhart)، التي سجلت العديد من الأرقام القياسية وأحرزت الكثير من المراتب الأولى في حياتها، بما في ذلك كونها أول طيارة تطير بمفردها فوق المحيط الأطلسي.

وعلى الرغم من أنَّ رحلتها الأخيرة كانت مصيرية، إلا أنَّ ماكسويل يعتقد أنَّها كانت على علم بالمخاطر، وأنَّ المكافأة المحتملة كانت تستحق العناء. لقد كانت نصيحة إيرهارت عندما تعلَّق الأمر بالمخاطرة بسيطة ومباشرة؛ حيث تقول: “قرِّر فيما إذا كان الهدف يستحق المخاطر التي ستواجهها أم لا. فإن كان الأمر كذلك، توقف عن القلق”. لا يعني هذا أن تجرِّب الطيران في أثناء الليل وأن تأمل بعدها في تحقيق أفضل ما لديك؛ حيث يتطلب تحقيق الهدف بذل الجهد والتحضير والممارسة وبعض الوعي بمهاراتك ومواهبك.

اعتياد عقلية الشجاعة:

يقول هيث: “أحد أكبر أسرار النجاح هو العمل داخل منطقة القوة الخاصة بك، ولكن خارج منطقة الراحة الخاصة بك”. وعلى الرغم من أنَّك قد تفشل فشلاً ذريعاً، فإنَّك قد تنجح نجاحاً باهراً، وهذا هو السبب في ضرورة المخاطرة والشعور بالشجاعة. وفي كلتا الحالتين، ستتعرف أكثر من أيِّ وقت مضى إلى نقاط قوَّتك ومواهبك وعزيمتك، وستعزز إرادتك في مواجهة التحدي القادم. إذا كان هذا الأمر يبدو وكأنَّه خطر، فمن الممكن أن يكون كذلك، لكن توجد طرائق لاعتياد عقلية الشجاعة، وهي:

1. الحفاظ على موقف إيجابي:

يجب الحفاظ على موقف إيجابي بوعي، حتى تتمكن – بغضِّ النظر عمَّا تواجهه – من الاستفادة من التجارب والاستمرار في المضي قدماً. يقول ماكسويل: “ليس كل شخص إيجابياً بطبيعته”، ويذكر لنا بأنَّ والده كان يصف نفسه بأنَّه شخص سلبي بطبيعته، ولكنَّه غيَّر موقفه من ذلك باختيار أن يكون موقفه إيجابياً مهما كانت الظروف.

2. القراءة والإنصات إلى المواد التحفيزية:

يجب القراءة والاستماع باستمرار للمواد التي تعزز موقفك الإيجابي، على سبيل المثال، يقول ماكسويل: “لقد قرأ والدي مرات عدة كتاب “قوة التفكير الإيجابي” (The Power of Positive Thinking)، وأنا لم أفهم سبب ذلك، فسألته عن السبب، فأجابني: “بُنيَّ، أنا بحاجة إلى الاستمرار في الحصول على المعلومات حتى أتمكن من البقاء إيجابياً”.

كافئ موظفيك وامدح جهودهم أمام المنظمة بأكملها، حتى يفهم الجميع أنَّه لا بأس من الفشل.

في الختام:

يقول هيث: “إذا شعرتُ بالتراخي ولم أُجازف، سيلاحظ أحدهم ما أفعله، ويحسِّن نفسه على حساب جهودي مع مرور الوقت، ويخرجني من العمل؛ لذلك، يجب أن تستمر في إيجاد طرائق أفضل لإدارة حياتك، أو سيستفيد شخص ما من إنجازاتك ويحسِّنها، وسيكون راضياً جداً بالنتائج؛ لذا استمر في المضي قدماً وإلا ستنتهي مسيرتك المهنية”.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!