ما هو التعلم بالممارسة؟ ولماذا هو أسلوب فعال؟

تتوسع قائمة أساليب التدريس باستمرار، نظراً لتعدد طرائق اكتساب المعرفة؛ ونتيجة لذلك، يوجد العديد من الأساليب التي تعزز تلك المهارات الخاصة، وأحد هذه الأساليب التي نريد مشاركتها معك في هذا المقال هو التعلم بالممارسة.

لقد وُجِدَ هذا الأسلوب منذ فترة طويلة، ويعد طريقة فعَّالة جدَّاً بفضل المزايا المختلفة التي تصاحبه، ويُعرَف أيضاً بالتعلم بالممارسة؛ لذا سنشاركك في هذا المقال بعض المعلومات عن التعلم بالممارسة، وماذا يعني، ولماذا يعد أداة تعليمية فعالة.

ما هو التعلم بالممارسة؟

التعلم بالممارسة هو الفكرة البسيطة المتمثلة في أنَّنا قادرون على تعلُّم المزيد عن أمرٍ ما عندما نمارسه.

على سبيل المثال، لنفترض أنَّك تريد العزف على آلة موسيقية وكنت تتساءل كيف يبدو صوت الآلات وماذا سينتج عن دمج الأصوات معاً، في معظم الأساليب الأخرى، يمكنك العزف على الآلة الموسيقية بنفسك في الاستوديو؛ في حين يمنحك التعلم بالممارسة فهماً أساسياً لطريقة العزف على الآلة، ويضعك على خشبة المسرح لعزف مقطوعة ما عزفاً ارتجاليَّاً مع موسيقيين آخرين.

كما توجد طريقة أخرى للتفكير في ذلك، وهي اتباع نهج أكثر نشاطاً تجاه أمر ما بدلاً من التعلم السلبي عنه، ونقطة النقاش هنا هي أنَّ المشاركة النشطة توفر تعلُّماً أعمق، وأنَّه لا بأس إذا ارتكبت بعض الأخطاء طالما أنَّك تتعلم منها. لقد نتج عن هذه العقلية اسم جديد لهذا الأسلوب، وهو: التعلم بالممارسة.

ما هي فوائد التعلم بالممارسة؟

لقد ظهر التعلم بالممارسة منذ زمنٍ بعيد وهو موجودٌ حتى الآن، وكتب أرسطو (Aristotle) قائلاً: “بالنسبة إلى الأمور التي يجب أن نتعلمها قبل أن نتمكن من القيام بها، نتعلمها فعلياً من خلال ممارستها”.

على مر السنين، تغيرت طريقة التفكير هذه وتطورت وفُقِدَت لبعض الوقت حينما أُدخِلَت أجهزة الكمبيوتر إلى المدارس، وفي السنوات الأخيرة، اعتمدت المدارس هذا الأسلوب مرةً أخرى؛ ومن الواضح سبب تشجيع المعلمين لهذا الأسلوب وذلك لأنَّه يقدم خمس فوائد كبيرة وهي:

1. أسلوب ممتع وغير قابل للنسيان:

الفائدة الأولى هي أنَّه أكثر متعة وغير قابل للنسيان، ونظراً لأنَّ هذا يتطلب اتخاذ إجراء من قبلك، فلن يكون تراجع الأداء ممكناً، ويعد هذا أمراً هاماً نظراً لأنَّك ستتعلم من المحاضرات أو الكتب أو المقالات، وقد يقرأ المتعلمون -أو لا يقرؤون- نصَّاً ما بسهولة، ولكنَّهم قد لا يفهمون منه أي شيء على الإطلاق.

في حين أنَّك عندما تضطر إلى مواجهة موقف يتعين عليك فيه القيام بما تحتاج إلى تعلمه، سيكون من السهل تذكُّر هذه الأمور، حيث يوفر كل إجراء تقوم به تجارب تعليمية مخصصة، ومن هنا يُبنَى الدافع؛ هذا الدافع الذي يرتبط بما تعلمته وشعرت به، فهو يُعلِّم أنَّ التعلم ملائمٌ وهادف.

بالإضافة إلى ذلك، تتيح هذه التجربة الفرصة للمتعلمين للخوض في دورة التعلم التي تتضمن جهداً طويلاً وارتكاب بعض الأخطاء والتفكير، ويتبعها صقل الاستراتيجيات.

2. أسلوب شخصي أكثر:

انطلاقاً من السبب المذكور أعلاه، يُقدِّم التعلم بالممارسة تجربةً شخصيةً، وبالإشارة إلى دورة الجهد والأخطاء والتفكير والصقل، فإنَّ هذه الدورة ممكنة فقط من خلال العواطف الشخصية، فالدافع وتحقيق المعرفة بموضوع معين يرتبطان بقيمك ومبادئك.

ويعد هذا الارتباط فعَّال، وبالتالي يقدم تجربة أكثر ثراءً من القراءة من كتاب ومقالات، كما يعد هذا الارتباط الشخصي أكثر أهميةً؛ وذلك لأنَّه يشجع المتعلمين على الاستكشاف والفضول.

فمثلاً، إذا كنت تريد صنع كعكة أو طهي طبق فريد من نوعه، فيمكنك القراءة عن الموضوع أو مشاهدة مقطع فيديو يتحدث عن ذلك، أو يمكنك الحصول على المقادير والبدء في محاولة القيام بذلك بنفسك، حتى إذا ارتكبت أخطاء الآن، سيكون لديك فهم أفضل لما يجب القيام به في المرة القادمة التي تحاول فيها، كما أنَّك ستستثمر مزيداً من وقتك وجهدك في ذلك بما أنَّك صنعت الطعام بنية تناوله.

شاهد بالفيديو: كيف تتعلم باستمرار لتطور نفسك وتنمي قدراتك؟

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/i3HHZT68dJ4?rel=0&hd=0″]

3. أسلوب مرتبط بالمجتمع:

يشمل التعلم بالممارسة العالم ككل، وذلك بدلاً من الجلوس بمفردك في غرفتك أو في المكتبة وقراءة كتاب، وباعتبار أنَّ المدينة بأكملها هي غرفة الصف من الناحية العملية، يمكنك الاستفادة من جميع الأمور من حولك، كما يمكنك جمع المسائل وربط القضايا المحلية بموضوعات عالمية أكبر.

يميل هذا أكثر إلى الجانب الشخصي الذي يشجع عليه هذا الأسلوب؛ فأنت جزء من مجتمع، وهذا النوع من التعلم يسمح لك بالتفاعل أكثر وإقامة علاقات معه، وليس بالضرورة مع السكان وإنَّما مع البيئة المحيطة به.

4. أسلوب أكثر اندماجاً في حياة الناس:

لقد دُمِجَ هذا النوع من التعلم بعمق في حياتنا أيضاً، ويحدث التعلم العميق بصورة أفضل عندما يتمكن المتعلمون من تطبيق ما تعلموه في الفصل الدراسي للإجابة عن الأسئلة التي يهتمون بها للأمور من حولهم.

وعلى الرغم من وجود الكثير من المعلومات، لا يزال الناس يتساءلون دائماً عن فائدة ذلك بالنسبة إليهم؛ وحتى عندما يتعلق الأمر بالتعلم، سيكون الناس أكثر اهتماماً إذا عرفوا أنَّ ما يتعلمونه أمر هام لأسلوب حياتهم بطريقة ما.

إنَّه لأمر يمكن نسيانه إذا لم يتمكنوا من ربط المعرفة بالجوانب الشخصية من حياتهم، وبالتالي فإنَّ التعلم بالممارسة يجعل تطبيق المعرفة أمراً سهلاً.

5. يبني مهارات النجاح:

إنَّ الفائدة النهائية للتعلم بالممارسة هي أنَّه يبني مهاراتك لتحقيق النجاح، فهو يشجعك على الخروج من منطقة راحتك واكتشاف أمور جديدة وتجربتها لأول مرة؛ فأنت ملزم بارتكاب خطأ أو خطأين، لكن باستخدام هذا الأسلوب لن تشعر بالأسف لارتكابك أي خطأ.

نتيجة لذلك، يمكن للتعلم بالممارسة أن يبني مبادرتك لأمور جديدة بالإضافة إلى المثابرة على النمو والتطور في مجال ما، وقد يؤدي هذا أيضاً إلى إدارة الفريق ونمو مهارات التعاون، وتعد هذه الأمور هامة في النمو الشخصي ونحن نمضي قدماً نحو المستقبل.

كيف تبدأ التعلم بالممارسة؟

في حين تعد كل هذه الامتيازات مفيدة لك، لكن كيف ستبدأ؟ حسناً، يوجد العديد من الأساليب المختلفة التي يمكنك اتباعها مع التعلم بالممارسة، نذكر لك فيما يلي بعضاً منها:

1. اختبارات منخفضة المخاطر:

في بيئات الفصل الدراسي، تتمثل إحدى طرائق تقديم هذا الأسلوب في إجراء العديد من الاختبارات منخفضة المخاطر، ولا تستند هذه الاختبارات إلى تقييم أداء الفرد؛ وإنَّما صُمِّمَت لجعل المتعلمين يتفاعلون مع المحتوى وإيجاد المعلومات المكتسبة بأنفسهم.

تُظهِر الأبحاث أنَّ هذه الطريقة تعد أسلوب تعلم فعال، حيث تسمح للطلاب بتحسين فهمهم ومساعدتهم على التذكر، كما أنَّها تعزز استخدام تلك المعرفة في حالات أخرى.

2. نوع من الممارسة الذهنية:

يوجد نهج آخر وضعه عالم النفس ريتش ماير (Rich Mayer)؛ ففي رأيه، التعلم هو نشاط توليدي (التعلم التوليدي: هو نظرية تتضمن التكامل النشط للأفكار الجديدة مع المخططات الحالية للمتعلم)؛ وقد أظهرت معرفته والأبحاث التي أُجرِيَت في مختبره في سانتا باربرا (Santa Barbara) – مراراً وتكراراً – أنَّنا نكتسب الخبرة من خلال القيام بإجراء ما، ولكن يعتمد هذا الإجراء على ما نعرفه بالفعل.

على سبيل المثال، لنفترض أنَّك تريد معرفة المزيد من المعلومات عن شخصية تاريخية؛ كل ما عليك القيام به هو ربط ما تعرفه من المعلومات عن هذه الشخصية مع ما تريد تعلمه والاحتفاظ به، ويمكن تطبيق هذا الأسلوب حتى على أبسط مهام الذاكرة حيث يتعلم دماغنا مرة أخرى.

3. الأنشطة الذهنية الأخرى:

الطريقة الأخيرة التي سنذكرها هي اتباع النهج الحرفي المتمثل بالقيام بالعمل البدني الشاق؛ لكن طريقة القيام بذلك عائدة إليك، حيث يمكنك محاولة قراءة مقال ثم الخروج وتطبيقه على الفور كما تفعل مع هذه المقالة، أو ربما يمكنك العثور على مزيد من التفاعل من خلال حل الألغاز، أو يمكنك تحويل النشاط الذي تقوم به إلى لعبة.

على سبيل المثال، إذا أردت التعرف على الأنماط السلوكية للحيوانات، يمكنك القراءة عنها والخروج لمشاهدتها ومعرفة فيما إذا كانت تؤدي السلوكيات المحددة التي قرأت عنها.

أفكار أخيرة:

يشجع التعلم بالممارسة على المشاركة النشطة مع المواد المتاحة ويجبرك على العمل بجدية أكبر لتذكر تلك المواد، فهو أسلوب فعال؛ وذلك لأنَّه يساعد على ترسيخ المعرفة في ذاكرتك، ومع ذلك سيكون لديك ارتباط شخصي عميق بهذه المعرفة، وستكون أكثر حماساً لاستخدامها في المستقبل.

ومع وضع ذلك في الاعتبار، نشجعك على استخدام ما تعلمته من قراءة هذه المقالة وتطبيقه في الواقع، حيث سيفيدك ذلك عندما تنمو.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!