نظرية التعلم التجريبي لديفيد كولب

تختلف نظرية التعلُّم التجريبي عن النظريات المعرفية والسلوكية الأخرى في أنَّ النظريات المعرفية تؤكِّد دور العمليات العقلية، تتبع النظرية التجريبية التي طرحها كولب نهجاً أكثر شمولية وتؤكِّد تأثير التجارب، بما فيها الإدراك والعوامل البيئية والعواطف، في عملية التعلُّم.

وفقاً لكولب، يمكن تعريف هذا النوع من التعلُّم على أنَّه “العملية التي تنشَأ من خلالها المعرفة عبر تحويل التجارب التي نعايشها؛ حيث تنتج المعرفة من خلال استيعاب التجارب وتحويلها”.

تختلف نظرية التعلُّم التجريبي عن النظريات المعرفية والسلوكية الأخرى في أنَّ النظريات المعرفية تؤكِّد دور العمليات العقلية، بينما تتجاهل النظريات السلوكية الدور المحتمَل للتجارب الذاتية في عملية التعلُّم، في حين تتبع النظرية التجريبية التي طرحها كولب نهجاً أكثر شمولية وتؤكِّد تأثير التجارب، بما فيها الإدراك والعوامل البيئية والعواطف، في عملية التعلُّم.

نظرية النموذج التجريبي:

 حدَّدَ كولب طريقتين مختلفتين لاستيعاب التجربة في نموذجه التجريبي:

  • المفاهيم المجرَّدة (Abstract Conceptualization).
  • التجربة المادية (Concrete Experience).

كما حدَّدَ طريقتين لتحويل التجربة:

  • التجريب العملي (Active Experimentation).
  • الملاحظة المتأمَّلة (Reflective Observation).

غالباً ما تُصوَّر أنماط التعلُّم الأربعة هذه على أنَّها دورة، ووفقاً لكولب، توفِّر التجربة المادية معلومات تعمل كأساس للتفكير الذي نستوعب من خلاله هذه المعلومات ونشكِّل المفاهيم المجرَّدة، ثم نستخدم هذه المفاهيم لتطوير نظريات جديدة حول العالم، ونختبرها اختباراً عملياً نجمع من خلاله المعلومات مرةً أخرى من خلال التجارب، ونعود إلى بداية العملية؛ إلا أنَّ هذه العملية لا تبدأ بالضرورة بالتجارب؛ إذ يجب على كل شخص اختيار أسلوب التعلُّم الذي سينجح نجاحاً أفضل بناءً على كل موقف من المواقف بدلاً من ذلك.

فلنتخيَّل مثلاً أنَّك ستتعلَّم كيفية قيادة السيارة:

  • قد تختار البدء بالتعلُّم عن طريق التفكير من خلال مراقبة أشخاص آخرين في أثناء قيادتهم.
  • بينما قد يفضِّل شخص آخر البدء بداية تجريدية أكثر، من خلال قراءة وتحليل كتاب تعليمات القيادة.
  • ولكن قد يقرر شخص ثالث المباشرة والجلوس وراء مقود السيارة للتدرُّب على القيادة.

تلعب التفضيلات دوراً هاماً في التعلُّم:

كيف نقرر أي أسلوب من أساليب التعلُّم التجريبي سينجح أفضل نجاح؟ على الرغم من أنَّ المتغيرات الظرفية هامة؛ إلا أنَّ تفضيلاتنا تلعب دوراً كبيراً أيضاً؛ حيث أشار كولب إلى أنَّ الأشخاص الذين يُعدُّون “مراقبين” يفضِّلون الملاحظة المتأمَّلة، في حين أنَّ أولئك الذين يُعدُّون “عاملين” أكثر يزيد احتمال مشاركتهم في التجارب العملية.

كما شرح كولب: “بسبب تكويننا الوراثي وتجاربنا الحياتية السابقة الخاصة ومتطلَّبات بيئتنا، فإنَّنا نطوِّر طريقة مفضَّلة للاختيار”.

تشكِّل هذه التفضيلات أيضاً الأساس لأنماط التعلُّم التي حددها كولب؛ ففي نموذج أساليب التعلُّم هذا، يتضمَّن كل نوع من الأنواع الأربعة قدرات تعلُّمية بارزة في مجالين مختلفين، على سبيل المثال: يتفوَّق الناس الذين يتبعون أسلوب التعلُّم التباعدي في مجالات الخبرة المادية والملاحظة المتأمَّلة.

العوامل التي تؤثر في أنماط التعلُّم:

قال كولب إنَّ هنالك عدداً من العوامل المختلفة التي من شأنها أن تؤثر في أساليب التعلُّم المفضَّلة، ومنها:

  • الكفاءات التكيفية.
  • المهنة التي اخترتها.
  • المسمى الوظيفي الحالي.
  • التخصُّص العلمي.
  • نوع الشخصية.

دعم نظرية التعلُّم التجريبي ونقدها:

على الرغم من أنَّ نظرية كولب تُعدُّ واحدةً من نماذج التعلُّم شائعة الاستخدام في مجال التعليم، لكنَّها تعرَّضت لانتقادات شديدة لأسباب عدة.

دعم لنظرية التعلُّم التجريبي:

تشير أبحاث كولب الخاصة إلى أنَّ هناك علاقة بين أساليب تعلُّم الطلاب والتخصُّصات التي يختارونها؛ إذ يميل الأشخاص الذين يختارون التخصُّصات الجامعية والمهن التي تتوافق جيداً مع أساليب تعلُّمهم التي يتبعونها إلى أن يكونوا أكثر التزاماً بمجالاتهم.

يمكن أن يكون التعلُّم التجريبي جيداً في مساعدة الأشخاص على اكتشاف نقاط قوَّتهم الخاصة عند تعلُّم أشياء جديدة، وتتناول النظرية كيف يمكن للمتعلِّمين استخدام نقاط قوَّتهم وتطوير نقاط ضعفهم.

نقد نظرية التعلُّم التجريبي:

لا تتناول نظرية التعلُّم التجريبي الدور الذي تلعبه التجربة غير المتأمَّلة في عملية التعلُّم بشكل كافٍ، في حين أنَّ النظرية جيدة في تحليل كيفية تعلُّم الأفراد؛ إلا أنَّها لا تنظر في أمر التعلُّم الذي يحدث في الفئات الاجتماعية الأوسع، وكيف يؤثر تفاعل الفرد مع مجموعة أكبر في عملية التعلُّم التجريبي.

قد لا تكون أساليب التعلُّم ثابتة بمرور الوقت؛ فعلى سبيل المثال: وجدت دراسة نُشِرَت في عام 1999 أنَّ البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 65 سنة يميلون إلى أن يصبحوا أكثر قدرةً على الملاحظة والتفكير في أثناء التعلُّم، كما يعتقد بعض منتقدي النظرية الآخرون أنَّ النظرية ذات آفاق ضيقة للغاية.

قد يكون فَهْم أسلوب التعلُّم المفضَّل الخاص بك مفيداً، ولكنَّه لا يعني بالضرورة أنَّه لا يمكنك التعلُّم بأساليب أخرى أو أنَّ أسلوبك المفضَّل سيكون على ما هو عليه دائماً.

 

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!