نظرية الدافع وأمثلة عنها

في هذا المقال سوف نوضح ما هو الدافع، من منظور "نظرية الدافع"، وسنقدِّم بعض النصائح العملية التي يجب اتباعها، والتي ستساعدك على توجيه دوافعك لخدمة هدف تمَّ اختياره بوعي وترغب في تحقيقه.

في هذا المقال سوف نوضح ما هو الدافع، من منظور “نظرية الدافع”، وسنقدِّم بعض النصائح العملية التي يجب اتباعها، والتي ستساعدك على توجيه دوافعك لخدمة هدف تمَّ اختياره بوعي وترغب في تحقيقه.

في الحقيقة، لكي يكون لديك الدافع، عليك أولاً أن تحدد هدفاً ترغب في تحقيقه، وتستخدم إرادتك القوية ومهاراتك لتحقيق هذا الهدف، وتتخذ الإجراءات التي تجعله جزءاً من تجربتك؛ حيث إنَّ شخصيتك هي نِتاج جميع التجارب السيئة والجيدة التي مرَّت في حياتك.

ما مدى قوَّتك في تحقيق أهدافك أو أحلامك، إذا كان في إمكانك توجيه تلك القوة وتركيزها على النتائج المرجوة؟ ماذا لو كان في إمكانك البدء بالقيام بذلك، ببساطة عن طريق تغيير طريقة تفكيرك؟ فهذا الأمر لا يتعلق بإيجاد طرائق جديدة للمضي قدماً بشكل عشوائي وغير مخطط له؛ بل يتعلق بقدرتك على فهم الترابط بين مشاعرك ودوافعك ولماذا قد يزول هذا الترابط.

ما هي نظرية الدافع؟

يُعتقَد أنَّ أول من استخدم مصطلح “الدافع” من حيث صلته بالسلوك البشري هو الكاتب “ويليام وردسورث” (William Wordsworth) في كتابه عام 1918 “علم النفس الديناميكي” (Dynamic Psychology).

في الواقع، كان الفلاسفة الأمريكان “جون برودوس واطسون” (J.B. Watson) و”جون مورغان” (J.J.B Morgan) هم الذين نشروا ورقةً بحثية في عدد أبريل 1917 من المجلة الأمريكية لعلم النفس بعنوان ردود الفعل العاطفية والتجارب النفسية.

ومع ذلك، يقول “وردسورث” (Wordsworth): “تمتلك الآلة آليةً بحيث إذا تمَّ تشغيلها فإنَّها تعمل بطريقة معيَّنة، ولكن يجب أن تكون موجَّهةً لكي تتحرك، وإنَّ محرك الآلة يحتاج إلى طاقة لتشغيله”.

ما يتحدث عنه “واتسون” و”مورغان” هو العلاقة بين حالتنا العاطفية الأساسية ودوافعنا؛ حيث رَكَّزوا أطروحتهم حول ثلاث عواطف أساسية: الخوف والغضب والحب، وفي الحقيقة، يتكون الدافع من خلال تلك المشاعر تجاه رغبتنا في الحصول على شيء لا نملكه، وذلك يولِّد استعداداً كافياً داخلنا لاتخاذ إجراءات من أجل الحصول على ما نريده.

لذا فإنَّ “نظرية الحافز” تبحث في المشاعر الكامنة وراء سلوك بشري معيَّن يسعى إلى تحقيق هدف ما، وربما تكون نظرية الدافع أكثر جوهريةً من النظريات الأخرى؛ ذلك لأنَّها تكمن في صلب كل ما نقوم به.

دور الوقت في نظرية الدافع:

من المؤكد أنَّك سمعتَ بمصطلح “الإرضاء المؤجل” من قبل، وغالباً ما يُستخدَم كمؤشر أساسي للذكاء وعلامة للنجاح في الحياة، وخلاصة الأمر، ما يشير إليه هذا المصطلح هو فهم أنَّ المكاسب المستقبلية يمكن أن تكون أكبر، إذا لم نسعى إلى الحصول على مكافأة فورية.

عندما يتعلق الأمر بدوافعنا، فإنَّ الوقت عنصر أساسي لكيفية حدوث كل ما نريده، وفي الحقيقة، الوقت هو المشكلة؛ وذلك لأنَّك تبدأ في مكان واحد وتريد أن ينتهي بك الأمر في مكان آخر، والسبب الحقيقي وراء تحفيزك لاتخاذ قرارٍ ما، هو أن يكون مستقبلك مختلفاً عن حاضرك، ومن الممكن أن يتعلق الحافز بالرغبة في السيطرة؛ ذلك لأنَّك تريد أن تكون على يقين بما سيكون عليه مستقبلك، لكي تتأكد أنَّ وضعك المالي والعاطفي مؤمَّن.

لنفترض أنَّك متحمس للحصول على شهادة جامعية وقبض معاش تقاعدي؛ وذلك لأنَّك تريد تكوين فرص عمل أفضل والحصول على أمان مالي عندما تكبر؛ حيث إنَّك تتخذ الإجراءات الآن لتجني النتائج الجيدة المفترضة في المستقبل.

كما أنَّ طبيعة الوقت على أنَّه محدودٌ تدفعنا إلى استغلاله؛ حيث إنَّ إدراك الإنسان أنَّ عمره محدود، يدفعه إلى خوض الكثير من التجارب والأحداث قبل فوات الأوان.

معرفة ما يُحفِّزك:

في كثيرٍ من المناقشات القديمة بين الفلاسفة حول “الدافع”، كانوا يعتقدون أنَّه مصطلح جديد يمكن استخدامه بمرونة.

إذا كنتَ تجد صعوبةً في إيجاد التحفيز في العمل أو في حياتك الشخصية، فقد تجد أنَّه من السهل أن تختصر كل ذلك في معرفة السبب، وفي الواقع، نحن متمسكون بفكرة وجوب إنجاز المهام في حياتنا إنجازاً مثالياً، ولكنَّ هذه الآلية العنيدة يمكن أن تؤدي إلى تكوين دوافع لاختيار مسارات معيَّنة لا فائدة منها.

يسعى علم النفس إلى معالجة صدمات الطفولة؛ حيث تمت برمجة عقلنا الباطن باستخدام الطاقة العاطفية، وفي السنوات الأولى من مرحلة الطفولة، نكون أكثر عرضةً للصدمات؛ ذلك لأنَّ وعينا لم يكتمل بَعْد، لذلك من السهل جداً بقاء الصدمة؛ مما يتحكم بسلوكنا حتى مرحلة البلوغ.

وإنَّ التساؤل حقاً عن سبب رغبتنا – أو عدم رغبتنا – في شيءٍ ما، هو الخطوة الأولى الحيوية في العثور على الدافع، وقد يكون السبب في عدم وجود الحافز لديك تجاه شيء معيَّن، والميل نحو التسويف والتخريب الذاتي، هو أنَّك لا تريد ذلك الشيء حقاً.

نظرية الدافع وأزمة منتصف العمر:

يُعَدُّ الخوف المحرك العاطفي الذي يقودنا للتصرف بطريقةٍ معيَّنة، مثل الخوف من عدم امتلاك ما نتمناه في المستقبل، وهذا ما يكمن في معظم أزمات منتصف العمر، أن تدرك أنَّك كنتَ تعيش حياتك بدافع شخص آخر، سواء بشكل متعمدٍ أم غير متعمَّد، ويُعَدُّ من أكبر المخاوف، ولكن يمكنك أن تتجنب حدوث ذلك إذا ركزتَ في دوافعك الخاصة تركيزاً واعياً تماماً.

يعرف معظم الناس أنَّ العمل في وظيفةٍ تمكِّنهم من تحقيق سلسلة من الأهداف المجتمعية كالرهن العقاري، والمعاش التقاعدي، وحساب التوفير، وغير ذلك، وهو أمر غير مرضٍ؛ حيث إنَّهم يفعلون ذلك لأنَّهم يريدون استثمار الفائدة في المستقبل، لكنَّهم بالطبع لا يرغبون في قضاء معظم حياتهم في خدمة سنواتهم القليلة الأخيرة، ولكن عندما تنكشف الدوافع الحقيقية وراء تلك التصرفات، عند هذه النقطة تتحول جميع المخططات إلى حالة من الفوضى.

شاهد بالفيديو: 10 قواعد في الحياة للمحافظة على الدافع

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/ulxZUBkvkqA?rel=0&hd=0″]

كيف تفهم دافعك وتستعيد السيطرة عليه؟

من أهم الأمور التي يجب عليك تقبُّلها والإيمان بها، هي أنَّك لم تفشل قط في أي شيء؛ حيث إنَّك تعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وتنفِّذ جميع المهام على أكمل وجه، لذلك لا يوجد ما يُسمَّى بالفشل، لكنَّ المعتقدات غير الصحيحة موجودة للأسف، وعليك أن تبدأ بالتفكير في نفسك كمبتكرٍ لواقعك، ومن المؤكد أنَّك غير قادر على التحكم بالقوى الخارجية في حد ذاتها، ولكن يمكنك بالتأكيد السيطرة على ردك على تلك القوى.

هناك طريقة بسيطة لفهم وتنفيذ ذلك، وهي ممارسة الامتنان، فمن خلال البحث ببساطة عن كل الأشياء التي تشعر بالامتنان لها في حياتك، تبدأ بتدريب عقلك الباطن على البدء برؤية المزيد لتكون ممتناً له، ويبدأ هذا بتغذية نظام التنشيط الشبكي (RAC) الخاص بك ويختصر الكثير من العناء لفهم اللاوعي لديك.

ستكون ممتناً لكل شيء حولك في القريب العاجل، وعندما تكون كذلك، ستكون قد استعدتَ قوَّتك كصانع لواقعك، ومع ذلك، فعند قبول هذه الحقيقة الأساسية، عليك تقبُّل جوانب هذه الحقيقة كلها؛ حيث إنَّ كل ما أدى إلى هذه النتيجة وكل التجارب التي مررتَ بها في حياتك، هي من مسؤولياتك، وبالطبع، قد تتعرض للكثير من العقبات الخارجة عن سيطرتك، ولكنَّ كيفية اختيار مواجهتها أمر متروك لك تماماً، وببساطة، عليك فقط أن تدرك أنَّك من يملك الخيار في تكوين نفسك، ولكن لا تَلُم أو تحكم على نفسك، فبمجرد أن تتسلح بهذه الحقيقة، يمكنك اتخاذ قرارات جديدة لنتائج جديدة.

تأثير البيئة في الدافع:

من المنظور الجغرافي، من الواضح تماماً أنَّه حيث تكون التغيرات الموسمية أشد، كان يجب على الناس أن يولِّدوا دافعاً لدعم أنفسهم خلال الفترات الأقل شدةً، من أجل التغلب على الفترات الأكثر شدةً؛ حيث إنَّ الدافع هنا هو مجرد خوف بسيط من أجل البقاء.

عندما يتعلق الأمر بالعوامل المجتمعية، من الهام أولاً أن ندرك سبب كوننا كائنات اجتماعية في المقام الأول، وينبع الكثير من ذلك من ضرورة العناية بالأطفال، في حين أنَّ الحيوانات المولودة حديثاً يمكنها الوقوف والمشي دون مساعدة في غضون ساعات بعد الولادة، ويحتاج الأطفال إلى سنوات من الاتكال على غيرهم من أجل تطوير المهارات الحركية المعقدة.

لذلك نولَد بفهمٍ فطري لنقاط ضعفنا وحاجتنا إلى المساعدة من الآخرين، وهذا يحفزنا على تكوين مجموعة من الأشخاص الداعمين لبعضهم، سواء كان ذلك بواسطة العائلة أم الأصدقاء أم المنتورز، فنحن نعلم أنَّنا بحاجة إلى المساعدة؛ حيث إنَّ هذا الخوف من عدم تلقِّي الرعاية والإرشاد المطلوبين من أجل البقاء هو ما يدفعنا إلى تكوين روابط مع الآخرين.

هناك الكثير من الأمور الخاضعة إلى “شرور” الرأسمالية والمال كونه طريق كل الشرور الأخرى؛ مما يعني ضمنياً أنَّ هذه هي الأنواع التي يجب ألا تكون الحافز لأنفسنا.

لا شكَّ أنَّ الناس يشعرون بالضغط لكي يواكبوا المستوى الاجتماعي والمادي لجيرانهم أو أصدقائهم – لكنَّ الدافع وراء ذلك في الحقيقة هو الخوف، الخوف من الضياع أو الحكم عليهم ومن ثمَّ عدم وجود مجموعة من الأشخاص الداعمين، فإنَّ هذا الشعور ينبع من المكان نفسه حيث شعورنا بالحاجة إلى الاحتواء والاندماج.

المال هو ليس أكثر من تمثيل لمجموعة من القيم ذات قيمة من قِبل غالبية الناس؛ حيث يمكننا إرفاق أي معنى للمال الذي نريده، والبحث عن المزيد من المال، من أجل تلبية رغباتنا الحقيقية، بدلاً من رغبات شخص آخر، فلا يغيِّر النتيجة أو حتى الدافع في ظاهرها؛ بل ما يتغير هو النية، وهنا يكمن الدافع الهام حقاً.

تكوين حافزٍ جديدٍ:

كيف يمكننا استعادة السيطرة على ما يحفزنا، من أجل الحفاظ على الدافع في المجالات التي تخدمنا أكثر من غيرها؟

لقد تحدَّثنا عن الوقت وكيف يرتبط بدوافعنا ارتباطاً أساسياً؛ حيث ليس لدينا ما نريد تحقيقه في الوقت الحاضر، لذلك نحن مدفوعون لتحقيقه في وقت ما في المستقبل، ولكن ماذا لو تصرَّفتَ كما لو أنَّك تمتلك ما تريده حقاً الآن؟

ما نتحدث عنه هنا هو أن تتصرف بأسلوب الشخصية الذي تريد تكوينها، وليس ما تريد تحقيقه، فإذا كنتَ تستطيع حقاً أن تفهم وتشعر بالحالة العاطفية التي ستكون عليها في يوم عادي في حياتك التي تحلم بها، فيمكنك أن تبدأ الشعور بهذه الطريقة الآن؛ حيث إنَّ من خلال العيش في تلك الحالات، فأنت تستدعي ذلك الواقع الذي تحلم به وتجعله جزءاً لا مفر منه في مستقبلك.

العواطف هي المحرك الأساسي للطاقة؛ لذا من خلال التمسك بتكرار المشاعر التي نريدها؛ أي ببساطة عن طريق تخيُّل مستقبلنا ثمَّ السماح لأنفسنا بالشعور بالعواطف المرتبطة به، فإنَّنا نتواصل مع المستقبل الذي نريده تواصلاً توسعياً، بدلاً من الانكماش.

وبالتأكيد، كل ذلك متعلق بالنية، فإذا كنتَ تجلس وتفكر في أن تكون ثرياً جداً، وتعيش حياتك بترف، ولكنَّك تفعل ذلك من منطلق أنَّك لا تملك هذه الحياة الآن، فأنت ببساطة تدرأ شعورك بالنقص، ومن خلال القيام بذلك، ستجذب المزيد من الحظ لنفسك، وإذا كان لديك التخيل ذاته عن الحياة التي ترغب فيها، ولكنَّك هذه المرة تفكر في مدى روعة هذا الشعور، فسوف تتمكن من توسيع أفكارك ودوافعك وتعزيزها؛ حيث تُحدث نيتك الاختلاف وهو ما سيحافظ في النهاية على دافعك.

في الختام:

تُعَدُّ نظرية الدافع معقدةً وبسيطة في الوقت ذاته، وإنَّه شيء يفهمه الجميع بالفطرة، ولكن من أجل جعله بالكامل تحت سيطرة عقولنا، علينا القيام بالكثير من التفكير المعقد.

إذا وجدتَ أنَّ دافعك لشيءٍ ما يتطلب المزيد من الجهد الواعي للحفاظ عليه، أو إذا كنتَ تتساءل عما إذا كنتَ تريد شيئاً ما حقاً أم لا، فحاول اتباع الخطوات التالية:

  1. الفهم التام لدوافعك:
    • هل تتصرف بدافع الخوف أو الغضب أو الحب؟
    • هل أنت منقاد لتحقيق هدف شخص آخر؟
    • تعرَّف إلى الحقيقة واعترف بها، دون إطلاق أي أحكام.
  1. فهم أسباب دوافعك وتحديد نواياك من منظور واسع:
    • تأكَّد من أنَّ أهدافك تشجعك على النمو، بدلاً من تمثيل ما لا يمكن تحقيقه وتقديم الأعذار لنفسك لعدم المحاولة.
  1. التدرُّب على الاحتفاظ بالتردد العاطفي المرتبط بمستقبلك المنشود، ومراقبة التغييرات التي تحدث لك في الوقت الحاضر:
    • قضاء وقت في تخيُّل مستقبلك الذي تتمناه كما لو كان يوماً عادياً بالنسبة إليك، فشاهد تأثير المشاعر في جسدك، وتعرَّف إليها عندما تبدأ بالظهور في حياتك اليومية الآن.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!