هل تقوم بخلق صراعات غير مُتعمَّدة؟

أصبحت "جايا" (Jaya) - إحدى كبار القادة في شركة تمويل عالمية معروفة - محبطةً جداً من حياتها، فقد بدا الأمر وكأنَّ كل يوم عمل هو رحلة لا تنتهي، مليئة بالضغوطات والأزمات، . لقد أجبرَتها هذه الظروف السيئة على التفكير في أسلوب مختلف، وانتهى بها الأمر باكتشاف فرصة عظيمة للنمو والنجاح.

يمثِّل وضع “جايا” الواقع الحالي لمعظم الأشخاص في المناصب القيادية في العالم، كما يقدِّم مثالاً جيداً لأنواع العقبات التي يصعب التغلب عليها كما وصفها معظم القادة، وفي معظم الأحيان، تكون حالة التوتر المزمن والحزن هما ما ينبِّه في البداية إلى حدوث مشكلة ما، إلى جانب الاستعداد لفعل أمر ما لتحسين الوضع، وفي بعض الأحيان، يتطلب الأمر التجربة والخطأ، ولكن في النهاية يوجد إجراء تصحيحي إيجابي.

إلقاء اللوم على نفسك ليس الحل:

كما هو الحال عادةً، لقد كان واقع “جايا” الحالي ناتجاً عن الالتزام المفرط، فهي لم تضبط نفسها ولم تتحكم بأفكارها ومشاعرها، ربما كان من الطبيعي أن تلقي اللوم على نفسها، لكنَّ ذلك لن يحسن الوضع، فقد تمكَّنَت من الحصول على الترقيات والمكافآت والأوسمة المتعلقة بالأداء الجيد لفترة من الوقت، وشعرت بالرضى لفترة قصيرة.

ومع ذلك، فإنَّ تلك الجوائز حفَّزَتها إلى السعي نحو أهداف جديدة دون توقف للاستمتاع بما حققَته فعلاً، والأسوأ من ذلك، فقد شعرَت أنَّ كل شيء يحدث معها هو السبب في معظم الصراعات في حياتها، سواء مع الأشخاص أم المشاريع أم الرد على رسائل البريد الإلكتروني، لقد كان الصراع حقيقةً يوميةً بالنسبة إليها.

كانت “جايا” قادرة على تغيير حياتها نحو اتجاه أكثر إيجابيةً عندما بدأت بمعالجة الصراعات ومشاعر الإحباط بمساعدة كوتش، فقد أدركت أنَّ أزمتها الشخصية يمكن أن تكون فرصة لتقليل التأثير السلبي للصراع في حياتها.

لحسن الحظ، سرعان ما اكتشفت “جايا” أنَّه لكي تتمكن من تحقيق التحسن في حياتها، كانت تحتاج ببساطة إلى ملاحظة الأمور التي يجب أن تركِّز اهتمامها عليها، وزيادة تركيزها ليتضمن الوعي بحالتها العاطفية، ومن خلال هذه الممارسة، اكتشفت “جايا” أنَّ الصراع والتوتر في حياتها كانا مرتبطَين بأفكارها وردود أفعالها التي كان لديها القدرة على التأثير فيها مباشرة.

يمكن أن تصبح إدارة الصراعات بفاعلية فرصةً لإظهار المشكلات الكبيرة المحتملة، وتعزيز العلاقات والمشاركة.

التحكُّم بما يمكن التحكُّم به:

غالباً ما ترتبط المراقبة الذاتية بنيِّة معرفة طريقة تأثير معتقداتك وردود أفعالك في سلوكك بممارسات تأمل اليقظة الذهنية، ومع ذلك، تُعَدُّ المراقبة الذاتية مكوناً أساسياً لأسلوب العلاج السلوكي المعرفي المدعوم تجريبياً، بالإضافة إلى أنَّها مكون رئيس للعمل مع الذكاء العاطفي، وتتكون هذه الاستراتيجية السهلة من المراقبة الصادقة للطريقة التي تؤثر بها الظروف في أفكارك ومشاعرك وسلوكاتك.

اكتشفت “جايا” من خلال هذه العملية أنَّ سلوكاتها غالباً ما تكون السبب في الشعور بالتوتر الذي أدى إلى الصراع، على سبيل المثال: لقد حاولَت جعل آرائها وأفكارها مسموعة، وشعرت بأنَّها فشلت بسبب عدم الاتفاق معها.

لا عجب أنَّ الناس كانوا يشعرون بالسلبية في أثناء حضورها، فقد أصبحت دون قصد الشخص الذي يتوقع الجميع الجدال معه، لقد كان للإدراك تأثير كبير في مسيرتها المهنية، فقد استثمرت مرةً أخرى بمساعدة كوتش في فهم كيف ولماذا اكتسبَت هذه السلوكات لاستبدالها بشيء أفضل.

ربما لم تقرر أن تكون شخصاً يصعب التعامل معه:

تتطابق قصة “جايا” بدقة مع ما يذكره معظم القادة عن تطوير السلوكات الشخصية السيئة غير المقصودة، ويمكن أن ينشأ هذا الموقف نشأة طبيعية من محاكاة الرؤساء أو حتى الآباء، لا سيما دون الاستفادة من التدريب الفعَّال للقيادة، ولتغيير هذه الأنماط، من الهام خلق بيئة يرغب فيها الآخرون في مساعدتك على النجاح على الأمد الطويل، بدلاً من الموافقة على إحدى أفكارك أو التصرف بسهولة كما لو كانوا متفقين مع وجهات نظرك.

إنَّ ميلنا الطبيعي للتكيف مع الثقافة التنظيمية هو خطأ آخر، فقد تعلَّم معظم القادة تقبُّل الصراع تماماً مثل التوتر، كجزء طبيعي من مكان عملهم؛ حيث يميل القادة المناضلون إلى الاعتقاد بأنَّهم ينجزون عملاً جيداً في تجاوز التوقعات بحسب تفسيرهم للمعايير التنظيمية.

ومع ذلك، فمن الشائع أن يكون القائد غير واضح بشأن الاستراتيجيات المناسبة اللازم استخدامها في مواقف محددة، ويستمر الكثيرون في استخدام سلوكات عصر القيادة والسيطرة المعروفة الآن بأنَّها استراتيجيات غير فعَّالة، هذه الاختلافات هامة؛ وذلك لأنَّ إدراك معظم القادة أنَّهم كانوا يفشلون بسبب جهلهم الناتج عن حسن النية – بدلاً من عدم كفاءتهم – يساعدهم على الالتزام بالتغيير.

لا يحتاج التغيير إلى أن يكون صعباً:

لقد أكد التشكيك في المعتقدات والخبرات التي تساهم في القيادة غير الفعَّالة أنَّه استثمار جيد للوقت للقادة، على سبيل المثال: أظهر تركيز “جايا” على هذه النقطة حاجتها للشعور بالسيطرة على الاجتماعات، بما في ذلك إنشاء جداول الأعمال وتيسيرها وعملية التواصل، كما دفعَتها هذه الحاجة إلى مراقبة التهديدات المحتملة لشعورها بالسيطرة والاستعداد لمواجهتها.

عندما أصبحت “جايا” قادرة على التنظيم الذاتي للسلوكات المرتبطة بهذه الحاجة، أصابتها الدهشة ولكن على نحو مبهج.

بدأت “جايا” تشعر بالدهشة عندما لاحظَت قدرة ورغبة زملائها في تحمُّل المسؤولية، فمن خلال إفساح المجال بوعي للمزيد من المشاركة، وجدت أنَّ الآخرين يمتلكون خططاً وحلولاً لمشكلات أفضل من حلولها، كما اكتشفت أنَّ الكثير من العمل الذي عدَّته مُرهقاً كان بمنزلة فرصة تعليمية جيدة للآخرين.

لقد كان لإعطاء زملاء العمل فرصة للمساعدة في عبء عملها تأثير مباشر وإيجابياً في مستوى توترها، بالإضافة إلى تحسين حياتها العائلية، وفي النهاية، انخفضت مستويات التوتر لديها وتحسَّنت جودة إنتاجها، وهذا ساعدها على الترقي في العمل.

طريقة إدارة الصراع بفاعلية:

يساعد الوعي على تحديد الأسباب المحتملة لردود أفعالك تجاه الصراع المتوقع، والذي يُمكِّنُك بعد ذلك من تحديد دورك في خلق صراع غير ضروري، كما يمكن تطبيق ما تعلَّمتَه عن نفسك خلال هذه العملية مباشرةً؛ وذلك لفهم المعتقدات أو الاحتياجات التي قد تجبر الآخرين على الرد عليك ردَّاً سلبياً، وسيساهم هذا الأسلوب في النجاح في تقليل الصراعات وإدارتها من خلال مساعدتك على:

  1. تعلُّم طريقة اكتشاف العلامات المبكرة للصراع الذي ينشأ لديك.
  2. تطوير قدرتك على تنظيم ردود الأفعال التي تساهم في الصراع.
  3. تحديد المحفزات والمعتقدات السببية وراء ردود الفعل هذه.
  4. دعوة الآخرين للتعبير عن آرائهم التي لا تتوافق مع آرائك.
  5. إتاحة الفرص للآخرين لاتخاذ القرارات والحصول على التقدير.

شاهد بالفيديو: نصائح لإدارة وحلِّ النزاعات

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/cypxF0Nld74?rel=0&hd=0″]

في الختام:

لقد أصبح القادة ينظرون إلى الصراع الذي تجري إدارته بفاعلية على أنَّه فرصة لإظهار المشكلات الكبيرة المحتملة وتعزيز العلاقات والمشاركة، كما أصبحوا قادرين على إدراك هذه القيمة بمجرد تركيزهم على التخلي عن أيِّ حاجة للشعور بالأهمية أو السيطرة؛ لقد سمح لهم هذا التغيير في وجهات النظر بالحصول على علاقة إيجابية مع الصراع، والتفاعل مع الآخرين بفاعلية أكبر.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!