5 خطوات للتعاطف مع الذات

يرتبط العطف والرحمة غالباً بنتائج إيجابية تنمي الصحة النفسية والبدنية على حد سواء، وقلما يحدث العكس. سنتعرف في هذه المقالة على خطوات للتعاطف مع الذات فتابعوا معنا.

كرَّست الدكتورة “كريستين نيف” (Kristin Neff)، وهي رائدة في مجال التعاطف مع الذات وأستاذة مشاركة في التنمية البشرية في “جامعة تكساس” (University of Texas)، حياتها المهنية بأكملها في هذا المجال قائلةً: “في السنوات العشر الماضية ركزت على تعليم الناس كيف يكونون أكثر عطفاً مع أنفسهم”.

تزداد أهمية تعلم مهارة الاعتناء بالنفس؛ إذ لا يكفي الإيمان بأهمية هذه المهارات دون تطبيقها، كيف نُعلِّم الناس أن يفعلوا ذلك إذاً؟ لقد قدَّمت الدكتورة “نيف” (Neff) دورات عملية لذلك؛ حيث نلخص منها بعض النقاط حول كيفية التعامل بلطف مع نفسك وما الأخطاء التي نرتكبها بحق أنفسنا:

1. أفعالك مرآة أفكارك:

تقول “نيف” (Neff): “لا يمكنك حتى بدء عملية العطف الذاتي دون وعي”؛ بمعنى إذا لم تكن واعياً تماماً بأفكارك ومشاعرك، فكيف يمكنك تحويلها إلى مشاعر دعم ورعاية مع نفسك؟ لذلك، فإنَّ الخطوة الأولى هي التحقُّق من أفكارك من خلال الإجابة عن هذه الأسئلة؛ كيف تتحدث إلى نفسك؟ وهل أنت داعم لذاتك، وتعامل نفسك برحمة؟ وهل تهتم بنفسك؟ وهل تُلبِّي احتياجاتك الخاصة؟ أم أنَّك توافق على ما يقوله الآخرون دوماً لدرجة أنَّ الأمر يستنزفك بالفعل؟ اجعل طرح تلك الأسئلة والإجابة عنها تقنية تقييم ذهنية لمدى تأثير أفكارك في أفعالك واحتياجاتك، وحدِّد نقطة بداية التغيير نحو سلوكات أكثر رحمة ومراعاة لاحتياجاتك.

2. الاعتراف بالألم:

النقطة الثانية، هي الاعتراف بألمك وعدم الاستخفاف به؛ حيث تقول “نيف” (Neff): “عليك أن تكون على استعداد لتكون حاضراً وتواجه آلامك؛ فإذا كنت تنكر وجود الألم وتدفنه داخل صدرك دون وعي منك لمخاطر إنكار وجوده، فلن تتمكن من التعاطف مع نفسك”، عندما تتجاهل وجود الألم أو تجلد ذاتك بسببه، فأنت بذلك تعاقب نفسك وتنهكها، مما قد يسبب المزيد من الألم والقلق، أنت بحاجة إلى هذا الفهم المتعمق والدقيق، كما تقول نيف؛ لتخطو بنفسك خارج مرحلة الخطر واللوم، ومواساة نفسك بدلاً من ذلك قائلاً بأنَّك واجهت وقتاً عصيباً وعليك بالراحة وطلب المساعدة، وعندئذٍ فقط يمكنك كسر تلك الحلقة المفرغة من اللوم والألم، عندما تعامل نفسك بلطف ودعم، لن تطغَ مشاعر الألم عليك.

3. الشعور بالألم هو تجربة إنسانية مشتركة:

توضح “نيف” (Neff) أنَّه من المفيد الاعتراف بأنَّ الألم تجربة إنسانية مشتركة عند جميع الناس على اختلافاتهم؛ وذلك لأنَّ إعطاء الألم أكثر من حقه ينقلب بسهولة إلى الشعور بالشفقة على الذات، والذي يُعَدُّ غير صحي؛ وذلك لأنَّه يقلل الثقة بالنفس ويدفع الشخص لتقمُّص دور الضحية دائماً، مما يؤدي به إلى ازدراء نفسه في نهاية المطاف.

تقول “نيف” (Neff): “على الرغم من أنَّك قد تهتم لأمر نفسك، إلا أنَّك تحتاج إلى دعم نفسك”، ولهذا السبب توصي بتكرار أنَّ الشعور بالألم إثر التجارب الحياتية السلبية هو أمر صحي وإنساني مشترك مع الاعتراف بأنَّ الحياة صعبة على الجميع ولا أحد مثالي، ما يفعله هذا الاعتراف والتعاطف مع الذات هو خلق شعور بالترابط؛ بحيث يشعر الشخص أنَّه ليس الوحيد الذي يعاني، كما أنَّه يميز التعاطف مع الذات عن الشفقة على الذات.

4. الغضب البنَّاء:

قد يبدو الأمر ليس منطقياً، فكيف يمكنك أن تكون لطيفاً مع نفسك وغاضباً في آنٍ واحدٍ؟ ولكن وفقاً لنيف؛ “هناك فارق بين الغضب البناء والغضب المدمر”.

إذا كنت تكثر من نوبات الغضب، فإنَّ ذلك سيسبب لك الأذى، لكن إذا تقبَّلت مشاعر الغضب والاستياء إثر موقف معين، سيدفعك ذلك إلى دعم نفسك، فالفارق بينهما هو الوعي واستيعاب الموقف؛ حيث يعمل العقل في الحالة الثانية بعد تقبُل وجود مشاعر الغضب إلى التفكير في الأسباب وطريقة تلافيها في المرة القادمة، وأما في الحالة الأولى فإنَّ لوم الذات على نوبة الغضب أو حتى وجود مشاعر الاستياء سيسبب مشاعر سلبية إضافية.

5. معاملة الذات كمعاملة صديق مقرب:

وفقاً “لنيف” (Neff): “معظمنا أكثر رأفة بالآخرين مما نحن عليه تجاه أنفسنا”؛ لذا فإنَّ الحل بسيط: اسأل نفسك: كيف أُعامِل أصدقائي الجيدين عندما يشعرون بالسوء تجاه أنفسهم؟ ثم اسأل السؤال نفسه لنفسك: “ماذا كنت لأقول لنفسي؟” فإذا أجبتَ إجابتين مختلفتين، ستكون قد حصلت على إجابتك، بالنسبة إلى بعضهم فإنَّ الإجابة عن هذه الأسئلة تُنير بصيرتهم بأن يحسِنوا معاملة أصدقائهم في الحالات الحرجة أفضل مما يتعاملون به مع أنفسهم، وأنَّه لو تم عكس الأمر لانقطعت علاقتهم بهم بالتأكيد، عندما تكون على دراية بعواطفك وكيف تتصرف بناء عليها، عندها يحدث التغيير الحقيقي.

في الختام:

قد تبدو معاملة نفسك بلطف أمراً سهلاً، ولكن في الواقع تتطلب بعض العمل الجاد لإتقانها، في نهاية المطاف، تختتم نيف (Neff) حديثها قائلة: “تذكر أنَّك لست وحدك، وحاول أن تكون على دراية كافية بما يحدث حولك وكيفية تأثيره فيك وبمجرد أن تبني هذه العقلية داخلك ستتغير الأمور على الفور”.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!