5 خطوات للتعامل مع القلق الناجم عن ضيق الوقت

ربما تشعر بأنَّه ليس لديك وقت كافٍ على الرغم من أنَّك طبَّقت جميع تقنيات إدارة الوقت واستراتيجيات الإنتاجية التي صادفتها، وإن كنت تشعر دائماً أنَّ الوقت يضيع من بين يديك، فهذا ما يُدعى قلق الوقت؛ ومثلما هو الحال مع خِزي الإنتاجية الذي نشعر به حين نعتقد أنَّنا لم ننجز بما فيه الكفاية، قلق الوقت هو الشعور بأنَّه ليس لديك وقت كافٍ لتحقيق أهدافك، أو أنَّك لا تستثمر كل وقتك إلى أقصى حد.

Share your love

“أكثر شيء نريد أن نمتلكه هو الوقت، وأسوء شيء نستثمره حين نملكه هو الوقت” -الكاتب البريطاني “ويليام بين” (William Penn).

في هذا العالم المهووس بالإنتاجية من الشائع أن تشعر بأنَّ جدول أعمالك ومهامك بلا نهاية، لكنَّ قلق الوقت ليس مجرد ارتفاع مؤقت في مشاعر القلق خلال نهار العمل؛ بل هو عبء عاطفي يثقل أيامنا، ويدفعنا إلى تسويف مهام ضرورية، وقد يؤدي إلى الإنهاك.

على عكس الأحمال الأخرى التي تُثقل كاهل أيامنا، لا يمكن لأحد التحكم بالوقت؛ لذا يجب أن تعثر على طريقة للتعامل مع القلق الذي تشعر به حيال طبيعة الوقت التي لا يمكن التحكم بها، ويجب أن تتعلم الشعور بإيجابية حيال نفسك وعملك.

لماذا يشغل تفكيرك القلق بشأن ضيق الوقت؟

قلق الوقت هو الشعور المزعج بأنَّه ليس لديك وقت كافٍ وأنَّك لا تستثمر وقتك بما فيه الكفاية، لكن لكي تفهم سبب هذا الشعور يجب أن تفهم أولاً علاقتك مع الوقت.

حين نكون أطفالاً يكون الوقت لا معنى له بالنسبة إلينا، وفي حين نتبع جدولاً إلى حد ما، إِلاَّ أنَّ أيامنا تمضي غالباً باللعب والتعلم دون برنامجٍ محدد، لكن حين نصل إلى عمر المراهقة، تزداد أهمية الوقت شيئاً فشيئاً، فيكون لدينا فصول دراسية ورياضات وهوايات وأصدقاء نريد أن نقضي وقتنا معهم، وعلاوة على ذلك، نحن نسمع خلال تلك المرحلة كثيراً من الناضجين أنَّ هدرنا لوقتنا سيدمِّر حياتنا، وفجأةً حين نبلُغ يصبح الوقت أهم مصادرنا وأندرها، وتجدنا نحاول الموازنة بين الجامعة والعمل والعائلة وغيرها من المسؤوليات الجدية التي تتطلب وقتنا وانتباهنا.

وكلَّما كبرنا في العمر يتعدى الأمر كون الوقت أمراً يجب أن نأخذه بالحسبان ليصبح أمراً نحاول السيطرة عليه، لكن بسبب سخرية القدر؛ كلَّما ركزنا على ضيق الوقت سنشعر بأنَّه أضيق؛ أي كلَّما قلقت بشأن الوقت، ستشعر أنَّ الوقت هو أمر يجب أن تقلق بشأنه؛ ولهذا فإنَّ قلق الوقت هو حلقة مفرغة.

يدعو علماء النفس هذه الظاهرة “نظرية المعالجة الساخرة” (ironic process theory)، وهي العملية التي تفكر فيها بالأفكار التي تحاول تجنبها؛ ولهذا لا ينفع أن تخبر أحدهم ألَّا يقلق بشأن الوقت، فكلما حاولت التوقف عن الشعور بقلق الوقت، ستقلق أكثر.

شاهد بالفيديو: 10 أخطاء شائعة في إدارة الوقت

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/oeABGlAiNSc?rel=0&hd=0″]

ما هي أنواع قلق الوقت التي تؤثر في حاضرك ومستقبلك وسعادتك؟

عوضاً عن تجاهل قلق الوقت، يجب أن تفهم تأثيره في أفكارك وسلوكك وعاداتك؛ وذلك لأنَّ أثر قلق الوقت يتعدى شعورك بالضغط خلال نهارك، وفي الحقيقة، يتجلى قلق الوقت في أشكال عدة، إليك بعض الأمثلة:

  • قلق الوقت اليومي: وهو حين تشعر أنَّه ما من وقت كافٍ خلال النهار، وتشعر أنَّك على عجلة ومضغوط ولديك مهام تفوق طاقتك.
  • قلق الوقت المستقبلي: يتضمن هذا كل الشكوك التي تساورك والاحتمالات التي ترسمها أفكارك، فتشعر بأنَّك عاجز في وجه الأمور التي قد تحصل أو قد لا تحصل في المستقبل والتي تعتمد على أفعالك اليوم.
  • قلق الوقت الوجودي: ويشير إلى القلق بسبب الوقت المحدود الذي ستعيشه، وحقيقة أنَّه مهما فعلت أو أسرعت، فالنهاية واحدة.

نحن نريد أن يكون لحياتنا معنى اليوم أكثر من أي وقت مضى، مما يُؤدي إلى شعورنا بالقلق بسبب الطريقة التي نُمضي بها أيامنا في الحاضر وكيف ستؤثر أفعالنا الآن في مستقبلنا، والحل هو التركيز على الأمور التي نفعلها في الوقت الحاضر، فيمكنك على سبيل المثال وضع جدول يدعم تحقيق أهدافك، واتِّباع عادات أفضل، والتخلص من مشتتات الانتباه التي تضيع وقتك، وتحسين قدرتك على تقدير الوقت الذي ستتطلبه المشاريع، وليكن العمل الأهم هو أولوياتك، بحيث تشعر بأنَّك أنجزت في نهاية اليوم، لكن في حين أنَّ هذه الاستراتيجيات ستساعدك على استثمار وقتك أفضل استثمار، لكنَّها لا تعالج صلب المشكلة.

كيف تتعامل مع قلق الوقت؟

جوهر التغلب على قلق الوقت هو الإدراك والفهم ثم التصرف، ومن هذا المنطلق يمكنك استخدام برامج تساعدك على التعامل مع قلق الوقت كي لا تتعجب في نهاية كل يوم كيف مر الوقت؛ إذ يمكن لبرامج مصممة خصيصاً أن تراقب الوقت الذي تقضيه في استخدام التطبيقات وتصفُّح المواقع وتنفيذ المشاريع لتقدِّم لك تقارير مفصَّلة عن عاداتك، مما يسلط الضوء على الأمور التي تستهلك وقتك، وقد يساعدك ذلك جداً على التخفيف من قلق الوقت، لكن احذر، تزيد مراقبة وقتك بهوس من قلقك وتوترك عوضاً عن تبديدهما؛ ومن ناحية أخرى، يسبب عدم الوعي بطريقة قضائك لوقتك التوتر بالقدر نفسه، وقد يكون السبب الرئيس لقلق الوقت.

انظر إلى الوضع مثل شخص يتَّبع حمية غذائية لإنقاص الوزن، فالتفكير بهوس في كل سعرة حرارية يتناولها يسبب له التوتر، وهو أسلوب لا يمكنه اتباعه لفترة مطولة وإلَّا أُصيب بالإجهاد، لكنَّ تجاهل التفكير فيما يأكله تماماً لن يؤدي إلى تحقيقه النتائج التي يرغب فيها؛ إنَّما السر هنا هو العثور على توازن بين الوعي والتصرف بحيث تتابع عيش حياتك دون أن يعرقل أحدهما الآخر، ولحل هذه المشكلة نستعرض هنا 5 خطوات للتخلص من قلق الوقت وعيش حياة أفضل:

1. الاعتراف بعلاقتك مع الوقت:

غالباً مر وقت طويل جداً منذ آخر مرة فكرت فيما يعنيه الوقت بالنسبة إليك، لكنَّ قلق الوقت يتفاقم حين تتجاهل أو تحاول التلاعب في طريقة تأثير الوقت في يومك؛ لذا فإنَّ أول خطوة هي تقبُّل بعض الحقائق عن الوقت:

  • الوقت موجود.
  • لا يمكنك إيقاف الوقت أو إبطاؤه.
  • كل ما يمكنك السيطرة عليه هو تصرفاتك في المستقبل.

قد تبدو هذه الخطوة سخيفة، لكنَّ الاعتراف بتأثير الوقت في حياتك هو طريقة فعالة لكبح القلق والمضي قدماً.

2. تحديد طريقة قضاء الوقت التي تجدها مناسبة:

أحد أسباب قلق الوقت هو عدم قضاء وقتك بأفضل طريقة ممكنة، لكن يجب أن تعرف أولاً ما هي أفضل طريقة لقضاء الوقت بالنسبة إليك؛ لمعرفة ذلك أجب عن هذه الأسئلة:

  • كيف يبدو شكل اليوم المُثمر بالنسبة إليك؟
  • أي المهام تساعدك على دخول حالة التدفق في العمل؟
  • ما هي الهوايات والنشاطات التي تستمتع بها، من دون أن يكون سبب استمتاعك بها أنَّها تشتت انتباهك فقط؟

وقد يساعدك أيضاً استخدام قائمة “نظرية الدرجات الست” (Six Spoke theory) لرائد الأعمال “داريوس فوروكس” (Darius Foroux) عبر تصنيف النشاطات كما يلي:

  • الجسد: ماذا تحب أن تمارس لتشعر بالنشاط والعافية؟
  • الذهن: أي النشاطات تثير التحدي في ذهنك إثارة جيدة؟
  • الحب: من هم الأشخاص الذين تحب قضاء وقتك معهم؟
  • العمل: ما هو العمل أو المهام التي تُشعرك بالرضا؟
  • المال: كيف تريد صرف الأموال التي تملكها؟
  • اللهو: أي النشاطات أو الهوايات تجدها ممتعة جداً؟

شاهد بالفديو: 10 طرق لتحسين مهارات إدارة الوقت لديك

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/iBP_VIBBiA0?rel=0&hd=0″]

3. فهم الخطأ الذي ترتكبه في أثناء التخطيط وأنَّ الوقت أقصر مما تظن:

ستزيد إضافة العديد من النشاطات إلى قائمتك من قلق الوقت إذا لم تكن حذراً، فالهدف هنا أن تكون واقعياً حين تختار الأمور التي تفعلها خلال الوقت المتاح لك؛ ولسوء الحظ، معظمنا لا يجيد التخطيط، فنحن نعتقد أنَّ في إمكاننا التخطيط لكل ساعة من فترة عملنا، لكنَّ الدراسات تشير إلى أنَّ معظم الناس يعملون بإنتاجية لمدة 2.5 على الأكثر خلال نهارهم؛ إذ يقضي الفرد وقته في العمل على النحو التالي:

  • 15% من الوقت في الاجتماعات.
  • 25-30% من الوقت في استخدام الحاسوب أو البريد الإلكتروني أو مكالمات الفيديو أو الدردشة.
  • 40% من الوقت في العمل على مهام عدة معاً بإنتاجية أقل من مثالية.

لا يتضمن هذا الوقت الذي تقضيه في الاستراحات أو النشاطات غير المتعلقة بالعمل.

وتنطبق هذه الحالة على وقتك خارج العمل أيضاً، فربما لديك 5 ساعات من الوقت بين العودة من العمل والخلود إلى النوم، لكن من غير المنطقي التخطيط لها على أنَّها وقت فراغ بالكامل دون الأخذ بالحسبان النشاطات الأخرى التي يتطلبها الاعتناء بالمنزل مثل غسل الصحون والتبضع والتنظيف وغيرها.

ليس الهدف من ذكر كل ذلك أن تشعر بالمزيد من القلق؛ بل مساعدتك على فهم أنَّ هناك قيوداً يجب أن تراعيها، فالوقت محدود ولا يمكن إطالته كي تُنجز قائمة مهامك.

4. تخصيص وقت للأمور الهامة:

قد يتسبب لك قلق الوقت بالشعور بالعجز، لكنَّ أسوأ شيء يمكنك فعله هو الاستسلام لهذا الشعور منتظراً الحافز لقضاء وقتك بشكل أفضل؛ إذ وجد علماء النفس أنَّ الحافز لا يسبق الفعل؛ بل الفعل هو الذي يسبق الحافز؛ أي يجب أن تنهض وتعمل كي تشعر بالاندفاع والسعادة.

فكر في الأنشطة التي تعتقد أنَّ قضاء الوقت عليها أمراً جيداً وقرر كيف ستضيفها إلى يومك؛ وذلك لا يعني بالضرورة تحديد وقت معين لها، عوضاً عن ذلك فكر كيف يمكن إضافة هذه المهام ذات المعنى إلى نهارك الفعلي، على سبيل المثال، قرر ما إذا كنت تريد إنجازها في الصباح قبل العمل أم في أثناء رحلتك إلى العمل أم بعد العشاء وخلود أطفالك إلى النوم.

كما يساعدك التخطيط ليومك بهذه الطريقة على إزالة مشتتات الانتباه وأسباب تضييع الوقت التي تزيد من قلقك، فحين تتقبَّل فكرة أنَّ وقتك محدود سيصبح من الأسهل عليك إيقاف تشغيل التلفاز أو إغلاق تطبيقات التواصل الاجتماعي والنهوض لممارسة نشاط مفيد.

5. السعي إلى شعور الرضا عوضاً عن السعي إلى تحقيق أقصى الفوائد:

أحد جوانب قلق الوقت التي نغفل عنها هي طريقة تفكيرنا في المستقبل؛ إذ نتوتر ونقلق بسبب التفكير فيما إذا اتخذنا أفضل خيارٍ؛ إذ يشغل العديد تفكيرهم باتخاذ أفضل القرارات الممكنة، في حين لا يوجد ما يمكن أن نسميه قراراً “مثاليَّاً”، ويميِّز علماء النفس بين نوعين من الأفراد وفقاً لطريقتهم في اتخاذ القرارات:

  • الأشخاص الذين يختارون بحيث يحصلون على أكبر فائدة في المستقبل.
  • الأشخاص الذين يختارون تبعاً لمعاييرهم في اللحظة الراهنة لا أكثر.

ستسبب لك محاولة استثمار وقتك في كل دقيقة من حياتك المزيد من القلق؛ لذا عوضاً عن ذلك فكر في قائمة النشاطات التي حددتها في الخطوة الثانية وجدولك الذي خططت له في الخطوة الثالثة وحدد أفضل طريقة لقضاء وقتك الآن؛ حيث أظهرت الدراسات أنَّ الأشخاص الذين يسعون إلى أكبر فائدة يتخذون عادةً قرارات أسوأ ويعانون من القلق والتوتر.

الوقت لا يتوقف:

نحن جميعاً نريد أن نقضي وقتنا بأفضل طريقة ممكنة، لكنَّ القلق بشأن كل دقيقة وكل ثانية مضرٌّ أكثر مما هو مفيد، وكما قالت الكاتبة “ماريا إدجوورث” (Maria Edgeworth) قديماً: “إذا تدبرنا أمر الدقائق تتدبر السنوات أمر نفسها بنفسها”؛ لذا كن واقعياً حيال وقتك واعرف الأمور التي تُشعِرُك بأنَّك أنجزت، واترك الحياة تأخذ مجراها.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!