6 نصائح تساعدك على التحدث إلى ذاتك بإيجابية وصراحة

تشبه الأفكار السلبية السلسلة، فبمجرد أن تفكِّر في فكرة سلبية واحدة، مثل: "أنا لست جيداً بما فيه الكفاية"، أو "لقد أفسدت العرض التقديمي أو المحادثة"، تتزايد هذه الأفكار شيئاً فشيئاً، وهنا، يساعدك التحدُّث إلى ذاتك بعبارات إيجابية على التغلُّب على هذه الأفكار.

ما هو الحديث الإيجابي مع الذات؟

تقول اختصاصية علم النفس العصبي الإكلينيكي والطب الشرعي “جودي هو” (Judy Ho): يعني الحديث الإيجابي مع الذات التحدُّث إلى نفسك ومعاملتها بلطف والتعاطف معها، تماماً كما تعامِل شخصاً تحبه، وتنبع هذه الممارسة من علم النفس الإيجابي، والذي تعرِّفه بأنَّه “دراسة العوامل التي تجعل البشر ينجحون ويعملون بأقصى طاقاتهم، والميل إلى التركيز على نقاط القوة بدلاً من التركيز فقط على نقاط الضعف، واستخدام قوتنا لحل المشكلات التي تواجهنا في الحياة”.

على الرغم من فوائد الحديث الإيجابي مع النفس، يُخلَط عادةً بينه وبين “الإيجابية السامة”، أو الميل إلى التخلص من المشاعر السلبية من خلال السعي وراء المشاعر الجيدة فقط، ولكنَّ هذا لا ينطبق على الحديث الإيجابي مع النفس؛ إذ تقول الاختصاصية النفسية “ويتني جودمان” (Whitney Goodman) إنَّ الحديث الإيجابي مع الذات لا يتعلق بالتحلِّي المستمر بالإيجابية؛ وذلك لأنَّ هذا غير ممكن في الواقع، وغير صحي أيضاً، وبدلاً من ذلك، توضِّح “ويتني” أنَّ الحديث الإيجابي مع الذات هو نهج محايد ووسيلة للتفاعل مع أفكارك ومشاعرك تفاعلاً مفهوماً.

كما تقول: “لا يعني هذا أنَّنا سنشعر دائماً بالرضا عندما نتحدَّث إلى ذواتنا بعبارات إيجابية، أو أنَّه سيكون من السهل الشعور بذلك؛ بل في بعض الأحيان، يكون الأمر صعباً للغاية؛ وذلك لأنَّك قد تواجه العديد من المواقف السلبية”، وفي الواقع، قد لا يؤدي ترديد العبارات الإيجابية المكرَّرة إلى حدوث أي تأثير؛ لذا يجب أن تتحدَّث إلى ذاتك حديثاً واقعياً وفعَّالاً.

يدور الحديث الإيجابي مع الذات أيضاً حول الرؤية؛ حيث يقول الطبيب النفسي “كيفن جيليلاند” (Kevin Gilliland) إنَّ الحديث الإيجابي مع الذات هو مهارة تستطيع تطويرها كلما اكتسبت رؤية أكثر فهماً وتقديراً تمكِّنك من الشعور بالأمل تجاه الموقف والتفاؤل به، كما يقول الدكتور جيليلاند: “عندما يعاني البشر الاكتئاب أو القلق أو أي مشكلة نفسية، يميلون إلى تطوير الانحياز للسلبية، والتركيز على الأشياء المستحيلة وبعيدة المنال، وتجاهل الأشياء المشجعة أو المفعمة بالأمل، ولكن عندما يتحلَّون بنظرة أوسع وأكثر توازناً، يستطيعون رؤية الاحتمالات الأخرى غير السلبية”.

العلاقة بين الصحة العقلية والصحة الجسدية:

لا يمكننا التحدث عن الصحة العقلية دون مناقشة الصحة الجسدية أيضاً؛ فالاثنتان متصلتان وتؤثر إحداهما في الأخرى؛ حيث تقول “ويتني”: “إذا شعرت بالمرض الجسدي، فسوف تواجه بعض الأعراض العقلية حول هذا التغيير، ومن المحتمل أن تختلق قصة حول ما يحدث لك جسدياً، وتبدأ بتفسير الأعراض والعلامات، وتطوير بعض العواطف حول التغييرات الجسدية أو التجارب التي تمر بها؛ لذا قد يُصاب الأشخاص الذين يعانون من أمراض جسدية بمشكلات نفسية أيضاً مثل الاكتئاب والقلق إما كعرَض أو بسبب التوتُّر الناتج عن الشعور بالمرض الجسدي”.

والعكس صحيح أيضاً؛ إذ يقول الدكتور “جيليلاند” إنَّه من الشائع أن يُصاب الأشخاص الذين يعانون من مرض عقلي بأعراض جسدية مثل متلازمة القولون العصبي أو اضطرابات النوم، ولكن لحسن الحظ، نحن نمتلك الكثير من الخيارات – بما في ذلك الحديث الإيجابي مع الذات – التي تساعدنا على إدارة صحتنا النفسية، دون الخضوع للاستشارات وتناول الأدوية”.

شاهد بالفديو: 9 طرق لممارسة التحدث الإيجابي إلى الذات من أجل تحقيق النجاح

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/mIW_OnS4uKQ?rel=0&hd=0″]

4 فوائد للحديث الإيجابي مع الذات:

1. اكتساب رؤية جديدة تساعدنا على تجاوُز الأوقات العسيرة:

قد تكون الحياة قاسية في بعض الأحيان، وتؤدي الأفكار السلبية والتفكير المتشائم عادةً إلى جعل الأمور أصعب ممَّا يجب أن تكون عليه، وعندما يحدث هذا، لا ننظر إلى الأمور نظرةً منصفة، ولكن قد يساعدنا الحديث الإيجابي مع الذات على رؤية الصورة الكاملة بالفعل، والتي تُعدُّ عنصراً حاسماً عند المرور بأوقات عصيبة.

من فوائد ممارسة الحديث الإيجابي مع الذات أنَّه يساعدك على رؤية مواقف معينة من وجهة نظر جديدة؛ حيث تقول “ويتني”: “قد يقع بعض الناس في فخ التفكير المتطرف؛ أي إمَّا أن يكون كل شيء جيداً أو كل شيء سيئاً، ولكن من خلال الحديث الإيجابي مع الذات، نستطيع رؤية المواقف الملتبسة؛ حيث تتيح لنا هذه المرونة التوصُّل إلى استراتيجيات التأقلم والعثور على ما يناسبنا”.

2. تكوين علاقات أفضل:

يؤثر الحديث الإيجابي مع الذات في صحتنا العقلية والعاطفية والجسدية، وقد يؤثر أيضاً في علاقاتنا؛ إذ تقول “ويتني”: “عندما نكون قادرين على رؤية الأشياء الجيدة في أنفسنا، نستطيع رؤيتها في الآخرين؛ إذ يسمح لنا الشعور بالرضا عن أنفسنا ومعرفة نقاط قوتنا بالتعاطف مع الآخرين واغتنام فرص بناء علاقات جديدة”.

3. زيادة الثقة بالنفس والفاعلية الذاتية:

وفقاً للدكتورة “جودي”، يساعدك الحديث الإيجابي مع الذات على بناء الثقة، والسيطرة على ما يحدث في حياتك سيطرة أفضل؛ بعبارة أخرى، ستشعر بأنَّك تقود حياتك، وليست هي التي تقودك، كما تشير الدكتورة “جودي” إلى أنَّ الأشخاص الذين يتمتعون بقدر أكبر من التقدير الذاتي يكونون أكثر ميلاً لتحقيق أهدافهم والتحلِّي بالواقعية في أثناء القيام بذلك.

4. تخفيف مشاعر الوحدة:

عندما تتحدَّث إلى ذاتك بعبارات سلبية، ترغب عادةً في النأي بنفسك عن الآخرين؛ وذلك لأنَّك تشعر بالخجل أو الذنب، على الرغم من أنَّ هذا هو الوقت الذي تحتاج فيه إلى دعم الآخرين، بينما يؤدي الحديث الإيجابي مع الذات إلى تأثير معاكس؛ إذ تشعر بالإيجابية والتوازن؛ ممَّا يسهِّل عليك البقاء على تواصل مع أحبابك والأشخاص الذين يدعمونك، ويؤدي هذا التواصل والدعم العاطفي إلى القدرة على التعامل مع المواقف العسيرة.

6 نصائح تساعدك على إدخال الحديث الإيجابي مع الذات في روتينك اليومي:

1. احرص على أن تتحدَّث إلى ذاتك حديثاً صحيحاً:

تقول “ويتني”: عندما تشعر بالاستياء والسوداوية، قد تشعر بأنَّ العبارات الإيجابية التي تقولها لنفسك غير صادقة أو أنَّها مجرَّد أكاذيب؛ ممَّا يجعلها غير فعَّالة”.

على سبيل المثال: لنفترض أنَّ العبارة الإيجابية التي تخاطب بها نفسك يومياً هي أنَّك تحب جسدك؛ يبدو هذا رائعاً، ولكن في الواقع، ستكون ثمَّة أوقات لا تشعر فيها بذلك، ومن ثمَّ عندما تنظر في المرآة وتسيطر عليك الأفكار السلبية، قد يكون من الصعب تصديق هذه العبارة الإيجابية.

لذا توصي “ويتني” بإنشاء عبارة أكثر منطقية كي لا تشعر أنَّها مفروضةٌ عليك فرضاً أو مزيفة، على سبيل المثال: استبدل “أنا أحب جسدي” بعبارة “سأحاول إظهار حبي لجسدي” أو “أنا أحاول أن أحب جسدي”؛ وذلك لأنَّك كلما أحسست بالصدق فيما تقول أو تشعر، قلَّت المقاومة، وتقبَّله عقلك، وتذكَّر أنَّه لا توجد عبارة واحدة تناسب الجميع؛ لذا انتقِ الكلمات التي تروق لك.

2. غيِّر سلوكك:

يُعدُّ قول فكرة إيجابية أو التفكير فيها شيئاً واحداً، ولكنَّ دعمها بسلوك جديد هو ما يخلق التغيير الحقيقي، فإذا كنت تستمر في القيام بسلوكات لا تتوافق مع ما تتحدَّث به إلى ذاتك، لن تستفيد من هذه العبارات الإيجابية.

كما يُعدُّ استخدام الحديث الإيجابي مع الذات وحده مجرَّد كلام إذا لم تطبِّقه؛ لذا توصي “ويتني” أن تسأل نفسك هذا السؤال: كيف يمكنني تطبيق هذه العبارة؟ أو كيف يمكنني تطبيق هذا الحديث؟ على سبيل المثال: إذا كانت عبارتك الإيجابية هي العمل على حب جسدك، فما الإجراءات اليومية التي ستتخذها لإظهار حبك لجسدك؟

3. ابدأ بالحديث الإيجابي مع الذات في موضوع واحد:

إذا حاولت اتِّباع عادة جديدة من قبل، فأنت تعلم أنَّ التغيير صعب؛ لذا تصبح محاولة تغيير الكثير من الأشياء في وقت واحد – بغضِّ النظر عن مدى طموحك – فاشلة عادةً، ومن ثمَّ بدلاً من محاولة إجراء تغيير كامل في حديثك إلى ذاتك دفعةً واحدة، تقترح “ويتني” التركيز على جانب واحد فقط من حياتك تريد تحسينه، مثل حب الذات أو الصحة أو العافية أو الثقة.

ابدأ بأكثر جانب كنت تقسو فيه على نفسك، ثم فكِّر في الطريقة التي تفضِّل أن تشعر بها حيال هذا الجانب، وتوصَّل إلى عبارات إيجابية مرتبطة بمسعاك هذا، ولا تنسَ أن تجعل هذه العبارات التي تردِّدها على ذاتك واقعية وصادقة؛ حيث تبني عادة الحديث الإيجابي مع الذات الزخم، مثل معظم العادات الصحية؛ لذا بمجرد أن تبدأ بالتحدُّث إلى ذاتك عن جانب معيَّن، سيكون التطرُّق إلى الجوانب الأخرى أسهل.

4. جمِّع جميع البيانات دون إصدار أحكام:

ثمَّة طريقة أخرى لتطبيق الحديث الإيجابي مع الذات، وهي التعود على جمع كل البيانات حول الموقف أولاً دون إصدار حكم؛ حيث يقول الدكتور “جيليلاند”: “نحن عندما نمر بوقتٍ عصيب، نميل إلى الانحياز تجاه الأمور التي لا تنجح، أو ما لا يمكننا فعله”؛ لذا يمنحنا جمع كل البيانات، وليس الأجزاء السيئة فحسب، رؤيةً أكثر توازناً قد تمكِّننا من رؤية الأمور رؤية أوضح لندرك الإجراءات التي يتعيَّن علينا اتِّخاذها، وعلى الرغم من أنَّ هذه الخطوة وحدها لن تغيِّر الموقف، إلَّا أنَّ تغيير وجهة نظرك ورؤيتك سيصنعان فارقاً كبيراً في كيفية شعورك وتصرُّفك.

5. شكِّك في أفكارك:

تذكَّر أنَّ الأفكار ليست حقائق بالضرورة، حتى لو كانت تبدو صحيحة؛ لذا عندما تفكِّر في فكرة سلبية، اسأل نفسك عمَّا إذا كانت الفكرة كاملة ودقيقة ومتوازنة، وإذا كانت إجابتك “لا” على أي جزء من هذه الأجزاء، فقد ينبغي عليك إعادة النظر في هذه الأفكار، وفي الواقع، يتعلَّق الأمر بإدراك أنَّ الأفكار مجرد أحداث ذهنية لا أكثر؛ فامتلاكك لفكرةٍ ما لا يعني أنَّها حقيقية.

من أجل بناء فكرة أكثر اكتمالاً ودقة وتوازناً، تقترح الدكتورة “جودي” استخدام تقنية “نعم، لكن”، مثل أن تقول: “نعم، لم أنتهِ من هذا المشروع الكبير بَعد، لكنَّني أحرزت تقدُّماً كبيراً، ويمكنني الاستمرار” أو: “نعم، لقد كان عام 2020 قاسياً، لكنَّني أيضاً قضيت الكثير من الوقت وحدي؛ ممَّا سمح لي بالتركيز على سلامتي”.

6. اطلب مساعدة اختصاصي:

إذا كنت تواجه صعوبة بالغة في دمج الحديث الإيجابي مع الذات، فاطلب المساعدة من خبير مثل معالجٍ أو طبيبٍ نفسي؛ حيث تقول الدكتورة “جودي”: “في بعض الأحيان، قد يكون الحديث السلبي مع الذات عميقاً لدرجة أنَّه يسبِّب الاكتئاب أو القلق؛ لذا يصبح من الضروري الحصول على دعم أحد المحترفين للعمل من خلال بعض هذه الاستراتيجيات بصورة أكبر وأكثر عمقاً”.

كما يقول الدكتور “جيليلاند” إنَّ العمل بمساعدة شخص ما يساعدك على اكتساب رؤية أوسع ربما تكون مفقودة، وقد يساهم في الإشارة إلى الجوانب أو الخيارات التي يتجاهلها عقلنا بسبب القلق أو التوتر أو الاكتئاب.

في الختام:

يتلخَّص التحدُّث إلى الذات بإيجابية في التعامل مع نفسك والتحدث إليها بحب وتعاطف ولطف، ورؤية الصورة كاملة دون التركيز على أخطائك فحسب؛ إذ يُعدُّ اتباع نهج أكثر توازناً مفيداً للغاية، لا سيما إذا لم يكن للحديث الإيجابي مع الذات تأثير فعَّال، وفي النهاية، لا تَدَع يوماً واحداً سيئاً يحدد شكل حياتك؛ بل دع أفضل أيام حياتك تفعل ذلك.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!