الحنين للذكريات أحد سبل التخلّص من الضغط النفسي

الماضي بالنسبة للكثير منّا شيء جميل، زمن نتمنّى العودة إليه والحياة فيه مرة أخرى، فإذا كان السبب عدم الرضا عن الحاضر، وإنجازات قد حققتها غير أن الماضي فعلاً كان بسيط على كل المستويات...

يعد الطبيب الكندي المجري (هانز سيلي)،أول من عرف مصطلح “الضغط النفسي” في ثلاثينيات القرن الماضي، واستعار هذا المصطلح من الطبيب الإنجليزي روبرت هوك الذي صنف “الإجهاد” أحد تبعات الضغط النفسي الشديد، وبأن الحنين للماضي هو أحد السبل للهروب من الضغط النفسي.

واعتمدت دراسات (هانز سيلي) على أبحاث عديدة وصفت الاستجابات الفسيولوجية للعوامل المسببة للضغوط النفسية. إذ أشارت هذه الأبحاث إلى أنّ القفز من المرتفعات بواسطة الحبال المطاطية يؤدّي إلى زيادة مقاومة الجسم للأنسولين، وأن إلقاء محاضرة أمام عدد من الطلاب يؤدّي إلى زيادة علامات الالتهابات في الدم، مع العلم بأنّ هذه الاستجابات مع الوقت توفّر وقاية للجسم تساعده على البقاء على قيد الحياة. إذ تضمّنت مقاومة الجسم المؤقتة للأنسولين، على سبيل المثال، وصول السكر إلى الدماغ، بينما تقي الالتهابات الجسم من الأجسام الدخيلة.

وفق دراسة بريطانية لجامعة ساري، مفادها بأن الحنين إلى الماضي يعطي شحنة إيجابية لدماغ الإنسان على اعتباره المسؤول عن تحريك عواطفه. وتقول الدراسة “أن ّالمكان الذي يتزوج فيه الشخص يحمل له أهمية عاطفية أكبر مقارنة مع صور حفل الزفاف، وتمكّنت الدراسة من إثبات الفوائد الجسدية والعاطفية لأهمية العودة إلى الماضي وتذكّر الأحداث الجميلة”، حيث وجدوا من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي بوجود علاقة وطيدة بين الناس والأماكن، والتي من الصعب وصفها أو حتى التعبير عنها”.

قد نعود بالحنين للماضي البعيد الذي لم نعايشه أصلاً، تدفعنا إليه تلك الصورة التي نراها في أفلام الستينات والسبعينات والحياة الراقية والنفوس الطيبة الصافية، والترابط الأسري، والوجوه الجميلة بلا أي تجميل إنّها بالفعل الحياة النظيفة!

وفي العديد من التجارب التي أجريت عبر الإنترنت، التي تضمّنت حث المشاركين في التجربة على التفكير بالماضي من خلال كلمات الأغاني العاطفية أو الذكريات، كما تم طرح أسئلة على المشاركين لقياس مدى شعورهم بالارتباط بالماضي، والجانب الجوهري في شخصية كل مشارك التي لم تتغيّر بمرور الزمن. وقد أوضح عالِم النفس في جامعة ساوثهامبتون في إنجلترا كونستانتين سيديكايدس، والمؤلف الرئيس للدراسة التي نُشرت في عام 2015. حيث وجد الباحثون بأنّ الشعور بالحنين للماضي مهمته تعزيز الإحساس بالاستمرارية الذاتية وزيادة الإحساس بالترابط الاجتماعي، إذ إن الذكريات العاطفية غالباً ما تضم أحباءنا، وهو ما يمكن أن يذكرنا بشبكة اجتماعية تمتد لتشمل الكثير من الناس عبر العديد من الفترات الزمنية، كذلك الذكريات الجميلة والحنين إلى الماضي لها تأثير فعال في علاج الكثير من حالات القلق أو الحزن أو الشّعور بالوحدة وبعض حالات الاكتئاب التي أصبحت منتشرة هذه الأيام.

عوامل تخفيف الضغط النفسي:

1. الأنشطة اليومية:

وسيلة للتخفيف من الضغط النفسي. حتى إذا لم تكن رياضيّاً أو لا تتمتّع بجسم مثالي، يمكنك ممارَسةُ الرياضة كونها وسيلةً جيدة لتخفيف الضغط النفسي، كما أنّ ممارَسة الرياضة تعيد تركيز عقلكَ على حركات جسمكَ، الأمر الذي بإمكانه تحسين مزاجكَ ومساعدة ذاتكَ على تخفيف التوترات اليومية.

2. العادات غير الصحية:

بعض الأشخاص يتعامل مع الضغط النفسي عن طريق شرب الكثير من الكافيين أو استخدام المواد الغير مشروعة هذه العادات يمكن أن تضر بصحتك، وإن اتباعك لنظام غذائي صحي يعد جزءاً مهمًّا من الانتباه لنفسكَ. كأن تَناوَل مجموعة من الفاكهة والخضروات.

3. التواصُل مع الآخرين:

التواصُل الاجتماعي وسيلة جيدة لتخفيف الضغط النفسي؛ لأنّها يُمكن أن تُتيح لكَ تشتيت الانتباه عمَّا يُؤَرِّقُكَ، إضافة إلى توفير الدعم ومساعدتكَ على تحمُّل تقلُّبات الحياة، كشرب فنجان قهوة مع صديق أو التواصل مع قريب لكَ عبر الإنترنت، أو زيارة إحدى دُور العبادة.

4. ممارسة اليوغا:

إن ممارسة الرياضة بشكل عام تساهم في خفض التوتر، تتميّز اليوجا بأنّها تمرين يجمع بين العقل والجسد التي قد تُساعدكَ على تحقيق هدوء الجسم والعقل لأنها تتضمن  تنفيذ حركات جسدية معينة، والتنفس الخاضع للتحكم، والتأمل والاسترخاء. وتساعد اليوغا في تقليل التوتر، وخفض ضغط الدَّم، وخفض سرعة القلب. وبإمكان الجميع ممارستها.

5. النوم بشكل كافي:

يسبب الضغط النفسي صعوبة في النوم بعمق. عندما يكون لديك الكثير للقيام به والكثير لتفكّر فيه فسوف تعاني عند النوم. فالنوم هو الوقت الذي يُجدِّد فيه مخك وجسمك النشاط، وتؤثّر نوعية النوم والوقت المستغرق على مستوى طاقتك وقدرتك في التركيز على جميع الوظائف الأخرى. فإذا كنت تعاني من مشاكل في النوم، تأكّد من نظامك الغذائي واتبع نظام يساعد على الراحة والاسترخاء عند الذهاب للنوم، كالاستماع للقرأن الكريم وأبعد عنك كل شيء قد يصدر أصوات وإن كانت عقارب الساعة.

6. الاستماع للموسيقى:

إنّ تشغيلك للموسيقى المفضلة لديك يساعد تخفّيِف التوتُّر بشكل جيد، لأنه يُقلِّل من الشدِّ العضلي وهرمونات الضغط العصبي. لذلك في حال كنت في مضطر وبشكل كبير ما عليك سوى رفع مستوى الصوت، واتركْ عقلكَ ينغمس في الموسيقى. كما يمكن القيام بأي عمل قد تفضله غير الاستماع للموسيقى مثل الرسم، قراءة بعض الروايات، أي شيء يتطلَّب منكَ التركيز على ما تفعله.

إذا كانت إجراءات الرعاية الذاتية لا تَقْضِي على الضغط العصبي، فقد يحتاج المريض إلى إيجاد عوامل إعادة التقوية في آلية العلاج. كأن تجد صعوبة  في تنفيذ الأعمال اليومية أو متابعة المسؤوليات في العمل أو المنزل أو المدرسة، وفي هذه الحالة لابدّ من استشارة مختص أو خبراء لتحديد مصادر الضغط النفسي وايجاد طرق كفيلة للتأقلم معه.

 

المصادر:

  • كيف تقاوم الضغوط النفسية
  • الحنين للماضي.. حقيقة علمية!
  • لماذا نحب الماضي
Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!