كيف تتخلَّص من العادات السيئة وتعيد تدريب دماغك؟

يبدو أنَّ الكلمات التي قالها أرسطو منذ أكثر من 2000 سنةٍ ما زالت صحيحة: "نحن ما نقوم به مراراً وتكراراً. لقد تغيَّر العالم كثيراً ، ولكنَّ القوانين والأنظمة البشرية ما تزال هي نفسها؛ سواءً أكانت عاداتٍ جيدة أم سيئة، وبما أنَّك بدأت قراءة هذه المقالة لتتعلَّم كيفية التخلص من العادات السيئة، فإنَّنا سوف نركِّز على التخلُّص من العادات المزعجة بالنسبة إليك. لذا، اجلس بارتياح، ولندخل في صلب الموضوع.

لقد تغيَّر العالم كثيراً منذ تلك الأيام، ولكنَّ القوانين والأنظمة البشرية ما تزال هي نفسها؛ وعندما يتعلَّق الأمر بالعادات، فيُحكَم عليها منفردة، سواءً أكانت عاداتٍ جيدة، مثل: القراءة والكتابة؛ أم سيئة، مثل: التدخين. ولكن، يخرج كلُّ ذلك من نظام التشغيل في عقلك، والذي قد يكون مدرِّباً، ومدَّرباً، ومُعاداً تدريبه.

وبما أنَّك بدأت قراءة هذه المقالة لتتعلَّم كيفية التخلص من العادات السيئة، فإنَّنا سوف نركِّز على التخلُّص من العادات المزعجة بالنسبة إليك. لذا، اجلس بارتياح، ولندخل في صلب الموضوع.

كيف تتشكَّل العادات؟

العادة هي الشيء الذي يحدث بشكلٍ متكرِّر، وتتشكَّل من المهام التلقائية التي يقوم بها دماغك؛ لكن وكما هو الحال مع كلِّ شيءٍ في هذا العالم، فإنَّ العادة ليست مجرَّد عادة فحسب؛ فعندما تُقسِّمها إلى أقسامٍ أصغر، تحصل فعلياً على ثلاثة أجزاءٍ مميزةٍ تُشكِّل العادةَ بمجموعها.

هناك نوعان من العادات: عادات واعية، وعادات خفية. والكثير من العادات السيئة هي عاداتٌ خفية؛ لذا يمكنك محاولة تحديد عاداتك الخفية أولاً.

يبيِّن لنا البحث الذي قام به تشارلز دوهيغ (Charles Duhigg)، والمقدَّم في كتابه “قوة العادات”؛ أنَّ العادة تتكوَّن من ثلاثة أجزاء:

  1. الإشارة.
  2. الروتين.
  3. المكافأة.

1. الإشارة:

الإشارة هي المحفِّز الذي يُرسِل الحافز إلى الدماغ ليُعلِمَه أنَّ الوقت قد حان للقيام بالروتين، ويمكن لهذه الإشارات أن تكون داخليةً أو خارجية، وتعتمد الداخلية منها على حالتك العاطفية وأفكارك، وأسهل مثالٍ على هذا: عندما تشعر بالتوتر وتبدأ قضم أظافرك. الشعور بالتوتر إشارةٌ داخليةٌ يتعرَّف عليها دماغك، ويقرنها بقضم الأظافر، ليصير هذا السلوك عادةً دائمةً مرتبطةً بشعور القلق.

مثالٌ آخر: الاستحمام. ما إن تدخل الى الحمَّام، حتّى يصبح عقلك فارغاً ببساطة، وتبدأ غسل جسدك؛ وربَّما ليس لديك فكرةٌ عن هذا، ولكنَّك تغسل جسمك بالطريقة نفسها في كلِّ مرة، فتغسل الجذع أولاً، ثمَّ اليدين، فالساقين. لا يهمُّ ما هو الترتيب، فما يهمُّ حقاً هو أنَّ إشارة روتين الاستحمام هي دخول الحمام.

الإشارات هي المحفِّزات التي تبدأ العملية التلقائية للروتين الذي في رؤوسنا.

2. الروتين:

هو الإجراء الذي نقوم به عندما نحفَّز أو نُنبَّه. في المثال أعلاه: الروتين هو الاستحمام وقضم الأظافر، وهي أشياءٌ يقوم عقلنا بها تلقائياً؛ فأذهاننا مشرَّبةٌ بالروتين في منطقةٍ تسمَّى “العقد القاعدية”، وبمجرَّد تحديد الروتين، فإنَّه من المستحيل نسيانه. لهذا السبب تعرف كيفية ركوب الدراجة، حتَّى لو لم تمارس هذه العادة لمدة 30 سنة.

3. المكافأة:

هي الاستجابة العاطفية والجسدية والنفسية للروتين، وهي التي تعطينا سمواً معيناً. لكلِّ عادةٍ مكافأة، ليس فقط كمحفِّز، بل كوسيلةٍ للإشارة إلى دماغنا أنَّ هذه العادة قد جرى القيام بها، وأنَّه يحتاج إلى التفكير قبل إنجاز الأمور.

تختلف عملية التخلُّص من العادة قليلاً عمَّا هي عليه عند تثبيت عادةٍ جديدة؛ لكن ومع ذلك، لها ثلاثة خطواتٍ بسيطة مذكورة أدناه؛ لذا فلنبدأ بها.

3 خطواتٍ للتخلُّص من أيِّ عادةٍ سيئة:

تتضمَّن الطرائق الثلاث السهلة للتخلُّص من أي عادة تنفيذ أشياءٍ معيَّنةٍ من الصعب القيام بها:

1. اجعل “الإشارة” غير مرئية:

نحن نعلم أنَّ الإشارة سبب هذه العادة، وأنَّ العادة لن تبدأ ما لم يكن هناك إشارة؛ لذا فإنَّ إحدى خطوات التخلُّص من هذه العادة هي جعل الإشارة غير مرئية.

يكون القيام بالعادات التي نصنعها بسيطاً في معظم الأوقات، ويمكن أن تُحفَّز بإشاراتٍ بسيطة؛ فعلى سبيل المثال: تخيَّل أنَّك تمشي في الشارع. ربَّما أنت تفعل ذلك لأنَّك تريد حرق بعض السعرات الحرارية، ولأنَّه صحيٌّ للجسم (والعقل)؛ ولكن هناك متجر مثلجاتٍ في أسفل الشارع، ولا يمكنك منع نفسك في كلِّ مرةٍ تمشي هناك من التوقُّف وتناول آيس كريم بنكهة الشوكولاتة، ولقد فعلتَها مراتٍ عديدة حتَّى أصبحت عادة.

تشير الإشارة إلى متجر الآيس كريم، ويثير هذا ردَّ فعلٍ عاطفي عبارة عن شغفٍ ببعض الآيس كريم اللذيذ الذي تشتريه بعد ذلك (روتين)؛ وحالما تتناول أول لقمةٍ منه، تشعر على الفور بطعم تلك الشوكولاتة الرائعة وهي تذوب في فمك (مكافأة).

لجعل الإشارة غير مرئية، عليك أن تضع نفسك في موقف لا يُفعِّل الإشارة في رأسك، وبما أنَّك تعرف موقع المتجر، فستحتاج إلى الفوز في هذه اللعبة من خلال رفضك التصرُّف بناءً على الروتين، وسيكون كلُّ ما عليك القيام به هو اختيار شارعٍ مختلف، وتجاهل هذا الشارع تماماً.

هذا هو المكان الذي تكسب فيه المعركة، فقد فزت بها من خلال عدم الدخول فيها على الإطلاق. يمكنك تخطِّي هذه العادة السيئة تماماً عن طريق جعل الإشارة غير مرئية، وسوف تتخلَّص منها بعد التكرار الكافي لهذه العملية؛ ولكن ماذا لو كان من المستحيل القيام بذلك؛ مثل وجود جهاز التلفاز في غرفة الجلوس، وعدم قدرتك على تجاهل عادتك السيئة بمشاهدة كلِّ ما يُعرض عليه؟ هنا نُصعِّبُ الروتين على أنفسنا.

شاهد بالفيديو: كيف تتخلص من أي عادة سيئة بسرعة.

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/J5kaoNC0G4Y?rel=0&hd=0″]

2. اجعل الروتين صعباً:

في الحالة المذكورة أعلاه، حيث نريد التخلُّص من العادة الدائمة في مشاهدة التلفاز بمجرَّد عودتنا إلى المنزل، لا يمكننا جعل الإشارة غير مرئية؛ لذلك نحن نخلق الروتين الصعب. إذا كانت العادة تتكوَّن من الجلوس على الأريكة بعد العمل (الإشارة)، والتقاط جهاز التحكُّم عن بعدٍ وتشغيل التلفاز (روتين)، ومشاهدة البرامج الترفيهية (مكافأة)؛ فمن الأفضل أن نجعل هذا الروتين صعباً. لذا، نستخدم شيئاً يسمَّى قاعدة ال 20 ثانية، والتي تنص على أنَّنا إذا صعَّبنا العمل على أنفسنا، فسنفضِّل عدم القيام به.

في الحالة المذكورة أعلاه، يمكنك جعل الروتين صعباً من خلال تنفيذ قاعدة الـ 20 ثانية كما يلي:

  • افصل التلفاز من مصدر الطاقة؛ بحيث سيتعيّنُ عليكَ عندما تجلس على الأريكة في كلِّ مرةٍ تعود فيها إلى المنزل، أن تنهض لتوصيل التلفاز بمصدر الطاقة، ثمَّ لتجلس على الأريكة لمشاهدته.
  • ضع جهاز التحكُّم عن بعدٍ في الغرفة الأخرى.
  • أزل البطاريات من جهاز التحكُّم عن بعد، واحتفظ بها في الطابق السفلي.

على الرغم من أنَّ هذه الأمثلة قد تبدو سخيفةً بعض الشيء، وأنَّك تعتقد أنَّه لا توجد طريقةٌ لإنجاح هذا على الإطلاق؛ إلَّا أنَّه لدينا عددٌ كبيرٌ من الأبحاث التي تُثبِت خلاف ذلك.

بالمناسبة، يمكن تطبيق هذا أيضاً عندما تخلق عادةً جديدةً جيدة؛ إذ عليك ببساطةٍ أن تعكس قاعدة الـ 20 ثانية، ممَّا يجعل أيَّ شيءٍ سهلاً قدر الإمكان، ولا تشكِّك أبداً في كسل عقلك لأداء عملٍ معين.

أخيراً وليس آخراً، يمكننا أن نجعل مكافأة نهاية هذه العادة غير مرضية.

3. اجعل المكافأة غير مرضية:

للمكافآت وظيفتان؛ الأولى: إشباع الرغبة الشديدة، والثانية: تعليمنا. سنبقى مع الأولى؛ لأنَّ ذلك أمرٌ حاسمٌ للتخلُّص من العادات السيئة.

إشباع الرغبة الشديدة:

أن تأخذ العادات في الاعتبار، فهذا منطق سليم، والمكافأة التي تأتي بعد إجراء روتينٍ معينٍ أمرٌ طبيعيٌّ ومتوقَّع؛ ولكن عند التخلُّص من عادةٍ ما، فنحن بحاجةٍ إلى عكس هذه العملية، وتحويل التأثير المُرضِي إلى تأثيرٍ غير مُرْضٍ. إليكَ كيفية القيام بذلك:

عندما نُرضِي شغفاً، فإنَّنا في الحقيقة لا نُرضِي غاية، بل نُرضِي الوسائل التي تُوصِل إليها؛ هذا هو التحول في العقلية الذي نحتاج إلى إجرائه من أجل التوصُّل إلى التفكير في “المكافآت” بطريقةٍ صحيحة. عندما تتوق لتلك الكعكة، على الرغم من أنَّك تعرف أنَّك تريد إنقاص وزنك؛ فأنت في الواقع لا تتوق لأكل الكعكة أو لنكهتها، بل تتوق للعواطف والمشاعر التي تحصل عليها من أكل هذه الكعكة. هذا هو الجزء الذي يسبب الإدمان، والذي يغلِق حلقة العادة (المكافأة).

ما تتوق إليه من المكافأة هو المشاعر التي تجعلك تشعر بالرضى بطريقةٍ أو بأخرى، والطريقة التي تجعل المكافأة غير مرضية هي إيجاد مكافأةٍ تمنحك قوة هذه المشاعر نفسها، أو ربَّما أكبر.

سنورِد هنا مثالاً: أنت تحبُّ المقامرة وتغامر بالكثير من المال على الطاولة، والمكافأة التي تحصل عليها هي الشعور المعروف باسم “لذة الفعل”؛ وبالتالي ما تتوق إليه ليس الفعل، بل إنَّه الشعور بـ “لذة الفعل”.

ما الذي يمكن أن يمنحك الدفع العاطفي نفسُهُ أيضاً؟ هل هو القفز بالمظلة، أم الغطس، أم قيادة سيارة سباق، أم لعب لعبة إلكترونية في الواقع الافتراضي؟ بمجرَّد تجربة أشياء مختلفة، ومعرفة أنَّه يمكنك الحصول على إثارةٍ أكثر قوةً من نشاطٍ مختلفٍ وأقلَّ خطورةً بالنسبة إليك؛ فسوف تبدِّل النشاط الذي كنت تقوم به؛ لأنَّ النشاط الأول لن يستمرَّ بمنحك الشعور بالإثارة.

دعونا نلقي نظرةً على مثالٍ آخر: تريد كعكةً بشدة؛ ولكن كما في المثال أعلاه، فقد تعلَّمت أنَّه يمكنك اكتساب الشعور نفسه بالرضا عن طريق مضغ اللوز الذي على الرغم من أنَّه لا يمنحك المذاق نفسه؛إلَّا أنَّه سيمنحك الشعور نفسه بالرضا.

الأمثلة على ذلك لا حصر لها، وأنت تحتاج إلى تجربة مثالين مختلفين قد يمنحانك شدة المشاعر نفسها أو أكثر. هناك أيضاً وظيفةٌ ثانيةٌ للمكافأة، وهي أن تعلِّمنا؛ ولكنَّها ليست هامَّةً عند التخلُّص من العادات السيئة.

الخاتمة:

يمكن تغيير أدمغتنا مثل برامج الكمبيوتر، إذا قمنا ببرمجتها بالطريقة التي نريد. العادات السيئة ليست سوى جزءٍ من البرمجة السيئة التي تتسلَّل إلى أدمغتنا عندما نكون غافلين، ولكن هناك طريقةٌ للتخلُّص منها.

أول شيءٍ هو فهم كيفية تشكُّل العادات، وأنَّها تتألَّف من الإشارات والروتين والمكافآت؛ فإذا أردنا تغيير عاداتنا، فنحن بحاجةٍ إلى جعل الإشارات غير مرئية، والروتين صعباً، والمكافآت غير مرضية.

يبدو كلُّ هذا أصعب ممَّا هو عليه؛ ولكن في الواقع، إنَّه شيءٌ بسيطٌ وسهلٌ للقيام به. نحتاج فقط أن نتذكَّر قول جيم رون (Jim Rohan)، عندما يتعلَّق الأمر بإجراءاتٍ بسيطةٍ وسهلة: “إنذَه لمن السهل والبسيط القيام بأشياء بسيطةٍ وسهلة؛ ولكن من السهل والبسيط أيضاً عدم القيام بها من أصله”.

التوافق هو مفتاح التخلص من أيِّ عادةٍ سيئة؛ فلا تعاقب نفسك إذا فشلت لمرةٍ واحدة، فقط استمرَّ في الدفع بطرائق بسيطةٍ وسهلةٍ للتخلُّص منها، وستتخلَّص قريباً جداً من العادات السيئة، وتعيد تدريب دماغك

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!