لماذا يجب أن تتحدث إلى الغرباء؟

ساعدت القصص والرسائل الموجودة في الكتاب الآباء والمعلمين على تعليم الأطفال الصغار الفرق بين الغرباء الذين هم طيبون ومتعاونون، وأولئك الذين قد يؤذونهم، هذا المقال مأخوذ عن الدكتورة في علم النفس سوزان نيومان (Susan Newman)، والتي تحدثنا فيه عن أهمية التحدث إلى الغرباء.

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الدكتورة في علم النفس سوزان نيومان (Susan Newman)، والتي تحدثنا فيه عن أهمية التحدث إلى الغرباء.

حتى قبل تلك الأحداث المثيرة للقلق والتي لاقت تغطية إعلامية كبيرة، كتبتُ كتيباً قصيراً بعنوان: “المثلجات ليست جيدة دائماً” (Ice Cream Isn’t Always Good)، استناداً إلى تقرير إخباري محلي عن رجل غريب في سيارة زرقاء يبيع المثلجات في سيارة زرقاء بالقرب من المدرسة الابتدائية لأبنائي، ووزعت الشرطة والمدارس الكتيب على الآباء، وتحوَّل لاحقاً إلى كتاب بعنوان: “لا تقل نعم للغرباء أبداً” (Never Say Yes to a Stranger)، وقد طُبع بتنسيقات مختلفة لعقود.

لقد ساعدت القصص والرسائل الموجودة في الكتاب الآباء والمعلمين على تعليم الأطفال الصغار الفرق بين الغرباء الذين هم طيبون ومتعاونون، وأولئك الذين قد يؤذونهم، وصُمِّم لتوفير الأدوات التي يحتاجها الأطفال الصغار للبقاء في أمان عندما يكونون بمفردهم، دون إشراف أحد.

لقد أصيب الآباء بالذعر بسبب حديث الإعلام عن الأطفال المفقودين، والتي تبيَّن أنَّها مضللة أحياناً، لفشلها في التمييز بين الأطفال الذين هربوا وأولئك الذين اختُطِفوا، فقيَّدوا بعد ذلك حريات الأطفال بشكل كبير وبالغوا في حمايتهم.

الإفراط في الحذر يجعلنا نغفل عن تطوير علاقتنا مع الأطفال:

تصف جولي ليثكوت هيمز (Julie Lythcott-Haims) في كتابها: “دورك: كيف تصبح بالغاً” (Your Turn: How to Be an Adult)، كيف خرجت الأمور عن نطاق السيطرة، وكيف أثرت إدارة أطفالنا إدارة تفصيلية على شباب اليوم ودفعتهم إلى توخي الحذر ونتيجة لذلك يغفلون عن تكوين العلاقات التي هي مفتاح سعادتنا الفردية.

يبدأ الفصل الأول في الكتاب، والمُعنوَن: “ابدأ التحدث إلى الغرباء”، بالاقتباس التالي: “لا تتحدث مع الغرباء”، حيث يشمل هذا الكلام جميع الناس؛ إلا أنَّ ترويج هذه الفكرة كان خطأً جسيماً؛ إذ تكتب:

“نشأ معظم أطفال جيل الألفية وجيل Z على شعار: “لا تتحدثوا مع الغرباء”، وهذا يعني عدم وجود تفاعل لفظي مع الغرباء، وبالطبع عدم الذهاب معهم إلى أي مكان أيضاً؛ لكنَّه تحول بعدها إلى تجنب أي تواصل بصري مع الغرباء، ولا حتى إجراء محادثات صغيرة على الأرصفة أو في المتاجر، ثم أصبحوا في النهاية يتجاهلون الغرباء تماماً. لم ينشأ الكثير من الأطفال خائفين من فكرة الغرباء فحسب، وإنَّما لا يعرفون كيف يتفاعلون معهم أيضاً؛ ونتيجة إلى ذلك، لم يتعلم الأطفال التعامل مع الإشارات الاجتماعية التي تلقوها من أشخاص في حياتهم المليئة بالغرباء”.

“إليك أكثر نقطة واضحة سوف أتطرق إليها في هذا الكتاب: نحن جميعاً غرباء عن بعضنا البعض في البداية، ثم، بطريقة ما، نتعرف على بعض هؤلاء الغرباء، ويتحول بعضهم إلى جيران وأصدقاء وزملاء ومنتورز وأحباء وشركاء وعائلة، حيث تُظهر الأبحاث في مجالات البيولوجيا التطورية والأنثروبولوجيا وعلم النفس الاجتماعي، أنَّنا كائنات اجتماعية ويجب أن نتفاعل ونتعاون ونتعامل بلطف مع بعضنا البعض، ليس لإنجاز الأشياء فحسب، وإنَّما لنكون أصحاء عاطفياً أيضاً، وتظهر الأبحاث أيضاً أنَّ التفاعلات مع الأشخاص الذين سيبقون غرباء عنا إلى الأبد (أي شخص يمر في الشارع) لها أيضاً آثار إيجابية على الصحة النفسية”.

التحدث إلى الغرباء:

أثناء رحلتي في حافلة في مدينة نيويورك منذ عدة سنوات، سمعت سيدتين تتناقشان عن مطعم كنت مهتمة لمعرفته، لذا بدلاً من استراق السمع إلى حديثهما، طلبت منهن إخباري عنه، وبدأنا في الدردشة، وبالصدفة كانت تعيش إحدى السيدتين بالقرب من منزلي، وأصبحت صديقة مقربة لي. قبل الجائحة، فعلنا أشياء كثيرة معاً وقدمنا دعماً عاطفياً لبعضنا البعض؛ وحالما يعلن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أنَّه من الآمن التواصل مع الأخرين خارج إطار المنزل، فأنا متأكدة من أنَّنا سوف نستأنف صداقتنا وجها إلى وجه، والتي نشأت تماماً من الحديث مع شخص غريب.

لقد أكدت لنا الجائحة أنَّه مهما كان عمرنا، فإنَّنا بحاجة إلى التواصل وجهاً إلى وجه، وليس فقط على وسائل التواصل الاجتماعي؛ فإذا نشأتَ على شعار: “لا تتحدث مع الغرباء”، فقد يكون تكوين هذه العلاقات غير مريح في البداية، ولكن كما تذكِّر ليثكوت-هايمز (Lythcott-Haims) القرَّاء: “ليس من الجيد التحدث إلى الغرباء فحسب، بل عليك فعل ذلك بالتأكيد”.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!