في اليوم العالمي للسعادة: 10 طرق مثبتة علمياً لنيل السعادة

من السهل أن نتصور أنَّ السعادة هي فقط النتيجة التي نسعى إلى الوصول إليها في نهاية الأعمال التي نؤديها، لكنَّ السعادة يمكن أن تكون أيضاً عاملاً يُساهِم في إنجاز تلك الأعمال. إذا بحثنا -مثلاً- عن طرائق لتعزيز إنتاجية الأفراد (سواءً مدة يومٍ واحد، أم مدى الحياة، أم عن طريق الامتناع عن القيام ببعض الأمور)، فمن المحتمل جدَّاً أن نجد أنَّ أفضل طريقةٍ لتعزيز الإنتاجية: إحساس الفرد بمزيدٍ من السعادة، فالأشخاص السعيدون يحققون إنجازاتٍ كبيرة.

Share your love

ربَّما تعتقد بأنَّ الكلام عن السعادة أسهل من نَيلِها على أرض الواقع، أليس كذلك؟

بمناسبة اليوم اليوم العالمي للسعادة، والذي يصادف يوم 20 آذار من كلِّ عامٍ، دعنا نتعرَّف على 10 طرائق مثبتة علمياً لزيادة الإحساس بالسعادة:

1- ممارسة التمرينات الرياضية:

أتعتقد بأنَّك لا تمتلك ما يكفي من الوقت لممارسة التمرينات الرياضية؟ ربَّما تكون مخطئاً، إذ ثمَّة الكثير من التمرينات التي لا يحتاج تنفيذها إلى أكثر من 7 دقائق يوميَّاً، ويستطيع أيّ شخصٍ أن يَجِد لها مكاناً في جدول أعماله.

تستطيع التمرينات الرياضية التأثير بعمقٍ في سعادتنا وسلامتنا، وهي بذلك تُعَدّ استراتيجيةً فعّالةً لقَهر الاكتئاب. في إحدى الدراسات: قُسِم أشخاصٌ يعانون من الاكتئاب إلى ثلاث مجموعات، وعُولِج أفراد كلِّ مجموعةٍ إمَّا بالأدوية، أو بالتمرينات الرياضية، أو بمزيجٍ من الاثنين. كانت نتائج الدراسة مذهلةً، وعلى الرغم من أنَّ مستويات السعادة لدى المجموعات الثلاث كانت قد شهدت تحسُّناً في البداية، إلَّا أنَّ التقويمات التي أُجريَت لاحقاً أظهرت نتائج مختلفةً اختلافاً جذريَّاً.

بعد ستة أشهر، خضعت المجموعات الثلاثة لاختبارٍ لتقويم معدل الانتكاس (relapse rate)، تبيَّن فيه: أنَّ حالة الاكتئاب قد عادت إلى 38% من أولئك الذين تناولوا دواءً، أمَّا لدى أفراد المجموعة الذين تناولوا دواءً ومارسوا التمرينات الرياضية فقد كانت النتيجة أفضل قليلاً، حيث بلغت النسبة 31%. لكنَّ النتيجة الصادمة كانت التي أحرزتها المجموعة التي مارس أفرادها التمرينات الرياضية، حيث بلغ معدل الانتكاس لديهم 9% فقط.

لكن ليس من الضروري أن تكون مكتئباً حتّى تستفيد من التمرينات الرياضية، إذ بإمكان التمرينات الرياضية أن تساعد في: الاسترخاء، وتعزيز القوة الذهنية، وزيادة تقبُّل المرء لشكل جسمه، حتّى لو لم يخسر أيَّ كيلو غرام.

لقد بحثنا بحثاً معمَّقاً عن فوائد التمرينات الرياضية، ورأينا ما تفعله بالأدمغة، مثل: زيادة إفراز البروتينات والأندروفينات، التي تُعزِّز إحساسنا بالسعادة.

وجدت إحدى الدراسات التي نُشِرَت في مجلة (Journal of Health Psychology): أنَّ الأشخاص الذين يمارسون التمرينات الرياضية يَشعرون برضىً أكبر عن أجسامهم، حتّى لو لم يترافق ذلك مع أيّ تغيراتٍ على مستوى الجسم.

قوَّمت الدراسة التي أُجريَت على 16 ذَكَراً، و18 أنثى: أوزان المشاركين، وأشكال أجسامهم، وإحساسهم بالرضى عنها قبل ممارسة التمرينات الرياضية لِـ 40 دقيقةٍ كلَّ يوم ولمدة 6 أيامٍ، وممارسة القراءة لِـ 40 دقيقةٍ كلَّ يومٍ ولمدة 6 أيامٍ. وبعد 6 أيام، لم يتغير وزن الجسم ولا شكله في كلتا الحالتين، لكن يبدو أنَّ رضا المشاركين عن أجسامهم قد تحسَّن في عدة جوانب بعد ممارسة التمرينات الرياضية، مقارنةً بما كان عليه الحال قبل ممارستها.

2- النوم ساعات أطول:

نعلم أنَّ النوم يُساعِد أجسامنا في التعافي من الإرهاق الذي يصيبها خلال اليوم، وفي استعادة الصحة، وأنَّه يساعدنا في تركيز الانتباه والتحلي بمزيدٍ من الإنتاجية، وقد تبيَّن أنَّ النوم يُعَدُّ مهمَّاً كذلك للإحساس بالسعادة.

تتعامل اللوزة الدماغية (amygdala) مع المواقف السلبية، بينما يعالج الحُصيْن الذكريات الإيجابية أو المحايدة. يُعَدُّ الضرر الذي يُلحقه الحرمان من النوم بالحُصين أكبر من الذي يُلحقه باللوزة الدماغية، ونتيجةً لذلك يُخفِق الأشخاص الذين يعانون من الحرمان من النوم في استرجاع الذكريات الجميلة، لكنَّهم يسترجعون الذكريات الكئيبة بشكلٍ جيدٍ تماماً.

في إحدى التجارب، حاول مجموعةٌ من الطلاب الذين يعانون الحرمان من النوم تذكُّر قائمة كلماتٍ، وقد تمكَّنوا من تذكُّر 81% من الكلمات ذات المدلولات السلبية، مثل: كلمة “السرطان”، لكنَّهم لم يتمكَّنوا من تذكُّر سوى 31% من الكلمات ذات المدلولات الإيجابية أو المحايدة، مثل: كلمتَي “شروق” أو “صباح”.

وقد أثبتت دراسةٌ أخرى الدور الذي يؤديه النوم في زيادة حساسيّتنا تجاه العواطف السلبية وتأثُّرنا بها، إذ درس الباحثون مدى حساسية المشاركين تجاه العواطف الإيجابية والسلبية باستخدام تقنية التعرف إلى الوجه، فوجدوا أنَّ الأشخاص الذين مَضَت عليهم فترة ما بعد الظهر دون أن يَقيلوا، كانوا أشدَّ حساسيةً للمشاعر السلبية، مثل: الخوف والغضب.

وفي دراسةٍ أخرى، جرى اختبار مدى تأثُّر يوم العمل بأكمله بالمزاج الذي يسيطر على الموظفين حينما يبدؤون أعمالهم، وقد وجد الباحثون: أنَّ مزاج الموظفين الذي يسيطر عليهم حينما يبدؤون أعمالهم يُؤثِر في باقي فترات يومهم، ولقد أثَّر المزاج الذي كان يسيطر عليهم في مراحل النهار الأولى في نظراتهم إلى الزبائن، وفي تعاملهم مع المزاج الذي يسيطر على الزبائن.

والأهمُّ من ذلك بالنسبة إلى المديرين: أنَّ المزاج الذي يسيطر على الموظف أثَّر تأثيراً واضحاً في أدائه، بما في ذلك عدد المهمات التي أنجزها، ومدى إتقانه لها.

3- قضاء مزيد من الوقت مع الأصدقاء وأفراد العائلة:

يُعَدُّ الحفاظ على التواصل مع أفراد العائلة من بين أبرز خمسة أمورٍ يندم الإنسان على عدم القيام بها في أثناء احتضاره.

يُعَدُّ الوقت الذي نقضيه مع الآخرين ثميناً جدَّاً حينما يتعلَّق الأمر بتعزيز إحساسنا بالسعادة، حتّى بالنسبة إلى الأشخاص الانطوائيين، وقد وجدت العديد من الدراسات: أنَّ الوقت الذي نقضيه مع أفراد العائلة والأصدقاء، يُسهِم إسهاماً كبيراً في مشاعر السعادة التي نُحسُّ بها.

وقد وصف أحد الخبراء السعادة وصفاً جميلاً، إذ قال: “نحن نَسعَد حينما نكوِّن عائلةً ونحصل على أصدقاء، وجميع الأشياء الأخرى التي نظنُّ بأنَّها تُسعِدنا هي حقيقةً طرائق للحصول على مزيدٍ من أفراد العائلة والأصدقاء”.

“جورج فيلانت” هو مدير إحدى الدراسات التي استمرَّت 72 عاماً، ودرسَت حياة 268 شخصاً. طُرِح عليه في مقابلةٍ أُجريَت معه للحديث عن المواضيع التي تطرَّقَت إليها الدراسة – هذا السؤال: “ما الذي تعلَّمتَه من الرجال الذين أُجريَت عليهم الدراسة؟”. فأجاب “فيلانت”: “أنَّ الشيء الوحيد المهمَّ حقَّاً في هذه الحياة هو العلاقات مع الآخرين”.

قدَّم “فيلانت” أفكاراً ذُكِرَت في الدراسة حول إسهام العلاقات الاجتماعية التي يبنيها الرجال في إحساسهم العام بالسعادة. وقد جد “فيلانت” أنَّ العلاقات التي يبنيها الرجال في سن الـ 47 قد تنبَّأت بالتغيرات التي ستطرأ على أواخر حياتهم أكثر ممَّا تنبَّأ بذلك أيُّ شيءٍ آخر، ويبدو أنَّ العلاقة مع الإخوة تُعَدُّ فعالةً بشكلٍ خاص، إذ أنَّ 93% من الرجال الناجحين في سن الـ 65 كانت تجمعهم علاقةٌ وثيقةٌ بإخوانهم وأخواتهم حينما كانوا شُبَّاناً.

4- الإكثار من الخروج من المنزل:

من المفيد جدَّاً تخصيص بعض الوقت للخروج من المنزل في الأيام التي يكون الطقس فيها جميلاً، إذ وجدت إحدى الدراسات أنَّ قضاء 20 دقيقةً في الهواء الطلق حينما يكون الطقس جيداً لا يُعزِّز المزاج الإيجابي وحسب، بل يجعل آفاق التفكير أكثر اتِّساعاً، ويُحسِّن الذاكرة.

يُعَدّ هذا خبراً سارَّاً تماماً لأولئك الذين يفكرون في إدراج عادات جديدة على جداول أعمالهم المكتظة أساساً، إذ تُعَدُّ فترة 20 دقيقةٍ قصيرةً إلى حدٍّ يمكن معه ممارسة المشي في أثناء التوجه إلى العمل، أو في وقت استراحة الغداء.

أيضاً، وجدت إحدى الدراسات التي أجرتها جامعة ساسيكس في المملكة المتحدة: أنَّ الخروج إلى الهواء الطلق يمنح الناس مزيداً من السعادة، وفي حين يرى معظم الناس أنَّ أفضل مكانٍ يمكن الخروج إليه هو مكانٌ قرب البحر يكون الجو فيه مشمساً، تبيَّن أنَّ المشاركين سَعِدوا حينما خرجوا إلى الهواء الطلق وقضوا وقتهم في بيئةٍ طبيعيةٍ بشكلٍ أساسي أكثَر ممَّا سَعِدوا حينما قضوا وقتهم في أجواء المدينة.

5- مدّ يد العون للآخرين:

تُعَدُّ مساعدة الآخرين من الأمور التي تُدخِل السعادة إلى القلب، لكن تبيَّن أنَّ هذه النصيحة من أكثر النصائح التي يتجاهل الناس اتباعها. يجب علينا أن نُخصص -حقيقةً- 100 ساعةٍ كلَّ عام (أو ساعتين كلَّ أسبوع) لمساعدة الآخرين وإثراء حياتنا.

حينما أجرى الباحثون مقابلاتٍ مع أكثر من 150 شخصاً حول آخر عمليات الشراء التي أجروها، وجدوا أنَّ المال الذي أُنفِق على أنشطةٍ، مثل: الحفلات، وولائم العشاء الجماعية؛ جلَبَت متعةً أكبر من التي جلبَها شراء أغراضٍ، مثل: الأحذية، أو التلفزيونات، أو الساعات باهظة الثمن. وأنَّ إنفاق المال على الآخرين  أو ما يُدعى بـ “الإنفاق الاجتماعي”- يُعزِّز السعادة أيضاً.

وفي دراسةٍ نُشِرَت في مجلة (The Journal of Happiness Studies): طُلِب من المشاركين تذكُّر عملية شراءٍ قاموا فيها إمَّا بشراءٍ شيءٍ ما لهم أو بشراء شيءٍ لشخصٍ آخر، ثمَّ تذكُّر السعادة التي أحسُّوا بها في تلك اللحظة. بعد ذلك، قُدِّمت منحةٌ ماليةٌ إلى المشاركين وطُلِب منهم إنفاق هذه المنحة إمَّا على أنفسهم أو على شخصٍ آخر. أحَسّ المشاركون الذين طُلِب منهم تذكُّر عملية شراءٍ اشترَوا فيها غرضاً لأحدٍ أخر بسعادةٍ أكبر بكثيرٍ بعد تذكُّر تلك الحادثة مباشرةً، والأهمُّ من ذلك أنَّه كلَّما ازداد إحساس المشاركين بالسعادة ازداد احتمال إنفاقهم المنحة المالية مستقبلاً على شخصٍ آخر.

ها قد عرفنا إذاً أنَّ إنفاق المال على الآخرين يُسعِدُنا أكثر من شراء أغراضٍ لنا، لكن ماذا عن إنفاق الوقت على الآخرين؟

أجرَت إحدى الدراسات بحثاً لاستكشاف مدى تأثُّر المتطوعين حينما يُحرَمون من فرصة تقديم المساعدة للآخرين، إذ بعد انهيار جدار برلين بوقتٍ قصيرٍ، وقبل اتحاد شطرَي ألمانيا، جُمِعَت الدفعة الأولى من البيانات لصالح “الفريق الاجتماعي الاقتصادي الألماني” (GSOEP) في ألمانيا الشرقية. في تلك الأثناء، كان التطوع لا يزال منتشراً على نطاقٍ واسع، ولكن بسبب حالة الإرباك التي سبَّبها اتحاد شطري ألمانيا، أُغلِق قسمٌ كبيرٌ من البُنى التحتية المخصصة لأعمال التطوع (مثل النوادي الرياضية المرتبطة بالشركات)، وفقد الناس فرصهم في التطوع.

من خلال مقارنة التَّغير الذي طرأ على السلامة الشخصية لهؤلاء الأشخاص، مع السلامة الشخصية لمجموعةٍ أخرى من الأشخاص الذين لم يطرأ على أنشطتهم التطوعية أيّ تغيير؛ توصّل الباحثون إلى نظريةٍ مفادها: أنَّ التطوع يُعَدُّ نشاطاً مُجزياً من ناحية زيادة الإحساس بالرضا عن الحياة.

6- التبسُّم:

يستطيع التبسُّم منحنا إحساساً أفضل، لكنَّ إحدى الدراسات تشير إلى أنَّه من الأفضل أن ندعم ابتساماتنا بأفكارٍ إيجابية. تَذكُر دراسةٌ أجرتها “جامعة ولاية ميشيغان”: أنَّ الموظفين الذين يعملون في خدمة الزبائن، ويبتسمون ابتساماتٍ مُصطنعةً خلال النهار، يسوء مزاجهم ويتركون أعمالهم، وهذا يؤثر في إنتاجية الشركة؛ لكنَّ الموظفين الذين يبتسمون نتيجة الأفكار الإيجابية التي تتراكم في عقولهم، مثل: التفكير في قضاء إجازةٍ في المناطق الاستوائية، أو في الأطفال، يتحسَّن مزاجهم ويَقِلُّ عدد المنسحبين منهم من أعمالهم.

يمنحنا التبسُّم إحساساً جيداً، وهذا يُعزِّز مرونة تركيزنا وقدرتنا على التفكير تفكيراً شاملاً. حينما أُجريَت اختباراتٌ في العام 2010 للتحقق من هذه الفكرة، أظهرت النتائج: أنَّ المشاركين الذين ابتسموا، قدَّموا أداءً أفضل في المهام التي تتطلَّب انتباهاً وتحتاج إلى رؤية الصورة الكاملة عوضاً عن أجزاءٍ منها.

تُعَدُّ الابتسامة أيضاً طريقةً جيدةً لتخفيف بعض الألم الذي نُحِسُّ به حينما نَمُرُّ بظروفٍ مثيرةٍ للقلق، وتُعَدُّ الابتسامة طريقةً لتخفيف التوتر الناجم عن المواقف المُحبِطة؛ يُطلِق علماء النفس على هذا اسم “نظرية ردود أفعال الوجه” (facial feedback hypothesis). حتّى الابتسامة المُصطنعة التي لا نُحِسُّ بأنَّها تكفي لرفع معنوياتنا، ترفع معنوياتنا قليلاً.

7- التخطيط للإجازات:

يستطيع مجرد التخطيط للعطلة، دون التعطيل فعلاً، أن يُعزِّز إحساسك بالسعادة، إذ أظهرت دراسةٌ نُشِرَت في مجلة (Applied Research in Quality of Life): أنَّ الإنسان يصل إلى ذروة السعادة حينما يُخطِط للإجازة، لأنَّ الناس يستمتعون بإحساس الترقب الذي يشعرون به في أثناء ذلك. في الدراسة: عزّز ترقب العطلة سعادة المشاركين مدة 8 أسابيع، وبعد العطلة عادت السعادة لدى معظم الناس إلى مستوياتها الأساسية.

ووجدت إحدى الدراسات أنَّ الأشخاص الذين فكروا فقط في متابعة أفلامهم المفضلة، ارتفعت لديهم مستويات الأندروفين فعلاً بنسبة 27%.

إذا لم يكن لديك الآن متَّسعٌ من الوقت للخروج في إجازةٍ، أو حتّى لقضاء ليلةٍ مع الأصدقاء؛ فضع على رزنامة أعمالك موعد إجازةٍ، حتّى لو كان هذا الموعد بعد شهرٍ أو عام، ثمَّ تذكَّر موعد إجازتك هذا كلَّما كنت بحاجةٍ إلى جرعةٍ من السعادة.

8- التأمُّل:

يُعَدّ التأمُّل -في كثيرٍ من الأحيان- عادةً هامّةً تُعزِّز: التركيز، والصفاء الذهني، واليقظة؛ إضافةً إلى أنَّه يساعد الشخص في استعادة الهدوء. وتبيَّن أيضاً أنَّ التأمُّل يُعزِّز الإحساس بالسعادة.

في إحدى الدراسات، اطَّلع فريق باحثين من المشفى العام في ماساشوستس على اختبارات فحصٍ دماغيٍّ أجراها 16 شخصاً قبل المشاركة في دورة تأمُّلٍ مدتها ثمانية أسابيع. وبعد انتهاء الدورة، توصَّلت الدراسة إلى أنَّ أجزاءً من أدمغة المشاركين المرتبطة بالشغف والوعي الذاتي نَمَت، بينما انكمشَت أجزاءٌ من أدمغتهم ترتبط بالتوتر.

يُنظِّف التأمل الدماغ حرفيَّاً، ويُعيد الهدوء إليك، وقد تبيَّن أنَّه الطريقة الوحيدة الفعّالة لعيش حياةٍ أكثر سعادة في كثيرٍ من الأحيان.

ثمَّة دراساتٌ أثبتت أنَّنا في الدقائق التي تَلي ممارسة التأمُّل مباشرةً، نُحِسُّ بمشاعر الهدوء والرضا، إضافةً إلى ازدياد وعينا وقدرتنا على إظهار التعاطف. وتُظهِر الأبحاث أيضاً أنَّ ممارسة التأمُّل بانتظامٍ يمكن أن تُعيد ربط بعض خلايا الدماغ ببعضها الآخر ربطاً دائماً؛ بهدف رفع مستويات السعادة.

ومن أبرز الحقائق المذهلة عن التأمُّل: أنَّ بإمكانه فعلاً تغيير تركيبة الدماغ. وهذا يؤكد أنَّ مشاعرنا التي نُحِسُّ بها اليوم، والأفكار التي تجول في رؤوسنا؛ ليست ثابتة.

9- العيش قرب مكان العمل:

من المفاجِئ أن نعلم أنَّ الطريق الذي نسلكه إلى العمل قد يؤثر بشدةٍ في إحساسنا بالسعادة. إنَّ الحقيقة التي تقول: “إنَّنا مضطرون إلى قطع طريق العمل مرتين يوميَّاً، وخمس مراتٍ في الأسبوع على الأقل”، قد تجعل من غير المفاجِئ أن نعلم أنَّ تأثير رحلات الذهاب والإياب هذه يتراكم مع مرور الوقت، ويسلب منَّا الإحساس بالسعادة رويداً رويداً. ووفقاً للباحثين: يُخفِق الناس -في كثيرٍ من الأحيان- في إدراك التأثيرات الخطيرة التي تطالهم نتيجة طول المسافة التي يقطعونها من المنزل إلى مكان العمل.

على الرغم من أنَّ العديد من الشروط التي نفرضها على أنفسنا طوعاً لا تؤثر في سعادتنا على المدى البعيد؛ لأنَّنا نعتاد عليها، إلَّا أنَّ الناس لم يعتادوا أبداً على الرحلة التي يقطعونها يوميَّاً إلى العمل؛ لأنَّ حركة المرور تكون سيئةً في بعض الأحيان، وغير سيئةٍ في أحيانٍ أخرى.

ثمَّة من يحاول التعويض عن طول المسافة الفاصلة بين العمل والمنزل بشراء منزلٍ أكبر، أو الحصول على وظيفةٍ أفضل؛ لكنَّ هذه الأشكال من التعويض لا تنجح. وقد وجد عالِما اقتصادٍ سويسريان دَرَسَا تأثير المسافة التي نقطعها من المنزل إلى العمل في سعادتنا: أنَّ مثل هذه العوامل لا تعالج البؤس الذي نُحِس به نتيجة طول المسافة الفاصلة بين المنزل ومكان العمل.

10- التعبير عن الامتنان:

قد تبدو هذه استراتجيةً بسيطةً، لكن تبيَّن أنَّها تؤثر تأثيراً كبيراً في الأفكار. ثمَّة الكثير من الطرائق التي يمكن من خلالها التعبير عن الامتنان، منها: الاحتفاظ بدفتر مذكرات تُدوَّن فيه كلَّ الأشياء التي تُجعلك تُحسُّ بالامتنان، والحديث مع الأصدقاء أو الزوج (أو الزوجة) كلَّ يومٍ عن ثلاثة أمورٍ جيدةٍ حصلت معك خلال اليوم، وأن تبذل أقصى ما بوسعك للتعبير عن امتنانك للآخرين حينما يساعدونك.

في تجربةٍ طُلِب فيها من المشاركين كتابة الأشياء التي تجعلهم يُحِسُّون كلَّ يومٍ بالامتنان: تحسَّن مزاج المشاركين من خلال ممارسة هذا الإجراء البسيط فقط، وأظهرَت المجموعة التي عبَّر أفرادها عن امتنانهم مستوياتٍ أعلى من السلامة في العديد من نتائج الدراسات الثلاثة التي أُجريَت في الاختبار -وليس فيها كلَّها- مقارنةً بالمستويات التي حققها أفراد المجموعات الأخرى.

لماذا نزداد سعادةً كلَّما تقدمنا في السن؟

كلَّما تقدمنا في السن، وتخطينا بشكلٍ خاص منتصف العمر، نزداد سعادةً بشكلٍ طبيعي. لا يزال ثمَّة بعض الخلافات حول سبب حصول ذلك، لكنَّ العلماء لديهم بعض الأفكار:

  • وجد باحثون (من بينهم كُتَّاب): أنَّ كبار السن الذين تُعرَض عليهم صور وجوهٍ أو مواقف، يميلون إلى تركيز الاهتمام على الوجوه أو المواقف الأكثر إثارةً للسعادة وتذكُّرها أكثر مما يركزون الانتباه على الوجوه السلبية أو يتذكرونها.
  • واكتشفت دراساتٌ أخرى: أنَّ مع تقدم الناس في السن فإنَّهم يبحثون عن مواقف ترفع معنوياتهم، يسعى هؤلاء -مثلاً- إلى تقليص دوائر الأصدقاء أو المعارف المحيطين بهم، والتخلص من الأشخاص الذين قد يثيرون إحباطهم.
  • بينما وُجِد في دراساتٍ أخرى: أنَّ الكبار في السن يتعلَّمون تجاوز حالات الخسارة أو الإحباط التي سببتها الأهداف التي أخفقوا في تحقيقها، وتركيز أهدافهم على بلوغ مستوياتٍ أعلى من السعادة.

إذا كنت تظنُّ بأنَّ التقدم في السن يجعلك إنساناً بائساً، فتذكَّر أنَّ ذلك من المحتمل أن يجعلك تفكر بطريقةٍ ربَّما تكون أكثر إيجابيةً من طريقة تفكيرك الآن.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!