هل الأشخاص الكسالى هم أفضل الموظفين؟

الكسل هو عدم الرغبة في القيام بأي عمل، وهذه الحالة تعتبر من أسوأ الحالات التي تؤثر على الحياة الشخصية والمهنية للشخص. ففي الغالب ما يكون الشعور بالكسل علامة على حاجتنا إلى الراحة. فهل الأشخاص الكسالى هم أفضل الموظفين، هذا ما سوف نتعرف عليه من خلال السطور التالية.

ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن “أيتيكن تانك” (Aytekin Tank) المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “جوت فورم” (JotForm)، والذي يُحدِّثُنا فيه عن الكسل وطرق الاستفادة منه.

أصعب طريقة ليست أفضل طريقة في كثير من الأحيان، ففي الواقع في عالم الشركات الناشئة، يمكن أن تكون الخدمة الممتازة للعملاء خطيرة تماماً مثل الخدمة الاعتيادية عندما يكون الوقت والمال موارد محدودة، وبهذه الحالة سيكون الحل الأبسط للمشكلة فعالاً بشكل أكبر، فالشخص الذي يختار الفاكهة الأكثر دنواً لا يُعَدُّ كسولاً، وكذلك الشخص الذي يختار أسهل الطرائق، والشخص الذي يقوم بأخذ إجازة ليس من الضروري بأن يتَّصفوا بالكسل، فهي تجعلهم جيدين في تحديد الأولويات وعاملين أكفاء وأشخاصاً أكثر قدرة على التكيف.

وتصنيف كل هذه السلوكات على أنَّها كسل يُعَدُّ تصرفاً غير دقيق، ويُعَدُّ كسلاً أيضاً، ولكن من السهل قول هذه الكلمة لنا وللآخرين على حدٍ سواء، فقد تصف زميلاً فوَّت موعداً نهائياً على الرغم من وجود متسع من الوقت بأنَّه كسول، أو قد تُطلِق هذه الصفة على من يفضلون النوم على الذهاب إلى النادي الرياضي، ولكنَّ الأمر ليس بتلك السهولة، فالكسل ليس مشكلة؛ وإنَّما هو علامة مَرَضيَّة، وفي غالب الأحيان ما نرفض رؤيتها بهذه الطريقة؛ وذلك لأنَّ الأسباب العميقة لترددنا في اتخاذ إجراء يمكن أن تكون حقائق غير مريحة،

فنحن بحاجة إلى معرفة الأسباب على أي حال؛ وذلك لأنَّها في الواقع ما يعوقنا، وليس الكسل.

في البداية، غالباً ما يكون الشعور بالكسل علامة على حاجتنا إلى الراحة، وأريد أن أوضح شيئاً واحداً؛ وهو أنَّ الراحة لا تعني الكسل.

إنَّها فكرة خاطئة شائعة؛ إذ إنَّهما كثيراً ما يبدوان متشابهَين؛ حيث يُعَدُّ الاسترخاء بدلاً من العمل وإعطاء الأولوية للمهام الشخصية على المهنية أو عدم الاستيقاظ في الساعة 6 صباحاً على أنَّه كسل؛ لذا تعاني الثقافة السائدة في المؤسسات التكنولوجية عموماً من هذه المشكلة؛ إذ إنَّ مفهوم الإنتاجية أكثر أهمية من الإنتاجية الفعلية.

في بعض الأحيان، يكون العمل الأكثر إنتاجية الذي يمكنك القيام به هو الراحة، وكما ذكرتُ من قبل، فإنَّ الراحة أمر بالغ الأهمية للإنتاجية؛ حيث تُعَدُّ الراحة جزءاً من العمل، ولا يمكن أن يعمل أحدهما دون الآخر؛ لذا يمكن تخصيص وقت للراحة في أثناء أيام العمل، مثل المشي لمسافات طويلة؛ إذ إنَّها يمكن أن تكون فعالة في توليد الأفكار الإبداعية، وتُعَدُّ الاستراحات الطويلة أمراً بالغ الأهمية في تفادي الإرهاق، وما قد يبدو كسلاً للآخرين قد يجعلك أفضل.

السر هو أن ترتاح فعلاً عندما تقرر أن ترتاح، فلا تُقلِق راحتك من خلال تفقُّد هاتفك ولا ترد على البريد الإلكتروني في عطلتك، وخذ وقتاً للراحة، وامنح زملاءك هذه المساحة أيضاً؛ إذ إنَّه من المحتمل أن تعود متحمساً وأفضل استعداداً للعمل.

ماذا يمكن أن نكتشف أيضاً من الشعور بالكسل؟

لنفرض أنَّك أخذتَ قسطاً كافياً من الراحة، ولكن ما زلتَ تواجه مشكلة عدم الشعور بالتحفيز في ساعات العمل، فهل هذا يجعلك كسولا؟

إنَّ الأمر ليس بهذه البساطة؛ حيث يلوم معظمنا أنفسهم للافتقار إلى الحافز؛ لأنَّنا نَعُدُّه فشلاً شخصياً، وبدلاً من توبيخ نفسك، ماذا لو بدأتَ طرح التساؤلات؟ حاول أن تسأل نفسك لماذا تتجنب بعض المهام، ولا تكتفِ بالإجابات السهلة؟ فربما لستَ متحفزاً في وظيفتك الآن؛ لأنَّك لا تتعلم أي شيء جديد، وربما تكون خائفاً من التغيرات التي تصاحب التقدم أو ربما تكون خائفاً من الفشل نفسه، مثل خوفك من فشل مشروعك الطموح.

حل هذه المشكلات أكثر تعقيداً من حل مشكلة الكسل، ولمعالجتها في الآخرين، خاطبهم بأسلوب يتَّسم بالتعاطف العميق؛ إذ ليس من السهل التحدث عن المخاوف النابعة من عدم الكفاءة أو فقدان المعنى في عملك؛ أي إنَّها مشكلة بشرية وليست مشكلة نتائج، لكنَّها تؤثر في النتائج.

لكنَّ التواصل مع الآخرين في العمل يجعل الناس أكثر إنتاجية، فمن خلال طرح التساؤلات بدلاً من الافتراض أنَّ الكسل هو السبب، سوف تفهم المشكلة، ولتحديد هذه المشكلات التي تمرُّ فيها، عليك تقييم المعلومات التي جمعتَها من خلال افتراضك أنَّ الكسل هو المشكلة وتحديد ما يعوقك، سواءً كان السبب ميولك إلى الكمال أم انخفاض الكفاءة الذاتية لديك، هو الخطوة الأولى نحو اتخاذ إجراء.

خطر الكسل هو أنَّه سيتحول إلى جمود؛ لذلك اتَّخِذ قرارات تعالج السبب الجذري؛ والنتيجة لن تكون أكثر إنتاجية فحسب؛ بل ستكون أكثر سعادة؛ إذا إنَّ هذا الأمر هام، ليس فقط لأنَّك شخص يستحق السعادة؛ وإنَّما أيضاً لأنَّ الأشخاص السعداء في العمل يكونون أكثر نجاحاً؛ حيث تؤثر المشاعر في التفكير؛ لذلك إذا كنت أكثر رضا عن عملك، فسوف تتبع أفكارك وأفعالك هذه التأثيرات الإيجابية.

ماذا يجب أن نفعل حيال هذا الأمر؟

استفد من مبدأ التقدُّم، وينص مبدأ التقدُّم على أنَّه: “من بين كل الأشياء التي يمكن أن تعزز المشاعر والتحفيز والتصورات خلال يوم العمل، فإنَّ الشيء الوحيد الأكثر أهمية هو إحراز تقدم في العمل الهادف”؛ حيث يمكن أن يساعد الإحساس بالتقدم والاستمتاع بالمكاسب الصغيرة على محاربة هذا الصوت في رأسك الذي يقول إنَّ العمل صعب للغاية أو إنَّ المشروع كبير جداً ولا يمكن إنجازه.

استرِح قليلاً وخُذ قيلولة، وتشير الدراسات إلى أنَّ قيلولة لمدة 30 دقيقة يمكن أن تعيد الأداء إلى مساره وقيلولة لمدة 60 دقيقة يمكن أن تُحسِّن من مستوى الأداء؛ أي إنَّك إذا كنتَ تشعر بالكسل، فقد يكون هذا دليلك على أنَّه قد حان الوقت لتأخذ استراحة، وتذكَّر: مفهوم الانشغال يختلف عن مفهوم الإنتاجية، وقد يكون من الأفضل حقاً قضاء وقتك في غفوة سريعة.

ركز في أمور أخرى؛ حيث يُعَدُّ الافتقار إلى المعنى في عملك عاملاً أساسياً يساهم في تقلص الحافز؛ أي إذا كنتَ لا تريد – أو لم تكن في وضع يسمح لك – بإجراء تغيير كبير، فلاحِظ الأشخاص الذين يؤثر عملك فيهم، إضافةً إلى النتائج التي تحققها؛ حيث يؤدي هذا إلى تحويل التركيز من المهام التي تحتاج إلى إنجازها إلى كيفية مساعدة الأشخاص، داخلياً وخارجياً.

في الواقع عليك أن تسترخي، فقد يكون الاسترخاء مرعباً، خصوصاً بالنسبة إلى أصحاب الشركات، فهكذا كان الأمر بالنسبة إليَّ، حتى أدركتُ أنَّ العمل الذي كنتُ أؤجله كان عملاً لا يجب أن أقوم به في المقام الأول، ولقد شعرتُ بالكسل عندما أوكلتُ هذه المهام إلى أشخاص آخرين ولكن الآن، تُنفَّذ هذه المهام بحماسة من قِبل شخص يعرف الكثير عنها أكثر مما أعرف أنا؛ حيث أصبح لدي الوقت للقيام بالعمل الذي يثير حماستي.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!