5 أسباب تجعل السعي نحو المثالية أمراً غير مثالي

إنَّ المثالية مرض يعاني منه الأشخاص الطموحون، فبعض الناس قد يكونون مبهورين بها لكنَّ الشخص المثالي فقط هو الذي يعلم العذاب الحقيقي الذي تسببه هذه العادة، وفيما يلي بعض الأسباب التي تجعل من السعي نحو الكمال أمراً غير مثالي، وكيف يمكن أن يمنعك من أن تكون أفضل.

Share your love

لا شك أنَّ التفاني في العمل يساعدنا على تحقيق نتائج عظيمة؛ ولكنَّ السعي إلى الكمال يخفي وجهاً آخر بين طياته قد لا يدركه أحد؛ فمن المؤكد أنَّ السعي نحو الكمال، والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة يساعدنا على التنمية، والوصول إلى أهدافنا؛ ومع ذلك، وبقدر ما قد يبدو الأمر متناقضاً، يمنعنا الإفراط في المثالية من أن نُخرِج أفضل ما لدينا حينما نبدأ بوضع معايير غير واقعية، فنسمح للخوف من الإخفاق بأن يعيقنا.

لذا، سنستعرض فيما يلي بعض الأسباب التي تجعل من السعي نحو الكمال أمراً غير مثالي، وكيف يمكن أن يمنعك من أن تكون أفضل نسخة من نفسك.

لماذا لا يُعد السعي إلى الكمال أمراً مثالياً؟

لا يعدُّ السعيُ إلى الكمال مثالياً لأنَّه:

1. يقلل من كفاءتك:

بصفتك شخصاً يسعى نحو الكمال، فأنت تقضي وقتاً أطول في محاولة تحسين المهمة التي تحاول إنجازها حتى من بعد ما تنتهي من إنجازها؛ إذ قد يستغرق هذا الأمر 10 دقائق، أو يمتد ليصل إلى 30 دقيقة، ثم إلى ساعة، أو أكثر من ذلك؛ إذ إنَّنا نقضي وقتاً أطول مما هو مطلوب بالفعل في إنجاز مهمة ما.

وكي تتمتع بالكفاءة الحقيقية، يجب عليك أن تحقق توازناً بين أفضل ما بوسعك  إنجازه، والمستوى “الجيد” الذي يتطلبه مشروع معين؛ إذ لن يتوقع أحد منك الكمال؛ لأنَّه يستحيل تحقيقه في نهاية المطاف؛ لذا، ابذل قصارى جهدك ضمن إطار زمني معقول، وأظهِر قدراتك الحقيقية للعالم.

2. يقلل من فعاليتك:

قد نضيف أموراً صغيرةً لعملنا، ظناً منا أنَّها قد تبدو “إضافةً جيدةً” دون التفكير بوعي فيما إذا كانت ضروريةً بالفعل؛ ولكن أحياناً، قد لا تمنح هذه الإضافات عملنا أي قيمة، بل وقد تُفسده أيضاً.

على سبيل المثال: قد تُربك التفاصيل غير الضرورية التي تزحم بها عرضك التقديمي المستمعين، كما أنَّ المغالاة في وضع عدد كبير من الوظائف الإضافية في مخطط مدونتك قد يصعِّب على المستخدمين استخدامها؛ فالاتساق مفتاح نجاحك، وإذا غيَّرتَ الأمور باستمرار، فستصبح أكثر صعوبة بكل تأخير، ولا ضير في البساطة أحياناً.

3. يزيد من التسويف:

تؤدي رغبتنا في جعل كل جانب من جوانب المشروع الذي نحاول إنجازه مثالياً؛ إلى المبالغة في تعقيده، وقد نعطي مجرد مهمة بسيطة أكبر من حجمها إلى درجة أنَّها تُشعرنا بالرهبة بشكل غير إرادي؛ مما يجعلنا نماطل في إنجازها، منتظرين اللحظة “المثالية” قبل أن نبدأ بها، وقد لا تأتي هذه اللحظة أبداً إلا بعد فوات الأوان.

لذا، بدلاً من الإفراط في التفكير في الأمر، حدِّد أهدافاً صغيرةً لتنجزها في حال كان يجب عليك إنجاز مشروع كبير؛ مما سيساعدك في التعامل معها خطوةً تلو الأخرى، وإكمالها قبل انقضاء الموعد النهائي.

شاهد بالفديو: 7 طرق تمنع بها نفسك من الإفراط في التفكير

[wpcc-iframe class=”embed-responsive-item lazyload” src=”https://www.annajah.net/fe/images/annajah_large.jpg” width=”200″ height=”385″ frameborder=”0″ allowfullscreen=”” data-src=”https://www.youtube.com/embed/8XtFbtsPXZw?rel=0&hd=0″]

4. يجعلك تغفل عن رؤية الصورة الكبرى للأمور:

بصفتك شخصاً يسعى نحو الكمال، فأنت تعير كامل انتباهك إلى التفاصيل، بكيفيةٍ تنسى فيها الصورة الكبرى، والهدف النهائي للأمور؛ لذا، تراجع خطوةً إلى الوراء، وتذكَّر هدفك النهائي، وجرِّب وضع جدول زمني يساعدك على الالتزام بالعمل الذي يجب عليك إنجازه؛ دون اجترار الأفكار حول الأمور التي يمكن تحسينها.

5. يسبب افتعال مشكلات غير مبررة:

عندما نسعى إلى الكمال، قد نتوقع المشكلات قبل ظهورها، ونتوصَّل إلى حلول لمعالجتها؛ بطريقة يصبح فيها استباق المشكلات هاجساً لنا، ثم يتضح في نهاية الأمر أنَّ معظم هذه المشكلات لا تحدث أبداً، أو أنَّها ليست بتلك الأهمية التي تصورناها.

متى يصبح السعي إلى الكمال مشكلة؟

لا تتعلق المشكلة بالمثالية على وجه التحديد؛ إذ يمكن أن تكون أمراً جيداً؛ لأنَّها تساعدنا على السعي باستمرار لنحقق التميز، ونصبح أفضل، بل تكمن المشكلة في أنَّ تلك المعايير العالية التي نضعها قد تتحول إلى هوس، إلى درجة أنَّ الشخص يصبح مهووساً بتحقيق “الكمال” في كل ما يفعله، ويرفض تقبُّل أي شيء أقل من الكمال؛ إذ ينسى الهدف برمته خلال ذلك، ممَّا يؤثر سلباً في صحته النفسية.

يُعرَف هذا النوع من السعي إلى الكمال بـ”الكمالية سيئة التكيف”؛ إذ يقضي أصحابها الكثير من الوقت في وضع توقعات عالية، والسعي إلى بلوغ الكمال، مما يزيد من مستويات الاكتئاب والقلق لديهم.

لا يكمن الحل في التوقف عن السعي نحو الكمال، أو تحقيق الإنجازات الكبيرة؛ بل يجب عليك أن تكون واعياً ميولك نحو المثالية، وإدارتها وفقاً لذلك، لتكون بذلك شخصاً مثالياً معتدلاً، وتحقق التميز الشخصي، وليس شخصاً مبالغاً في المثالية وغير قادر على التأقلم، ممَّا يفسد سعيك إلى تحقيق التنمية الشخصية.

كيف تصبح شخصاً مثالياً سليماً؟

1. ضع حدوداً للنتائج التي تحققها:

تقول قاعدة 80/20 إنَّه يمكن تحقيق 80٪ من النتائج خلال 20٪ من الوقت المستغرق؛ فبإمكانك أن تقضي جُلَّ وقتك في محاولة تحقيق نسبة 100٪ من النتائج، أو بإمكانك أن تضع حدوداً لوقتك كي تحقِّق خلاله غالبية النتائج، وتبدأ العمل بمشروع جديد.

إنَّ الهوس بالتفاصيل أمر مرهق وممل، ولا يساعدك على تحقيق النتائج المرجوة؛ فلربما تعمد إلى مراجعة منشور في مدونة 3 أو 4 مرات قبل نشره، والتي لا يسفر عنها سوى تغييرات طفيفة في الصياغة أو الأخطاء المطبعية العادية؛ إذ لا تفيدك بأي شيء سوى أنَّها تضيِّع وقتك.

2. انتبه لما تتخلى عنه:

عندما نقضي جل أوقاتنا وطاقتنا في عمل أمر ما، فإنَّنا نحرم أنفسنا من فرصة تكريس المقدار نفسه من الوقت والطاقة لأمر آخر؛ إذ ثمة الكثير من الأشياء التي يمكننا القيام بها، ويجب علينا أن نكون مدركين الأمور التي نتخلى عنها، لنتمكن من وضع حدود أفضل.

على سبيل المثال: إذا كان لديك عمل غير هام يستغرق إنجازه ساعة، فيمكنك أن تقضي هذه الساعة في إنجاز عمل أهم ويفيدك أكثر؛ فإدراك هذا الأمر سيساعدك على اتخاذ خيارات أفضل حول كيفية قضاء وقتك.

3. انظر إلى الصورة الكبيرة للأمور:

ما هو الهدف النهائي، والنتيجة التي ترغب في بلوغها؟ وهل ما تفعله يقودك إلى تحقيق رؤيتك الشاملة؟ بصفتك شخصاً يسعى نحو الكمال، احرص على أن تركِّز انتباهك على الهدف النهائي من خلال إنشاء جدول تسجِّل فيه أهدافك الشهرية والأسبوعية، وتتفقَّده كل يوم لتتأكَّد من أنَّ ما تفعله يسهم في تحقيق أهدافك الأسبوعية، ثم الشهرية لتبقى على المسار الصحيح.

4. ركِّز على الأهداف الكبرى:

تتمثَّل الأهداف الكبرى في الأنشطة الهامة، وذات التأثير الكبير في حياتك؛ لذا اسأل نفسك عما إذا كان ما تفعله له تأثير حقيقي، وتوقف عن العمل به إن لم يكن كذلك، أمَّا إذا لم يكن له أهمية كبيرة، فألغِه من قائمة أولوياتك، أو فوِّضه لشخص آخر، أو أنجزه بسرعة.

ابحث عن المهام التي لها أهمية كبيرة، واقضِ وقتك في عملها بدلاً من ذلك، كما أنَّ رؤية الصورة الكبيرة للأمور يساعدك على معرفة الأهداف الكبرى التي تساهم في تحقيق الهدف النهائي.

5. حدِّد وقتاً معيناً:

يخبرنا قانون باركنسون (Parkinson’s Law) أنَّ العمل يستغرق الوقت الذي نخصِّصه له؛ فإذا خصَّصت 4 أو 3 ساعات، فإنَّك ستنهي العمل في حدود الوقت المحدد له، وإن لم تحدِّد أي حد زمني، فستستغرق وقتاً طويلاً جداً لإنجازه؛ لذا، حدِّد وقتاً معيناً، وأنجِز المهمة بحلول ذلك الوقت؛ إذ قد تجد الكثير من الأمور التي يمكنك تحسينها في العمل؛ ولكن يجب عليك وضع حدٍّ لما تفعله عند مرحلة معينة.

6. تصالَح مع أخطائك:

يعود السبب الذي يجعل المثاليين مهووسين بعملهم جزئياً إلى أنَّهم يريدونه خالياً تماماً من الأخطاء؛ ومع ذلك، فإنَّ محاولة تحقيق نسبة 100٪ من المثالية أمر غير فعال مطلقاً؛ فإذا كنا منشغلين بجعل عمل واحد فقط مثالياً، فلا يمكننا إنجاز أي مهمة هامة أخرى.

لذا تذكَّر دائماً أنَّ ارتكاب الأخطاء ثمنٌ يجب علينا تقبُّله؛ وكلما تقبَّلنا أخطاءنا أكثر، تعلَّمنا منها بسرعة أكبر، وأسهمت هذه الأخطاء في تنمية شخصيتنا بمرور الوقت.

7. تأكَّد من أنَّ تخوفك وقلقك لن يُسفرا عن شيء:

لا شك أنَّ التخطيط والاستعداد أمر جيد؛ ولكن ينبغي أحياناً أن تترك الأمور تسير كما هي دون التخطيط لكل شيء، وتتعامل مع المشكلات عند ظهورها، ولا تُنهك نفسك بالتفكير؛ فالإفراط في استباق الأمور يجعلك تحيا في مستقبل وهمي، ويحرمك متعة العيش بهناء في الحاضر.

لا يعني هذا ألا تهتم لأي أمر، بل يعني أنَّ بإمكانك دائماً التحكم في معظم الأمور التي تحدث لحظة حدوثها، دون تكبُّد عناء القلق بشأنها مسبقاً.

8. استرح:

إذا كانت إنتاجيتك تتضاءل، نَل قسطاً من الراحة، ثم عُد إلى العمل بعدها؛ إذ يمنحك ذلك منظوراً جديداً، ويعزِّز تركيزك وهو ما ينعكس إيجاباً على جودة عملك.

الخلاصة:

ليس من الضروري أن يكون السعي نحو الكمال أمراً سلبياً؛ فإذا كنت كذلك، يمكنك استخدام ذلك لمساعدتك في أن تفعل ما تحبه بشكل أفضل؛ ومع ذلك، لكل شيء وقته ومكانه المناسبان، ومن الهام أن تتعلم استراتيجيات للتغلب على السعي نحو الكمال عندما يصبح هاجساً؛ وبدلاً من إنجاز عملك بشكل مثالي، ابذل قصارى جهدك وامضِ قدماً؛ إذ سيساعدك ذلك على التقدم بسرعة أكبر.

المصدر

Source: Annajah.net
شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Stay informed and not overwhelmed, subscribe now!